خبر 15 من أيار هذا العام بروفة ..مصطفى إبراهيم

الساعة 09:32 ص|16 مايو 2011

15 من أيار هذا العام بروفة ..مصطفى إبراهيم

 

كان يوم الخامس عشر من أيار في فلسطين مختلف هذا العام، كان يوما من أيام أيار بطعم ومذاق الحلم والمصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام والوحدة الوطنية، وعدوى الملاحم الشعبية، وربيع الثورات العربية، وتحقيق حلم العودة، التفاؤل، والأمل بإنهاء معاناتهم بالعودة وإقامة دولتهم المستقلة.

اندفع الفلسطينيون بعد جرعة المصالحة والثورات العربية بتحقيق حلم حق العودة، وزحفوا خلف شعار الشعب يريد تحقيق حق العودة، قطعوا الحدود من سورية ولبنان والأردن، ومن قطاع غزة والضفة الغربية، وصل الشباب الفلسطينيين اللاجئ الى قرية مجدل شمس السورية المحتلة، ورفعوا العلم الفلسطيني وسط القرية.

 

وبرغم الحزن والألم وبشاعة الذكرى وهولها، الا أن هذا العام كان مختلف عن الأعوام السابقة من سنوات الانقسام والقطيعة، سنوات عجاف لم يحيي الفلسطينيين فيها الذكرى الأليمة موحدين، وكان الحزن والألم مضاعف فيها، الا أنهم نجحوا هذا العام في التوحد بعد أن نجحوا في إنهاء الانقسام.

 

كان الخامس عشر من أيار بروفة واختبار لإرادة الفلسطينيين وقدرتهم على تجديد التحدي، وإنعاش الذاكرة بعد سنوات القطيعة وتجديد الأمل، والزحف باتجاه فلسطين التاريخية واسترداد ما تبقى من حقهم، ومواجهة دولة الاحتلال وآلة البطش والقمع التي يستخدمها في قتل الفلسطينيين.

 

مشهد لم تحتمله دولة الاحتلال فواجهته بالرصاص والقتل، وارتكبت جريمة نكراء بحق الشباب، فاستشهد عشرة منهم وأصيب المئات، اندفع الشباب والحلم يراودهم بتحقيق العودة، تحدوا جبروت الاحتلال وغطرسته، وادعاءه الديمقراطية في محيط مستبد.

 

منذ اندلاع الثورات العربية خاصة الثورة المصرية، شعرت دولة الاحتلال بالخطر وكانت معادية لها، وعبرت عن خشيتها، وقلقة من نتائجها وانتقال عدوى الثورات العربية الى الفلسطينيين، وحاولت بقوة الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لدعم نظام المخلوع حسني مبارك، والتي كانت تعتبره ذخرا استراتيجياً لها، مع انه كان مجرد وكيل امني، ومحلل لسياساتها العدوانية في المنطقة العربية، وكانت الدولة الوحيدة في العالم التي تمسكت بنظام مبارك.

 

وهي تاريخيا عملت على تعزيز الأنظمة الاستبدادية الفاسدة والتحالف والتعامل معها، برغم ادعائها أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في محيط من الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية.

 

وكعادة الأنظمة الاستبدادية التي وجهت الاتهامات للثورات العربية أن جهات خارجية هي التي تحركها، ادعت إسرائيل أن إيران وسورية وحزب الله وحماس، هم من حرك الحراك الشعبي الشبابي السلمي تجاه فلسطين لتحقيق الحلم بحق العودة، إيران لا علاقة لها بهذا النوع من التحرك الشعبي السلمي، فهذا الحراك مستمد من روح ميدان التحرير، والانتصار على الذات والمرارة والمعاناة، والإيمان بحق العودة وحق الشعوب بالحرية والعدالة، وتحقيق مصيرها بنفسها.

 

لم تستوعب دولة الاحتلال استنهاض الفلسطينيين طاقاتهم وقوتهم الجمعية والشعبية السلمية، وروح المبادرة والتحدي وعدم الاستسلام للاحتلال والانقسام، واستلهام الروح العربية الثورية المطالبة بالديمقراطية والحرية والعدالة، وحاولت دولة البطش والقتل إظهار صورتها الديمقراطية للعالم بمواجهة الحراك الشعبي بهدوء وضبط النفس، إلا أنها عبرت عن وجهها الحقيقي والقبيح، بالرصاص ونفي الأخر وعدم الاعتراف بحقه المسلوب بالعودة.

 

في الذكرى الثالثة والستين للنكبة وبعد تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، لم يعد أمام الفلسطينيين إلا التمسك والالتفاف حول حق العودة في أي مفاوضات مستقبلية، الفلسطينيون مصممون على السير قدما في طريق الحق و العدل، وتكذيب الدعاية الإسرائيلية أن حق العودة هو القضاء على حق اليهود في الوجود، وهم يؤكدون على تمسكهم بحق العودة الى ديارهم وبيوتهم وممتلكاتهم الأصلية التي هجروا منها، ولن تزول آثار النكبة إلا بتحقيق العودة.

 

دولة الاحتلال تحاول بكل الوسائل خلق قيادة فلسطينية تقبل التنازل عن حق العودة، للهروب من جريمتها، فحق العودة هو حق ممكن وقابل للتطبيق، وهو شرط للسلام الدائم والعادل، فلا أحد يستطيع أن يضمن أي استقرار وأي سلام، والجريمة بحق اللاجئين قائمة ومستمرة، وسيبقى الإجماع الفلسطيني يرفض جميع البدائل الالتفافية حول حق العودة، ومصرون على أن دولة الاحتلال وحدها هي المسؤولة عن خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وأنها وحدها تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تلك المشكلة دون غيرها.