خبر لن تعودوا..يديعوت

الساعة 09:52 ص|16 مايو 2011

بقلم: ناحوم برنياع

يسيرون الآن في مسيرات الى الجدار الحدودي: في مجل شمس ومارون الراس وايرز وقلندية. يرفعون أعلام فلسطين ويطلبون العودة الى القرى التي خسرها آباء آبائهم في 1948. قال الساسة إن هذا ما سيكون. ووعدهم الوعاظ بعون الله. وقدم رعاة اجانب أعلاما وحافلات. خرجوا للمهمة واثقين بأن المشروع الصهيوني – كما يسميه اسماعيل هنية – حكمه واحد هو أن ينهار. فما هي إلا دفعة صغيرة حتى تصبح ارض اسرائيل كلها من الاردن الى البحر فلسطين.

        عندي أنباء لكم يا أبناء عمومتنا الأعزاء: لن يحدث هذا – في ايامكم. لن تعودوا الى اسرائيل داخل الخط الاخضر. انقضت 63 سنة منذ تلك الحرب. وآن أوان الأخذ بأحلام اخرى.

        أعلم ان لا أحد من متظاهري يوم النكبة سيقرأ هذه السطور. لكن في غرفة صغيرة في المقاطعة في رام الله يجلس عدة فلسطينيين نشطاء مخلصين لعملهم ويترجمون لأبو مازن ووزرائه كل كلمة ذات صلة تنشر في الصحف العبرية وكلامي موجه اليهم.

        أبو مازن هو السياسي الأكثر انسانية والأكثر وداً في الحكومات الثلاث التي تتولى الامور الآن في ارض اسرائيل. وهو مصغ مثل كل سياسي الى أهواء جمهوره. تكون الكلمات التي تخرج من فمه احيانا أقوى منه فهو ينساق. وعد شعبه عشية أحداث النكبة بألا يقوم زعيم فلسطيني يتخلى عن حق العودة. قال: "ليست العودة شعارا. فلسطين لنا". أما سؤال أين وكيف سيتحقق الحق، هل بتعويض مالي أو بعودة مادية، هل بدولة فلسطينية تنشأ أم في اسرائيل ايضا، فقد امتنع عن ايضاحه. كان كل واحد يستطيع أن يسمع في كلامه ما أراد سماعه.

        في أحاديث خاصة يقول مسؤولو السلطة الفلسطينية الكبار منذ سنين انهم يعلمون أن لا سبيل لاعادة العجل الى الوراء. سيُقترح على اللاجئين بناء حياتهم في مساقط رؤوسهم أو في الدولة الفلسطينية أو الحصول على تعويض مالي.

        لكنهم يتحدثون الى شعبهم بلغة اخرى. فهم غير قادرين على تبشير مئات آلاف الفلسطينيين ممن لا جنسية لهم ويعيشون في مخيمات لاجئين في سوريا ولبنان ببشرى عدم العودة. بدل ذلك يُنمون عندهم أحلاما باطلة بعودة لن تأتي.

        دُفع أبو مازن نفسه قبل بضعة أشهر الى ضيق كبير عندما نشر موقع "ويكيليكس" كلاما قاله في حديث خاص لدبلوماسي امريكي في عدم جدوى الاصرار على حق العودة. وقد سارع الى الانكار بطبيعة الامر.

        عندما يُسأل ساسة فلسطينيون لماذا يمتنعون عن قول الحقيقة لشعبهم يُجيبون بأن حق العودة هي ورقة مساومة فهم سيتخلون عنها فقط مقابل تخلٍ مواز من قبل اسرائيل في شأن شرقي القدس مثلا.

        في موقفهم في ظاهر الامر منطق: فالسوق في الشرق الاوسط لا تحترم سوى من يُصر على المساومة. لكن الأوهام لها قوة خاصة بها. إن الأمل الباطل الذي يذيعونه في جمهورهم قد يصبح عنفا يسوق المنطقة كلها. انهم يركبون ظهر نمر.

        يجب قول الحقيقة في قضية حق العودة لا للفلسطينيين وحدهم بل للاسرائيليين ايضا. إن رفض العودة الى اسرائيل هي الخط الاحمر الذي لن يجتازه الاسرائيليون الذين يؤيدون حل الدولتين. في اليمين كثيرون لا يهمهم فهم يسعون الى انشاء دولة واحدة – دولة تمييز عنصري؛ وفي اليسار ايضا هناك من لا يهمهم: فهناك ايضا يوجد من يسعون الى انشاء دولة واحدة هي دولة النكبة. من أراد أن يحيا في دولة اسرائيل السيادية والصهيونية والديمقراطية فلا مناص له سوى أن يكرر القول لأبناء عمومتنا: مع كل الاحترام، ما كان كان ولن يعود أبدا. قُضي علينا بأن نتقاسم: فنحن سنعيد مستوطنينا الينا وأنتم ستستوعبون لاجئيكم عندكم. ولن تعودوا الى اسرائيل.