خبر انفجار الغضب « الإسرائيلي » إزاء داغان: ينبغي الحفاظ على الغموض حيال إيران

الساعة 08:16 ص|10 مايو 2011

انفجار الغضب "الإسرائيلي" إزاء داغان: ينبغي الحفاظ على الغموض حيال إيران

فلسطين اليوم- وكالات

انفجر الغضب الإسرائيلي بطريقة شديدة ضد رئيس الموساد السابق مئير داغان لتصريحاته بشأن «غباء» التفكير بتوجيه ضربة عسكرية إسرائيلية للمشروع النووي الإيراني، وتقريبا لم يكف أحد من كبار المسؤولين الإسرائيليين عن إدانة كلمات داغان ووصفها أيضا «بعديمة الحكمة» من جانب وزير الحرب "الإسرائيلي" إيهود باراك.

ويعود الغضب الشديد على داغان وتصريحاته لسببين: أولهما التوقيت حيث إن حكومة بنيامين نتنياهو معنية باستخدام ورقتي إيران و«الأصولية» الإسلامية في محاولة لتجنب الانصياع لمسعى دولي بإقامة دولة فلسطينية. والثاني أنها تصدر عن شخص داغان، الذي لولا الإخفاق العملياتي وافتضاح دور وشبكات إسرائيل في اغتيال القائد الحمساوي محمود المبحوح في دبي، لاعتبر أسطورة، خصوصا أنه كان المسؤول الأول عن تنسيق النشاطات الإسرائيلية والدولية لإحباط المشروع النووي الإيراني.

وقد دأبت إسرائيل، المتمتعة بمزايا سياسة الغموض النووي، على انتهاج سياسة غموض إزاء الحل العسكري للمشكلة النووية الإيرانية. وأصر قادتها على الدوام في مباحثاتهم مع الدول الغربية، وأميركا خصوصا، على التأكيد على وجوب إبقاء الخيار العسكري على الطاولة. وهددت الدولة العبرية مرارا بأن عدم إيجاد الغرب حلا للمشكلة النووية الإيرانية يدفعها للتصرف وحدها على هذا الصعيد. تجدر الإشارة إلى أن رئيس الطاقم السياسي والأمني في وزارة الحرب الجنرال عاموس جلعاد أعلن، في ندوة في مركز دراسات الحرب  أمس الأول، أن «إيران النووية تشكل تغييرا جوهريا علينا مواجهته. لذلك محظور علينا تفصيل أو رفض أي خيار عمل. ينبغي لنا الحفاظ على الغموض».

وواصلت إسرائيل توجيه التهديد بالضربة العسكرية رغم أن خبراء عسكريين واستراتيجيين، إسرائيليين وأجانب، أشاروا مرارا إلى أن امتلاك قدرة إحباط المشروع النووي الإيراني بضربة عسكرية ليس أكثر من كلام فارغ. بل إن بعضهم ذهب إلى حد اعتبار أن مجرد قيام إسرائيل بمحاولة توجيه ضربة يعني أن إيران ستتجه من دون إشكالات وبسرعة نحو خيار امتلاك السلاح النووي، وهو ما تعلن رسميا عدم لجوئها إليه حتى الآن.

وفي كل حال أبدى ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية استغرابه من تصريحات رئيس الموساد السابق ضد الضربة العسكرية لإيران. واعتبر المقربون من نتنياهو أن هذه التصريحات جزء من أعراف مرفوضة سادت مؤخرا وشملت أقوالا كالتي أطلقها رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين بشأن الحكومة الفلسطينية الجديدة.

كما أن ايهود باراك علق على تصريحات داغان «بأنني لست واثقا بأن كلام داغان صحيح، لكن لم يكن حكيما من جانب أن يشرك في أفكاره الجمهور الواسع، إذا كان قال هذا الكلام. وفي كل الأحوال فإن الأمر يتعلق بمواضيع وقرارات مكانها المستوى السياسي».

كما أن الوزير المسؤول عن المخاطر الاستراتيجية في حكومة نتنياهو، الجنرال موشيه يعلون أعلن أنه «يفضل لو أن جملا من هذا الطراز لا تقال، وبالتأكيد ليس على ألسنة أناس احتلوا مثل هذا المنصب حتى وقت قريب. جيد أن هناك آراء مختلفة، لكن ينبغي أن تقال في دوائر مغلقة. لقد خرجت هذه الأمور إلى العلن بشكل ضار».

أما وزير المالية يوفال شتاينتس، الذي كان حتى قبل توليه المنصب الوزاري يعتبر نفسه خبيرا في القضايا الاستراتيجية، فأعلن أن «هذه تصريحات نافلة، في أقل تقدير. فقادة الموساد، الجيش والشاباك وكذلك الوزراء لا يمكنهم الحديث فور مغادرتهم مناصبهم في قضايا جارية». وأشار إلى أن «داغان رئيس موساد رائع، مؤسف هذا القول غير اللازم منه. ومن دون الإشارة لموقفي من الموضوع، هذا قول لا يستحق أن يقال، ومؤسف أنه قيل».

وحمل العضو في ما تسمى بلجنة الخارجية والأمن في الكنيست اليميني المتطرف أرييه إلداد على داغان. وقال ان «الإعلان عن أن إسرائيل لن تهاجم من الجو عمل أشد حماقة من الهجوم نفسه». وشدد على أن لإسرائيل الحق بمهاجمة إيران التي «فيها أهداف عسكرية وأنا استغرب داغان، فاغتيال أعداء إسرائيل هو أيضا عمل غير قانوني لكنه ضروري. وقد اعتاش داغان على ذلك بشكل مجيد».

واختلف مع هذه الأجواء ما يسمى برئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الجنرال شاؤول موفاز الذي أعلن أن «موقف داغان مهم، وكان من الصائب قوله، وكشخص أدى عمله بشكل مذهل وأسهم كثيرا في أمن إسرائيل». واعتبر أن محاضرة داغان أمام كبار المسؤولين في الدولة هي الإطار المناسب لقول كلام كهذا على المستوى الاستراتيجي.

وكان داغان، في أول حديث عام له منذ خروجه من منصب رئيس الموساد مطلع العام الحالي، قد أعلن في مؤتمر في الجامعة العبرية قبل ثلاثة أيام أن «الهجوم الجوي على المفاعلات النووية الإيرانية فكرة حمقاء لا تنطوي على أي مزايا». وأضاف ان «من يهاجم في إيران عليه أن يعلم أنه قد يبدأ حربا إقليمية في إطارها ستتساقط الصواريخ من إيران وأيضا من حزب الله في لبنان». وشدد على أن الحل يتمثل في التدخل الدولي، موضحا «ينبغي بلورة المشكلة الإيرانية كمشكلة دولية ومواصلة العمل على عرقلة التطور النووي الإيراني».

تجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تنسب فيها أقوال كهذه لداغان عن إيران. إذ جرى تسريب أقواله في مقر الموساد في حفل تسريحه من الخدمة، والتي أوصى فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي كان جالسا في الحفل بالتخلي عن التفكير بتوجيه ضربة عسكرية لإيران.