خبر ألم الفلسطينيين ومسؤوليتهم -هآرتس

الساعة 08:38 ص|11 مايو 2011

ألم الفلسطينيين ومسؤوليتهم -هآرتس

بقلم: شلومو افنيري

(المضمون: ما يزال العرب عامة والفلسطينيون خاصة عاجزين عن تحمل مسؤوليتهم عما حدث للفلسطينيين في 1948 ويُلقون التبعة كلها على اسرائيل - المصدر).

        إن محاولات عناصر من اليمين المتطرف في اسرائيل ان يحظروا على مواطني اسرائيل العرب تذكر النكبة آثمة ودنيئة محكوم عليها بالفشل. ومن جهة اخرى فان مبادرات اليسار المتطرف التي ترمي الى جعل يوم النكبة يوم ذكرى مشتركا بين جميع مواطني اسرائيل – محكوم عليها بالفشل ايضا. فاسرائيل ليست دولة ثنائية القومية، ويصعب مع كل الليبرالية والانسانية تناول النصر والهزيمة على نفس الصورة. أما ما يمكن أن يُطلب الى الأكثرية اليهودية فهو أن تنظر باحترام الى حداد الفلسطينيين.

        غير أن العقبة التي قامت حتى الآن في طريق كل محاولة جدية في هذا الاتجاه هي شكل عرض النكبة في الرواية الفلسطينية. إن النزاهة توجب على اسرائيليين ليبراليين خاصة مواجهة هذا الامر.

        أولا، مجرد مصطلح "نكبة"، ومعناه الأقرب في العبرية "كارثة"- وكأن الحديث عن كارثة طبيعية لا عن نتيجة فعل بشري، هو تهرب من سياق الأحداث التاريخي. فـ "النكبة" لم تكن كارثة؛ كانت نتيجة هزيمة عسكرية وسياسية نبعت من قرارات سياسية يوجد مسؤولون عنها.

        وثانيا، برغم أنهم في العالم العربي عامة وعند الفلسطينيين خاصة لا يميلون الى مجابهة المحرقة – نسمع احيانا مقارنات بين النكبة والمحرقة. لكن مجرد المقارنة يحمل تبلد حس اخلاقيا: فما حدث للفلسطينيين في 1947 – 1948 كان نتيجة حرب هُزموا فيها. وكانت المحرقة معركة مخططا لها لقتل جماعي. إن يهود اوروبا الستة ملايين الذين أُبيدوا في المحرقة لم يخرجوا لمحاربة المانيا. فقد كان يهود المانيا ذوي شعور وطني من الالمان الأخيار، ورأى جزء كبير من يهود شرق اوروبا الثقافة الالمانية تجسدا للثقافة الاوروبية في أفضل حالاتها.

        وثالثا، وقد يكون هذا هو الأهم أن الخطاب الفلسطيني لا يواجه حقيقة ان القرارات السياسية العربية هي التي جلبت الكارثة الفظيعة على الجمهور الفلسطيني. هناك مئات إن لم نقل آلاف من المقالات والكتب باللغة العربية تبحث في حرب 1948، وتوجد تحليلات رائعة لأسباب الفشل العسكري. لكنه لا يوجد حتى اليوم استعداد لمواجهة حقيقة بسيطة وهي ان قرار الخروج لمحاربة قرار التقسيم الذي صدر عن الامم المتحدة كان خطأ سياسيا واخلاقيا فظيعا للعالم العربي.

        لو أن الفلسطينيين والدول العربية قبلوا قرار التقسيم لأصبحت فلسطين دولة مستقلة في 1948 ولما وُجدت مشكلة اللاجئين. ليست اقامة دولة اسرائيل هي التي أحدثت مشكلة اللاجئين بل خروج العرب لمحاربة اقامة دولة يهودية على جزء من ارض اسرائيل.

        يجوز للاسرائيليين الذين يطمحون الى المصالحة ان يطلبوا الى الطرف العربي مواجهة هذه الاسئلة. وكما انه لا يمكن قطع طرد 12 مليون الماني من شرق اوروبا بعد 1945 عن مهاجمة المانيا لبولندة في 1939 فانه لا يمكن تجاهل البُعد الاخلاقي للقرار العربي على الخروج لمحاربة فكرة التقسيم: فعندما تخرج للحرب وتخسر فيها تكون لذلك نتائج حتى وإن لم يمكن اعفاء المنتصر من المسؤولية عن أفعاله.

        اذا كنا نخطو حقا نحو حل الدولتين فانه يمكن أن نتوقع قدرا من انتقاد الذات من الطرف العربي. سيُسهل هذا جدا على الاسرائيليين المشاركة في الألم الفلسطيني.

        إن تباشير تحول ديمقراطي في العالم العربي يجب أن تثير الأمل في أن تكون احدى نتائج ما حدث في ميدان التحرير خطابا نقديا – أي بدء التحرر ايضا من عدم القدرة على النظر في المرآة بنظرة نقدية.