خبر الفلسطينيون يريدون عودة الاستقرار لمصر أولا

الساعة 04:40 ص|16 مايو 2011

الفلسطينيون يريدون عودة الاستقرار لمصر أولا

تقرير‏:‏أشرف أبو الهول

 

كان القاسم المشترك في كلمات وأحاديث القادة الفلسطينيين الذين توافدوا إلي القاهرة خلال الأسابيع القليلة الماضية للمشاركة في اتفاق المصالحة وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس‏(‏ أبو مازن‏)‏ ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس‏(‏ أبو الوليد‏) هو أنهم لا يريدون شيئا من مصر حاليا ..

 

 

سوي أن تجتاز الظروف التي تمر بها في هذه الأيام وتستعيد عافيتها وبعدها تستعيد دورها الريادي في المنطقة والعالم حتي تعود كما كانت زعيمة للأمتين العربية والإسلامية.

ففي لقاءين جمعاني مع السيد خالد مشعل خلال زيارته الأخيرة للقاهرة أكد الرجل مرارا وتكرارا أن حماس لا تريد شيئا من مصر حاليا سوي أن تسترد أنفاسها أولا ثم تعود لقيادة الأمة العربية وشدد رئيس المكتب السياسي لحماس علي حرص حركته علي ضرورة استعادة مصر لدورها الريادي, وقال مستعدون للتنسيق مع مصر استراتيجيا وتكتيكيا, فإحدي مسئوليات مصر الجديدة التي نأملها, رسم استراتيجية جديدة للصراع.

أما الرئيس أبو مازن فقد قال أكثر من مرة ومنها خلال الزيارة التي قام بها للأهرام نحن كنا وسنبقي حريصين علي التحدث مع رجالات مصر ومسئوليها واستمرار التشاور معهم لأنه في كل يوم لدينا شيء جديد سواء في الملف الداخلي أو حول ملف السلام ومصر مقحمة في كل شيء في القضية الفلسطينية وأريد أن تبقي مقحمة موضحا أن ذلك سيحدث حينما تعيد مصر ترتيب أوراقها وتستعيد قوتها وبدون تكليفها أية أعباء لأن الأساس هو أن تكون مصر قوية وقادرة.

وحتي قبل إعلان المصالحة بحوالي ثلاثة أسابيع وخلال الاجتماع معه في قصر الضيافة بمصر الجديدة أكد الرئيس الفلسطيني أنه سينتظر حتي لاتكون مصر جاهزة للدخول بقوة علي جميع الملفات الفلسطينية ولن يرضي ببديل للوسيط المصري.

نفس الأمر تكرر خلال استقبالنا في الأهرام للدكتور نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فقد أكد الرجل وبكل وضوح أن الجبهة وكل اليسار الفلسطيني لاتطلب أي شيء فوري من مصر بل تريد أن تقف القاهرة علي قدميها أولا ثم تعود لقيادة الأمة العربية بأسرها كما كانت دوما.

الدكتور حواتمه قال لي خلال أكثر من لقاء خلال زيارتيه الأخيرتين للقاهرة إنه يؤمن بأن مجرد وقوف مصر علي قدميها واستردادها لقوتها السياسية والاقتصادية هو انتصار للقضية الفلسطينية حتي لو لم تطلق رصاصة واحدة وأن الجبهة لم ولن تطلب أي شيء من مصر في هذه المرحلة. ولم تشذ حركة الجهاد الإسلامي عن هذا الموقف فقد أكد لي الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي للحركة خلال زيارتيه الأخيرتين للقاهرة أن حركته متمسكة بالرعاية المصرية للحوار الفلسطيني وكافة الملفات الأخري ولا تتعجل استئناف الدور المصري في هذا الخصوص لأن مصر هي أكثر الأطراف اطلاعا علي تفاصيل الوضع الداخلي الفلسطيني وفي المقابل فإن النهضة المتوقعة لمصر بعد الثورة ستؤثر إيجابا علي القضية الفلسطينية.

وذهب فصيل فلسطيني آخر وهو لجان المقاومة الشعبية الذي يرأسه كمال النيرب شوطا أبعد من ذلك عندما طالب أحد قيادته بالذهاب إلي الشباب المصريين الداعين إلي الزحف علي الحدود مع إسرائيل في ذكري النكبة لإقناعهم بأن هذا الأمر غير منطقي في ظل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها مصر حاليا.

وأوضح المسئول في هذا الفصيل ذي الصبغة العسكرية الذي شارك في عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو2006 أنه يريد إقناع الشباب المصري بأن أسلوب المسيرات لن يجدي مع الإسرائيليين ولكنه علي العكس قد يدفع مصر إلي مواجهة عسكرية ليست في صالحهم أو صالح القضية الفلسطينية حاليا.

وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة حاول النشطاء الذين دعوا إلي تنظيم مسيرات وفعاليات بمناسبة ذكري النكبة وهو يوم قيام إسرائيل وترحيل الفلسطينيين في15 مايو1948 النأي بأنفسهم عن الدعوات التي ترددت في مصر من جانب بعض القوي السياسية للزحف علي سيناء ومنها إلي حدود قطاع غزة وإسرائيل مشيرين إلي أن الظروف في مصر ليست مواتية سواء من النواحي الأمنية أو من الناحية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

واكتفي النشطاء في غزة بفعاليات داخلية تتمثل في تنظيم مسيرات تندد بالاحتلال الإسرائيلي وتدعو إلي سرعة اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم توقيعه في الثالث من مايو بالقاهرة, واتفق المنظمون علي الابتعاد عن الحدود المصرية مع القطاع والاكتفاء بمسيرات في مدن القطاع يتم رفع العلم الفلسطيني وحده فيها.

العديد من منظمي الفعاليات في غزة أبلغوا الأهرام أن مايهمهم أولا هو أن تكون مصر قوية وألا يتم جرها لمواجهة وهي غير مستعدة لها بسبب توتر الوضع الداخلي نتيجة أحداث إمبابة وتأثر الوضع الاقتصادي سلبا بسبب المظاهرات الفئوية التي أعقبت ثورة25 يناير مما دفع الكثير من رجال الأعمال إما لسحب أموالهم من السوق أو لعدم ضخ استثمارات جديدة علاوة علي النكسة التي أصيبت بها السياحة.

الفلسطينييون أجمعوا علي أن مايطلبونه من مصر حاليا هو شيء واحد وهو تسهيل حركة مرور سكان غزة في معبر رفح وإمداد القطاع باحتياجاته من الكهرباء والوقود بسبب استخدام إسرائيل للوقود كسلاح لإذلال الفلسطينيين ومحاصرتهم وذلك حسب تأكيد المهندس سهيل سكيك مدير عام شركة توزيع كهرباء غزة.وقال المهندس سهيل سكيك للأهرام إنه جاء للقاهرة لحضور حفل توقيع اتفاق المصالحة كعضو في وفد الشخصيات المستقلة حيث حرص علي إبلاغ المسئولين المصريين بأن المطلب الرئيسي لغزة هو الحصول علي الكهرباء المصرية وقدم لهم مشروعا متكاملا بهذا الخصوص مؤكدا أن هذا هو المطلب الرئيسي من مصر الثورة. ويعتقد معظم الفلسطينيين أن الدعوات للزحف علي القدس وغيرها في ذكري النكبة هي دعوات رمزية لأنه من المعروف أن المناطق الحدودية محاطة بأسلاك شائكة وحقول الألغام وهو مايعني استحالة نجاح المتظاهرين العاديين في اجتيازها فضلا علي أن القوات الإسرائيلية لن تتواني عن إطلاق النار علي من يقترب من الحدود وبالتالي انفجار الأوضاع في الوقت الذي تنشغل فيه مصر بأوضاعها الداخلية بعد الثورة ونفس الأمر بالنسبة لسوريا ولبنان.

أما علي الأرض في سيناء فالوضع الأمني غير مستقر حيث حاولت مجموعات مسلحة السيطرة علي شمال سيناء خلال ثورة25 يناير وجري استهداف الشرطة بشكل كبير ولذلك فإن القوات المسلحة مشغولة الآن باستعادة الأمن في المنطقة.

ولم تدخر جهدا بهذا الخصوص ولا يخفي علي أحد أن مصر قامت بنشر دباباتها ومدرعاتها في المنطقة المتاخمة للحدود مع إسرائيل وقطاع غزة برغم أن اتفاقية كامب ديفيد تحظر ذلك ولكن السلطات المصرية فعلت ذلك عندما أدركت أنه لابديل أمامها لاسترداد السيطرة علي شمال سيناء سوي استخدام كافة الوسائل واضطرت إسرائيل صاغرة لإبتلاع الموقف وعدم التعليق العلني عليه كبادرة حسن نية منها تجاه الثورة والقيادة المصرية من أجل استمرار عملية السلام بين البلدين,

والمحصلة الآن هي أن أحياء ذكري نكبة فلسطين لايعني التسبب في نكبة عربية جديدة للفلسطينيين وغيرهم من العرب وهو أمر يدركه كل الزعماء الفلسطينيين لأن المواجهة مع إسرائيل لايمكن حسمها بالحماس فقط ولكن بالعقل أولا والاستعداد الجيد فالطريق إلي القدس يبدأ من إمبابة المستقرة التي يعيش سكانها في محبة وسلام.