خبر عندما يلتقي ثوري ومحافظ -هآرتس

الساعة 08:14 ص|22 مايو 2011

عندما يلتقي ثوري ومحافظ -هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: ما هو الثمن الذي ستكلفه لاءات نتنياهو الاربع اسرائيل لاصلاح العلاقات بالقوة العظمى امريكا؟ - المصدر).

        كل حياة بنيامين نتنياهو المهنية باعتباره دبلوماسيا وسياسيا هيأته لهذه اللحظة. اللحظة التي يمثل فيها مثل السمسار الأكبر للشعب اليهودي أمام زعيم العالم، ويطلب اليه أن يمنع المحرقة التي تقف على الباب. هذا ما حدث له في اللقاء أول أمس مع براك اوباما. جاء رئيس الحكومة الى البيت الابيض ليحاضر رئيس الولايات المتحدة في اربعة آلاف سني التاريخ اليهودي وفي المطاردات واعمال الطرد والمذابح وقتل الملايين، وليحذره من "سلام يقوم على أوهام" قد يفضي الى كارثة جديدة. قال نتنياهو الذي شبّه نفسه بيقين في تلك اللحظة بسيدنا موسى وثيودور هرتسل الآن قال: "التاريخ لن يمنح الشعب اليهودي فرصة اخرى".

        يُبين الكلام الذي قاله نتنياهو إزاء عدسات التصوير في الغرفة البيضوية انه يُشبه اوباما بتشمبرلين – الزعيم الذي وقع بسذاجته على "سلام أوهام" اتفاق ميونيخ، الذي أفضى الى الحرب العالمية الثانية والى المحرقة. وعرض نتنياهو على اوباما لاءاته الاربع: لا لانسحاب الى خطوط 1967، ولا لانسحاب عن نهر الاردن، ولا لمفاوضة حماس، ولا لعودة لاجئين فلسطينيين الى داخل الدولة اليهودية. ولم يُعبر عن أية مرونة أو تخلٍ أو انفتاح ووصف الفلسطينيين بأنهم أعداء لا شركاء في السلام والجوار الطيب.

        جلس اوباما وأصغى وقد وضع رجلا على اخرى ووجهه مركز، باستثناء حك لحظي لأذنه. قبل ذلك بيوم صفع نتنياهو بخطبته الشرق اوسطية التي هاجم فيها الزعماء المكبلين بقيود الأمس والذين يتنكرون لفرص الغد، وخالف عن دعوى رئيس الحكومة أن الثورات في العالم العربي خطرة. وقد شبه نتنياهو بنظرائه في الدول العربية الذين لم يفهموا ارادة شعوبهم الى ان سقطوا عن كرسي الحكم أو اضطروا الى نضال الجماهير الغاضبة عن بقائهم.

        يريد اوباما ان يُنشيء فلسطين المستقلة، بحدود معترف بها ذات اتصال بين مناطقها. ستكون هذه تركته. لا يسعى الى حل الصراع الاسرائيلي العربي ولا الى سلام اقليمي شامل. فقد دفن مبادرة السلام العربية التي ذكرها في خطبته في القاهرة قبل سنتين وتجاهلها تماما يوم الخميس. وبهذا سلب اليسار الاسرائيلي احدى راياته المهمة.

        ليس الاختلاف بين اوباما ونتنياهو خصومة شخصية. من الواضح انهما لا يطيق بعضهما بعضا لكن هذه هي المشكلة الثانوية. فليست لغة الجسم هي المهمة بل القيم. فاوباما ثوري يريد منح الجماهير قوة. ونتنياهو محافظ يتمسك بالوضع الراهن ويخشى التغيير. يرى نتنياهو أن لاسرائيل الحق في السيطرة على المناطق وفي أن تستوطن كما تشاء، وعليها في الأكثر أن تطرح بضع عظام للفلسطينيين لارضاء مؤيديهم في الغرب – الذين لا يفهمون مثل اوباما الأمر ويؤيدون جماعة قتلة ومحرضين في عمى. ويرى اوباما ان الاحتلال الاسرائيلي مظلمة يجب وقفها. وهو ليس مستعدا لواقع يتمتع فيه المستوطنون في التلال بجميع الحقوق، في حين ينتظر جيرانهم الفلسطينيون في رام الله على الحواجز يعوزهم تقرير مصير كامل. انه يناضل من اجل هذا.

        بدأ اريئيل شارون علاقته بجورج بوش بمجابهة مشابهة بـ "خطبة تشيكوسلوفاكيا" التي حذر الامريكيين فيها من التخلي عن اسرائيل لرعب الارهاب. هاجموه آنذاك لموقفه لكن بوش تعلم احترامه وانشآ شراكة رائعة. إن محاولات تسكين النفوس من قبل نتنياهو ووزير الدفاع اهود باراك في نهاية الاسبوع وزعمهما ان الاختلاف مع اوباما غير كبير كما يبدو، تعبر عن جهد مشابه لتسكين النفوس. كلف ذلك شارون اخلاء غوش قطيف. وما زال لم يتضح الثمن الذي سيُجبى من نتنياهو مقابل اصلاح العلاقات بامريكا. من الواضح فقط ان الفلسطينيين الذين سمعوه يخطب عن المعاناة اليهودية لن يتوقعوا منه مصالحات وسيفضلون الاصغاء الى اوباما الذي يدعوهم الى انتفاضة شعبية على الاحتلال.