خبر في « أمان » اتهموا قيادة الشمال بأنها لم تنظر في التحذير..هآرتس

الساعة 09:54 ص|16 مايو 2011

بقلم: آفي يسسخروف وعاموس هرئيل

كررت أجيال من القادة في الجيش الاسرائيلي تلاوة شعار "السوريون على الجدران" على جنودهم. وهي بقية المفاجأة الفظيعة لحرب يوم الغفران، وترمي الجملة الى بيان الحاجة الى الحفاظ على تنبه دائم ومستوى عال من الاستعداد لحال سيناريو آخر غير متوقع.

        السوريون الذين فاجأوا الجيش الاسرائيلي أمس على الجدار الحدودي لم يكونوا بطبيعة الأمر هم السوريين الذين يستعد لهم منذ 1973، بل متظاهرين فلسطينيين من سكان مخيمات اللاجئين في الدولة. لكنهم اعترفوا في الجيش أمس أن معلومات استخبارية مسبقة أشمل واستعدادا أكثر تركيزا في قيادة الشمال كان يمكن أن يمنعا دخول المتظاهرين قرب مجدل شمس.

        حصر الجيش الاسرائيلي استعداداته وجهوده في قيادة المركز، وكانت النتيجة هناك بفضل الاستمرار في التنسيق الأمني مع اجهزة السلطة الفلسطينية، معقولة نسبيا. فقد منع الفلسطينيون احتكاكا في جزء كبير من المراكز الممكنة، وبحسب التوقعات تم الحفاظ على ما يكفي من السيطرة على الوضع لمنع اشتعال واسع.

        أما المسيرات نحو الحدود فهي قصة اخرى: إن سيناريو كهذا يُذكر حقا منذ سنة 2000، بين الانسحاب من جنوب لبنان ونشوب الانتفاضة الثانية. لكن مع عدم تنسيق مشترك مع نظم الحكم في الطرف الثاني فان امكانية أن تسيطر اسرائيل على الوضع قليلة – لان الجنود يلقون التهديد على الجدار حقا.

        حدث أمس تبادل اتهامات شديد بين شعبة الاستخبارات في هيئة القيادة العامة وبين قيادة الشمال وفيلق الجولان (الفرقة 36 خاصة). فبحسب رواية "أمان" نُقل تحذير شامل الى جميع القيادات قبل بضعة ايام في شأن نية قيادة مظاهرات كبيرة نحو الجدران في عدد من الحدود. وقد جرى تحديد الانذار أمس صباحا بل أغرقت العناصر الاستخبارية الشوارع المفضية الى منطقة المظاهرة في الجولان ولاحظت قوافل عددها نحو من تسعين حافلة حملت عددا كبيرا من المتظاهرين الى المكان. بحسب هذه الرواية، برغم أنه كانت قرب المكان كتيبتان مستعدتان من الجيش الاسرائيلي، لم تُعط القوات أمرا بالتقدم في الموعد نحو النقطة، حدث ذلك بخلاف سلوك فيلق الجليل على حدود لبنان حيث كان استعداد أكثر تيقظا. زعموا في قيادة الشمال في مقابل ذلك ان التحذيرات كانت عامة فقط، وانه لم يكن ما يكفي من المعلومات الاستخبارية التي تُمكّن من تثبيط الدخول.

        لكن برغم الحيرة التي تثيرها صورة المتظاهرين الذين اجتازوا الحدود (وهي بيقين أمر يقتضي تحقيقا عميقا)، يجب أن نقول ان من الجيد ان التزم الجنود ضبطا نسبيا للنفس ولم يستمروا في اطلاق النار. كان قتل أكبر سيصعد الوضع. يزعمون في لبنان ان جنود الجيش الاسرائيلي أطلقوا النار الحية على المتظاهرين لكن بحسب تحقيق أولي للجيش الاسرائيلي، كان المتظاهرون الذين أُصيبوا هناك قد أطلق جيش لبنان عليهم النار.

