خبر يُسمون هذا تطهيرا عرقيا -هآرتس

الساعة 09:18 ص|12 مايو 2011

يُسمون هذا تطهيرا عرقيا -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: سياسة التطهير العنصري التي تمارسها اسرائيل في الضفة والتي حرمت 140 ألف فلسطيني من العودة الى وطنهم ومساكنهم - المصدر).

        من غد يوم الاستقلال الذي غرقت اسرائيل فيه بمديح الذات وديمقراطيتها حتى السكر تقريبا، وعشية يوم النكبة الذي يكاد يحظر تذكاره، نشر زميلي عكيفا الدار ما عرفناه دائما، لكن أعوزتنا المعطيات الصارخة التي كشف عنها وذاك ان اسرائيل سلبت حتى اتفاقات اوسلو ساكنية 140 ألف فلسطيني من الضفة الغربية. بعبارة اخرى: سُلب 14 في المائة من سكان الضفة الذين تجرأوا على الخروج الى الخارج حق العودة اليها والعيش فيها الى الأبد. وبعبارة اخرى: طُردوا من ارضهم وبيوتهم. وبعبارة اخرى: تطهير عرقي.

        في حين ما نزال نخفي وننكر ونكبت في يأس التطهير العرقي الكبير في 1948 – حيث هرب أكثر من 600 ألف لاجيء هرب بعضهم خوفا من الجيش الاسرائيلي والمنظمات التي سبقته وطُرد بعضهم بالقوة، تبين أن 1948 لم تنقضِ ألبتة، وأن روحها لم تزُل ومثلها ايضا التوجه الى محاولة تطهير هذه البلاد من أبنائها العرب – قدر المستطاع وأكثر من ذلك. هذا هو الحل الخفي المشتهى أكثر من غيره وهو ان تكون ارض اسرائيل لليهود، ولهم وحدهم. تجرأ قليلون على إثارته بصراحة – مئير كهانا ورحبعام زئيفي ومتابعوهما ممن يستحقون مدحا ما لاستقامتهم، لكن كثيرين يطمحون الى ذلك دون اعتراف.

        إن الكشف عن سياسة سلب الساكنية أثبت أن هذا الحلم المكتوم هو في واقع الأمر من نصيب المؤسسة. لا يتحدثون هناك معاذ الله عن ترحيل، ولا يخطر ببال أحد أن يُسمي ذلك تطهيرا، ولا يحملون عربا آخرين في شاحنات كما حدث ذات مرة حتى بعد حرب الايام الستة، ولا يطلقون النار عليهم ليهربوا، فكل ذلك وسائل غير سليمة من جهة سياسية في العالم الجديد، لكن هذا هو التوجه في واقع الامر. هناك من يعتقدون انه يكفي جعل حياة الفلسطينيين في المناطق مريرة لجعلهم يتركون، وقد ترك كثيرون في الحقيقة. نجاح اسرائيلي: بحسب الادارة المدنية غادر نحو من ربع مليون فلسطيني الضفة راغبين في السنين الدامية 2000 – 2007. لكن ذلك لم يكن كافيا ولهذا أضافوا ايضا وسائل ادارية مختلفة عجيبة لتحقيق الحلم.

        كل من يقولون "لا للفصل العنصري" مدعوون للجواب عما يلي: لماذا يجوز لاسرائيلي أن يغادر بلاده طوال حياته ولا يقول أحد بمصادرة جنسيته ولا يجوز ذلك لفلسطيني من أبناء البلاد؟ ولماذا يجوز لاسرائيلي ان يتزوج امرأة اجنبية ويحصل لها على ساكنية، ولا يجوز لفلسطيني ان يتزوج جارته السابقة التي تعيش في الاردن؟ أليس هذا فصلا عنصريا؟ خلال السنين وثقت ما لا يحصى من المآسي المؤلمة لعائلات مُزقت لم يُسمح لأبنائها وبناتها بالعيش في الضفة أو في غزة بسبب أوامر ثعبانية – للفلسطينيين وحدهم.

        على سبيل المثال هناك دلال رصرص، وهي صغيرة تعاني شللا دماغيا، من بيت أُمر، فُصلت في المدة الاخيرة شهورا عن أمها لان هذه قد ولدت في رفح، وبعد نشر حالتها فقط سمحت اسرائيل بعودة الأم الى ابنتها، بحسب القانون، لكن هذا القانون القاسي لا يسمح لسكان غزة بالعيش في الضفة حتى لو انشأوا فيها بيوتهم. تُرجمت صرخة المسلوبين الآن الى ارقام: 140 ألفا حتى اوسلو فقط. إن طلابا خرجوا للدراسة، ورجال اعمال جربوا حظهم في الخارج، وعلماء خرجوا لدورات استكمال، ومقدسيين أبناء مقدسيين تجرأوا على التحول الى شقة في الضفة مؤقتا – كل اولئك حكمهم واحد. كلهم أخذتهم الريح وطردتهم اسرائيل فلم يستطيعوا العودة بعد ذلك.

        الأعجب هو رد المسؤولين عن سياسة التطهير. فهم لم يعلموا. فقد قال اللواء (احتياط) داني روتشيلد الذي كان في الماضي الحاكم العسكري الرئيس بصفته المغسولة "منسق اعمال الحكومة في المناطق"، قال انه سمع بهذا الاجراء أول مرة من صحيفة "هآرتس". يتبين ان ليس التطهير وحده هو المستمر بل الانكار ايضا. فكل ولد فلسطيني يعلم ولا يعلم اللواء. وما يزال اليوم ايضا يُسجل 130 ألف فلسطيني باعتبارهم "حلاّت" وهو اختصار للجيش الاسرائيلي آسر للكلمات "كف عن ان يكون ساكنا"، وكأن ذلك عن ارادته، وهي بديل مغسول من كلمة "مطرود"، أما اللواء الذي عُرف بأنه مستنير نسبيا فلم يعلم.

        لا مطلقة لعودة اللاجئين التي "ستُدمر دولة اسرائيل"، ولعودة المطرودين الجدد ايضا. من المؤكد أننا سنوجد حتى يوم الاستقلال القادم قوانين طرد جديدة وسنتحدث في العيد القادم عن الديمقراطية الوحيدة.