خبر هذه مجرد البداية..يديعوت

الساعة 09:51 ص|16 مايو 2011

بقلم: اليكس فيشمان

حين وقع الحدث المخجل أمس في هضبة الجولان، كان قادة جهاز الامن منشغلين باحتفال آخر تماما: الاحتفال على شرف تسلم رئيس المخابرات الجديد. من لم يكن هناك: رئيس الاركان، المفتش العام للشرطة، رئيسا المخابرات – المنصرف والوافد، وزير الدفاع، وزراء، رئيس الوزراء. وقد كانوا على أي حال واثقين من ان الجيش جاهز، متحفز ومستعد لكل التطورات وان احداث يوم النكبة باتت محسومة في جيبهم الصغيرة وانه يمكن مواصلة الاعمال كالمعتاد.

لم يتصور أحد تأجيل هذا الاحتفال الى موعد قريب آخر، ليبعده عن يوم النكبة الذي هو موعد حساس ومؤهل للاضطرابات. يا لها من ثقة. في ليلة مرمرة أيضا بقي رئيس الاركان لينام في بيته، فيما أن رئيس قسم العمليات، الذي نام في مقر القيادة العسكرية بمناسبة الحدث، حدد لنفسه لقاءات في السادسة صباحا. إذ كان واضحا جدا بان السيطرة على السفينة ستكون لعبة أطفال.

        المرة تلو الاخرى تتكرر الفجوة الهائلة التي بين اعداد الخطط، تقويمات الوضع، الاعلان عن التأهب العالي ونثر الوعود للجمهور بان كل شيء تحت السيطرة – وبين ما يحصل في الواقع. يبدو ان القيادة الامنية تعاني من نوع ما من التضليل الذاتي حول القدرات المهنية للجيش في المجال الاكثر اشكالية للتصدي للمدنيين.

        خلل عملياتي

        من يدعي بان مظاهرة الجماهير الفلسطينية في تلة الصياح كانت بمثابة مفاجأة للاستخبارات – لا يقول كل الحقيقة. معلومات عن المظاهرات وعن بؤر الاحتكاك في ارجاء الجولان نقلت الى القوات، وعليه فقد زودت القوات بوسائل لتفريق المظاهرات. فضلا عن ذلك، ففي ساعات الصباح ظهرت في قاطع مجدل شمس حركة تسعين باص، والالاف الذين نزلوا منها احتشدوا في نطاق اعد مسبقا في القاطع في صالح المظاهرة امام السياج. في اثناء تقويم الوضع عرض الجيش على القيادة السياسية سلسلة نقاط احتكاك محتملة في يوم النكبة. القيادة السياسية، من جهتها، وجهت الجيش بكلمات واضحة: كل خرق للسيادة هو خطر على الحياة، وعليه فان كل اقتحام للجدار الحدودي سيستقبل بالنار – بداية بنار انتقائية نحو الاقدام، واذا لم يجدِ ذلك فتطلق النار لغرض القتل. استخدام تعبير "خطر الحياة" نبع من الاعتبار بان كل اختراق للجدار الحدودي من شأنه أن ينتهي بتسلل مواطني دول معادية الى البلدات، الى المستوطنات، الى استحكامات الجيش وما شابه. وعليه – فتطلق النار. أوامر النار هذه مقبولة، كما يبدو، من رجال القانون في الجيش.

        حيال غزة ولبنان نفذ الجيش تعليمات القيادة السياسية نصا وروحا، وقد نجح هذا. هذا نجح في غزة، حين حاول الفلسطينيون اقتحام حاجز ايرز، وهذا نجح في لبنان، حيث شارك ايضا الجيش اللبناني بالنار على المتظاهرين الذين اقتربوا بشكل مهدد نحو الجدار الحدودي مع اسرائيل. ولكن في تلة الصياح، في هضبة الجولان، لم ينجح شيء. في اختبار النتيجة: كان هناك قصور. الجيش لم ينفذ قرارات الحكومة، لم يستعد كما ينبغي، ومن المعقول الافتراض بان الشروحات للجنود ايضا لم تكن جيدة بما فيه الكفاية. كان هناك جلبة كبيرة بدت للحظة بان الجيش في هذا القاطع ببساطة اضاع بنطاله. وهذا خلل مهني، عملياتي، موضوع في ساحة قيادة المنطقة الشمالية. أحد ما هناك يتعين عليه أن يقدم التفسيرات. الميل عندنا هو دوما أن نلقي بالتهمة على الايرانيين الذين ينبشون وعلى السوريين الذين غيروا قواعد اللعب دون أن يبلغونا مسبقا – هو ميل صبياني وليس مهنيا.

        إذ لا يدور الحديث عن خلل عملياتي في اشتباك مفاجىء مع مخربين على الحدود. يدور الحديث هنا عن حدث تم الاستعداد له على مدى أشهر طويلة ويمكن أن تكون له آثار شديدة على جودة ردع الجيش الاسرائيلي في المستقبل. يحتمل أنه بسبب هذا الخلل سيتعين، ابتداء من اليوم فلاحقا، التصرف في الحدود مع سوريا بشكل مغاير تماما. نجاح أمس يمكن أن يخلق محاولات اخرى لمسيرات جماهيرين الى داخل الاراضي الاسرائيلية، وليس فقط من جهة سوريا. هذا قد يحصل في حزيران – بالتوازي مع الاسطول الى غزة، وقد يحصل في ايلول – حول الاعلان عن دولة فلسطينية

        ماذا سنوقف في وجههم؟

        وفي هذه النقطة توجد لدولة اسرائيل مشكلة منظوماتية. باستثناء الردع، ليس في أيديها وسائل لمنع اقتحام حدودها من عشرات ومئات الاف الفلسطينيين الذين ينجحون في تنظيم أنفسهم وتحقيق حلم عودتهم بأقدامهم.

        أمس تلقينا تحذيرا: فالفلسطينيون ساروا نحو حدود اسرائيل من ثلاثة اتجاهات: غزة، لبنان وسوريا. الاردن، مصر والسلطة الفلسطينية ستوقف مسيرات من ثلاثة اتجاهات محتملة اخرى. ولكن هناك أيضا – ليس هناك ما هو مضمون تماما. كلما جرى الحديث أكثر عن تسوية سياسية أو عن اقامة دولة فلسطينية، سيصبح حق العودة علم الكفاح الفلسطيني. هكذا بحيث أن المسيرات والاساطيل لتحقيق حق العودة ستنال المزيد فالمزيد من الزخم. ما الذي سنوقفه في وجههم؟ قناصة؟ ربما بنادق الوان، مثلما في مرمرة.