خبر عالقون- هآرتس

الساعة 10:54 ص|13 مايو 2011

 

عالقون- هآرتس

بقلم: زئيف ب. بيغن

يحتاج المرء الى قلب من حجر كي لا يشفق على كُتاب أعمدة صحفية يتلوون في ضيقهم منذ وقع في القاهرة على اتفاق المصالحة بين "منظمة التحرير الفلسطينية" و"حركة المقاومة الاسلامية"، مع حضور رئيس حركة "الجهاد الاسلامي الفلسطيني" التشجيعي: "شروط الرباعية غير مهمة تقريبا"، و"مع ذلك"، و"برغم ذلك"، و"من السابق لأوانه ان نقرر"، و"لكن ربما تكون هذه فرصة"، وهناك بطبيعة الامر ورقة اللعب التي تُلقى في أوقات العسر الفكري – "عندنا ايضا متطرفون في الحكومة".

بلا جدوى. إن تلويات الكتاب في اسرائيل لن تغير الواقع السياسي المعوج عند قيادة جيراننا الواقعة في شرك انشأته هي نفسها كمقالة كريلوف عن اولئك العازفين: "كيفما جلستم لن يصدر عنكم لحن". يمكن هذه القيادة ان توجد في وضعين فقط العزلة أو الشراكة وكلاهما تفضي الى النتيجة نفسها.

في وضع العزلة لا يمكن التوصل الى اقامة دولة عربية ذات اتصال بري بين غزة والخليل بواسطة "ممر آمن" لعناصر ارهابية ايرانية ومحلية. وفي وضع شراكة بين فتح وحماس، ستمتنع كل حكومة في اسرائيل عن اجراء تفاوض مع ممثليها. ففي الوضع الاول لا يوجد اتفاق؛ وفي الوضع الثاني لا يوجد تفاوض. وليس في هذا أي تجديد. ولن يستطيع سبعون من كُتاب الأعمدة الصحفية حل العقدة.

يُلح آخرون قائلين: "لكن اذا اعترفت حماس بحق اسرائيل في الوجود وتخلت عن طريق الارهاب فسيكون ممكنا مفاوضة الكيان الموحد". إن "اذا" الصغيرة هذه تفرق بين الواقع وبين عالم كله حسن هو ثمرة الخيال. فقد أعلن ممثل حماس موسى أبو مرزوق في مؤتمر صحفي بعد التوقيع بالحروف الاولى على اتفاق المصالحة في القاهرة في السابع والعشرين من نيسان ان "الرباعية وشروط الرباعية قد بليت ولا تؤخذ في التقدير. إن الرباعية وشروطها لا تُذكر ألبتة في هذه التفاهمات". ولم يتحفظ ممثل فتح عزام الأحمد الذي جلس الى جانبه؛ وبعد اسبوع أعلن محمود عباس في القاهرة ان "حماس لا يُطلب منها الاعتراف باسرائيل، سننشيء حكومة تكنوقراط ولن نطلب الى حماس الاعتراف باسرائيل".

يقترح عباس في مقابل ذلك تسلية. فقد أعلن على مسامع أجلاء يهود من اسرائيل في رام الله وعلى مسامع "كوليه عالمه" بعد اسبوع في القاهرة بحزم شديد انه ستكون بعد التوقيع على اتفاق المصالحة "سلطة واحدة وصلاحية واحدة وسلاح واحد". اذا كان الامر كذلك فهو مسؤول الآن عن آلاف القذائف الصاروخية وقذائف الرجم، واذا كان يقصد ما يقول فسيكون عليه ان يسوي التناقض بين المصالحة وبين التزامه "دولة فلسطينية منزوعة السلاح".

أمامه من اجل ذلك طريقان مفتوحان فقط: إما ان تجرد اجهزة الامن التابعة لـ م.ت.ف حماس والجهاد الاسلامي الفلسطيني في غزة من اسلحتهما وإما ان يكسر الصدّيقون بأيديهم صواريخهم وقذائفهم الصاروخية ليجعلوها مناجل وقيثارات.

إن الاسرائيليين الذين يُبينون في السنين الاخيرة بشدة انهم لا بقاء لاسرائيل إلا بانسحاب سريع الى خطوط 1949 أوقعوا أنفسهم في شرك فكري. فهم بموافقتهم في واقع الامر على تعليق مصير دولة اسرائيل بالارادة الخيرة أو الشريرة لقادة م.ت.ف وحلفائهم قد دُفعوا الى أحد امكانين: إما ترك يهودا والسامرة بعد التوقيع العاجل على اتفاق خطر، وإما التخلي عن المنطقة بلا اتفاق. وبعد أن سدت المصالحة في القاهرة حتى الامكان الاول، علق المتطرفون الذين لا يكلون مع الامكان الثاني – التوصية اليائسة بانسحاب من طرف واحد – بتصديقهم الصيغة القديمة لجورج سانتيانا: "التطرف يعني مضاعفة جهودك بعد ان تنسى الهدف".

كان الهدف المشترك دائما قبل ان يُنسى أمن اسرائيل وسلامتها. يستحق هذا الهدف جهدا متواصلا ويوجب ايضا اعترافا شجاعا بالواقع. إن تجاهله يفضي كما يرى الجميع الى طريق مسدود. أول خطوة للخلاص من هذا الشرك الفكري هي الاستيقاظ ببساطة.