خبر مكان للقلق- معاريف

الساعة 08:11 ص|19 مايو 2011

مكان للقلق- معاريف

بقلم: متان دروري

(المضمون: بيّن بحث اكاديمي شامل أُجري في عشرات المدارس في بروكسل عاصمة بلجيكا ان نصف الشباب المسلمين على الأقل في المدينة يتمسكون بآراء معادية للسامية - المصدر).

        خرجت هند فرايحي، ابنة الخامسة والثلاثين، قبل بضع سنين في مهمة سرية. فقد استقر رأي الصحفية المغربية التي ولدت وترعرعت طوال حياتها في بلجيكا على ان تفحص عن ظاهرة التطرف عند جماعة المهاجرين المسلمين في بروكسل. تنكرت بأنها طالبة جامعية في علم الاجتماع وانتقلت للعيش مدة بضعة اشهر في مولنبيك، وهو واحد من أحياء كثيرة في غرب اوروبا يفضل الاوروبيون البيض الابتعاد عنها. لم تدهشها وحدها النتيجة بل أدهشت بلجيكا كلها.

        تبين لفرايحي ان الاسلام المتطرف يحوز موالين لا بين جمهور الشباب من العائلات الفقيرة فحسب بل من أبناء المهاجرين من بيوت أغنى. وقد سمعت كيف يدعو خطباء في المساجد علنا المؤمنين الى إنفاق مالهم وحياتهم في الجهاد، ورأت كتبا بنفقة سعودية تدعو الى قتل اليهود والتقت شبابا قالوا لها انهم سيكونون مستعدين لتفجير أنفسهم في سبيل الله. "انهم مدمنو اذاعة أقمار صناعية عربية"، كما وصفتهم، "وهم دمى مستسلمة على خيط". وعرفت زيادة على ذلك شبابا حدّثوها عن كراهيتهم المتقدة للبلجيكيين وعن استغلال جهاز رفاهتهم. قالوا لها ان من الفروض الدينية سلب البلجيكيين الأوغاد.

        عندما نشرت ما توصلت اليه في صحيفة وبعد ذلك في كتاب "خفية في المغرب الصغير"، اتهموها بالمبالغة وبكراهية الذات، وبمحاولة اعجاب المحيط حولها. قالت انها أرادت في الحاصل ان تثير الموضوع في برنامج العمل ودعت السلطات البلجيكية والقيادة المسلمة في الدولة الى الاستيقاظ.

        مر أكثر من خمس سنين لكن لم يتم فعل كثير ومن المؤكد انه لم يتغير شيء. بيّن بحث اكاديمي شامل أُجري في عشرات المدارس التي تتحدث الفلمنكية (الهولندية) في بروكسل ونشر في الاسبوع الماضي أن نصف الشباب المسلمين تقريبا في المدينة يتمسكون بآراء معادية للسامية.

        في الحاصل العام اتفق نحو من 57 في المائة بين المسلمين على دعوى أن "اليهود يريدون السيطرة على العالم" (مقابل 10.5 في المائة بين الهولنديين)، واتفق نحو من 47 في المائة على انه "يجب الحذر عند إتمام اعمال مع اليهود".

        بل إن أحد كُتاب البحث قال انه عند المسلمين بخلاف الهولنديين حيث تشيع معاداة السامية عندهم في الطبقات الدنيا وبين المتدينين، تخترق جميع الطبقات والتصورات الدينية. فوجيء مُجرو البحث بالمعطيات لكن لا يجب ان يكون لذلك سبب.

        لا يجب ان يكون سبب عندما لا يعتقد محيط هؤلاء الشباب ان كراهية اليهود أمر محظور، وعندما يصمت قادتهم المعتدلون. ولا سبب للمفاجأة اذا أخذنا في الحسبان ان الشباب يتغذون بالتحريض الأهوج في القنوات الفضائية العربية والانترنت بل في صحف وكتب تُطبع فوق ارض اوروبا. ولا ينبغي لنا أن نعجب لذلك في حين لا تتردد الجامعات عن تمكين نشطاء معارضين لاسرائيل من اجراء عروض تحريض وكراهية وتعطي منصة لمفكريهم المتطرفين. حسبنا أن نذكر مثالا على ذلك ظهور عزام التميمي في الجامعة البلجيكية "في.يو.بي"، وهو دعائي عربي بريطاني يعمل من لندن ويؤيد العمليات الانتحارية.

        لم يعد يمكن الاعتراض على أنه يوجد بين الجماعات المسلمة في بلجيكا وفي غرب اوروبا معاداة سامية قوية، وشعور بالاغتراب وتطرف. ولا يمكن الاعتراض بعد على ان ذلك نتاج الاقصاء والاهمال منذ سنين، والتعددية الثقافية المتكلفة، وموطيء القدم الذي منحوه للخطباء السعوديين مدة سنين. وقد بدأوا في الحقيقة في دول كثيرة يجابهون هذه العناصر أو يحاولون على الأقل. لكن ماذا عن التحريض الذي يتدفق بلا عائق في القنوات الفضائية والانترنت؟ وماذا عن الاجازة الاكاديمية التي تُعطى للمتطرفين تحت غطاء فكري؟.