        مفهوم ان الحوادث أمس لم تكن عفوية. فلحماس وحزب الله ولنظام الرئيس الاسد أكثر منهم جميعا مصلحة واضحة في صرف الانتباه الدولي الآن الى قتل اسرائيل للمواطنين العرب. نجحت سوريا أمس في الاحتيال على اسرائيل بأن وجهتها بالضبط الى الزاوية التي لا تريد ان تُدفع اليها. ومن المثير أن نعلم هل ستُسجل الصحافة الاجنبية أمامها أن عدد القتلى باطلاق الجيش الاسرائيلي النار أمس لا يزيد على يوم عمل عادي لقوات الاسد في درعا في الاسابيع الاخيرة.

        كانت أحداث أمس أكثر من كل شيء عودة أساسية الى ايلول القريب. يبدو ان الامور ستبدو على هذه الحال اذا نشأت آنذاك ازمة شديدة حول الخطة الفلسطينية لاعلان الاستقلال من جانب واحد. سيكون هذا مثل عشرة أضعاف ما حدث مع القافلة البحرية التركية الى غزة: ستكون مسيرات كثيرة ومظاهرات احتجاج شعبية في مناطق مختلفة على التوازي تحاول ان تُدخل الجنود في ورطة وتُحدث صور مذبحة جماعية. لا يوشك ان يكون ذلك سهلا وبقي للجيش الاسرائيلي أقل من اربعة اشهر للاستعداد.

        كاد يوم النكبة أمس يبدو مثل بث مكرر ليوم النكبة في سنة 2000 الذي سبق نشوب الانتفاضة الثانية. بخلاف المواجهات قبل 11 سنة امتنع المتظاهرون هذه المرة عن استعمال السلاح الحي: وأكد مسؤولون فلسطينيون كبار أكثر من مرة انه اذا نشبت انتفاضة ثالثة ايضا فان القصد الى الحفاظ على نضال شعبي يشتمل في الأكثر على رمي الحجارة. لكن يبدو انه بقي للجيش عمل كثير أو من جهة مستوى الاستعداد على الأقل.

        ارتدت مراسم يوم النكبة في رام الله أمس لباس مهرجان أكثر من ان تكون احتجاجا عنيفا متطرفا.

        جاء الى ميدان المنارة نحو من 15 ألف فلسطيني أرادوا من جملة ما أرادوا أن يشهدوا عرض مطرب عربي شهير. وبعد الظهر بدأت في قرية الرام المجاورة دورة كرة قدم دولية بمشاركة منتخبات من الخارج احتفاءا بالمناسبة.

        جاء الى مراسم وضع اكليل الزهور على قبر ياسر عرفات اثنان من رؤساء التنظيم – فتح كانا من قادة الانتفاضة الاولى والثانية هما: قدورة فارس الذي كان من قادة المظاهرات العنيفة في أيار 2000 وحسام خضر من مخيم اللاجئين بلاطة الذي عُد واحدا من أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى. وكلاهما صديق جيد لمروان البرغوثي زعيم منظمة التنظيم السابق الذي يقضي عقوبة السجن في اسرائيل.

        زعم فارس ان الوضع اليوم يختلف تماما عما كان في سنة 2000 وهو لا يرى بالضرورة امكانية ان تنشب انتفاضة ثالثة. أكد في حديث مع صحيفة "هآرتس" أن الفلسطينيين اخطأوا آنذاك عندما اتجهوا الى استعمال السلاح بدل حصر العناية في نضال من نوع آخر "سياسي مثلا"، قال. وكان خضر متشككا في التوقيت وأوضح انه غير مقتنع بأن تنشب مواجهة مع اسرائيل في ايلول خاصة. وقد ذكر مع ذلك ان "الانتفاضة أصبحت على الباب. وعندما تنشب ستكون أعنف من كل ما عرفتم حتى اليوم".