خبر أنا متفائل- معاريف

الساعة 08:11 ص|09 مايو 2011

أنا متفائل- معاريف

بقلم: حاييم حيفر

(المضمون: أنا متفائل، لاني لا ازال أومن بان هذه ستكون دولة جيدة في المستقبل، وان هذه ستكون دولة يكون فيها الطب الافضل والزراعة الافضل. رغم اننا لم نعنى بذلك في أي مرة في المنفى، الا اننا اليوم نبيع الري الى الصين والى كل العالم - المصدر).

        الدولة والحاضرة بدأناهما بـ 200 الف يهودي صهيوني، مع كيبوتسات كانت في مناطق فظيعة، مع سور وبرج، مع حب للارض.

        ذات مرة لم تكن هنا أنانية. الناس لم يفكروا بأنفسهم فقط، بل فكروا بالواجب. بالرفاق الذين لا يتركون جرحى في الميدان، ولا حتى الموتى. الزمالة. مثلما في قصيدة حاييم غوري، كانت فوق كل شيء. الاحساس كان أنك مسؤول عن كل شيء، عن رفاقك وعن شعبك. أنانيتك ببساطة ليست هامة، الهام هو مسؤوليتك تجاه الجميع.

        أذكر رفيقين لي في البلماخ ممن قاتلا في الشيخ جراح في القدس. اعطوهما قنابل يدوية وكلفوهما الوقوف امام الجيش العربي ووقفه. هكذا. رفيقان مع قنابل يدوية. وقد فعلا ذلك.

        في أيار 1948، قبل اعلان الدولة، جئت الى يغئال الون، الذي كان في حينه قائد المنطقة الشمالية، في موضوع التشيزبطرون. أردنا أن نظهر امام المقاتلين، وعلمت اننا سنجتاز نهر الاردن وسنفجر مخزن الذخيرة للسوريين في الجانب الاخر. أعدوني قبل الاجتياح لحراسة نهر الاردن من أجل احتلال جزء من بلاد اسرائيل. قلت ليغئال الون اني اريد أن اشارك في هذه المعركة.

        لم أكن جنديا، ولكني قلت له اني أعرف المعابر الى الاردن. فوافق. أعطاني بندقية ستن خاصته وبزته وقال لي "اذهب".

        اجتزت الاردن. في أيار كان التيار قويا دوما. صعدت مع الجماعة، أحدثنا بعض الضجيج، وعندما وصلنا رأينا أن فرشات السوريين لا تزال ساخنة. كلهم هربوا. فجرنا كل مخزن الذخيرة لديهم، وثلاثة أيام بقيت الانفجارات تسمع والنار تشتعل. هل كنت ملزما؟ لا. وما أن نزلنا حتى واصلت مع التشيزبطرون. وأنا لا أرى في ذلك بطولة، بل واجب. الواجب تجاه شعبي.

        ينبغي العودة الى روح البلماخ هذه، روح التطور، الاكتفاء بالقليل والتضحية. روح الحقيقة التي باتت بعيدة جدا عما تطعمنا اياه القيادة اليوم. "حقيبة الاكاذيب" كانت شيئا لطيفا، ولكن هذه امور من شأنها هنا ان تكلفنا حياتنا.

        اليوم أرى مزيدا من الناس الانانيين. كل واحد لا يهتم الا بنفسه. ويسمون هذه النزعة بتغطية القفى. الكثير من الناس لا يأخذون المسؤولية حتى عن قصوراتهم. هناك الكثير من صغار القوم الذين تلقى عليهم المسؤولية دون وجه حق. هذا ليس جيدا للدولة.

        وشيء آخر يحصل اليوم ولم يكن ذات مرة. وهذا هو نزعة الاستمتاع بالمناعم. هذا فظيع. فهل فكر بن غوريون في ذلك؟ بيغن؟ كانا اناسا متواضعين. اين اليوم هذا التواضع؟ بيبي يأكل وجبة عشاء فوق كازينو. من دفع عنه؟ أين كان مثل هذا الامر في عهدنا؟

        بن غوريون، كل ما استمتع به كان السير الى سديه بوكر، كي يزهر القفر. اين هذا واين نزعة الاستمتاع اليوم؟ اليوم الناس يريدون المال، الشقة الاكبر، حساب البنك الاسمن.

        مع قيام الدولة كان هناك كفاف، إذ حقا لم يكن هناك الكثير. أما اليوم فالامور سائبة. لماذا ينبغي لمدراء البنوك ان يكسبوا هذا القدر الكبير؟ هذا جاء من المنفى حيث كان اليهود يقرضون بالفائدة.

        عملنا في أن نقيم هنا دولة قيمتها العليا هي العمل، الزراعة، تنمية القفر. اما اليوم فأينما ننظر نرى الصرافين، الذين يبدلون الشواكل بالدولارات. ليتنا كان بوسعنا أن نعود الى دين العمل. وننشغل بالصنعة. اليوم يوجد عشرات الاف المحامين. لم يعد لديهم اليوم من يمثلون، فاذا بهم يتشاجرون الواحد مع الاخر. هذه هي الحياة السهلة.

        أنا اليوم ابن 85، ولا أزال أحمل علما. لا استسلم. أكتب كل الوقت ضد الفساد، ورغم أن هذا يستشري في الشعب، الا اني متفائل.

        أنا متفائل، لاني لا ازال أومن بان هذه ستكون دولة جيدة في المستقبل، وان هذه ستكون دولة يكون فيها الطب الافضل والزراعة الافضل. رغم اننا لم نعنى بذلك في أي مرة في المنفى، الا اننا اليوم نبيع الري الى الصين والى كل العالم.

        انا متفائل إذ مثلما كتبت ذات مرة في احدى قصائدي "الرأس اليهودي يقدم لنا الاختراعات". للعقل اليهودي توجد أفكار وتوجد اختراعات ونحن سنخترع. مثل ستاف فارتهايمر، الذي عمل على الاختراعات في مجال المعادن وهو اليوم أحد الاشخاص الاغنى في العالم. يبيع لليابان، لجنوب كوريا ولالمانيا. هل فكرتم ذات مرة بان يبيع اليهود المعادن لالمانيا؟ قطع غيار للطيارات؟ إذن أنا متفائل.

        أنا أيضا متفائل من هذا الشعب. صحيح أن حياته مريحة، وهو لن يخرج الى الشوارع مثلما في سوريا، في مصر وفي تونس، ولكن هنا ايضا الشعب سيثور ضد فساد الزعماء. لن يجدي أي شيء. هنا أيضا سيحصل هذا. لا مفر. لا يمكن اعطاء كل شيء فقط للاغنياء، الذين يأخذونه لانفسهم ايضا. عندي رفيق، ايتشا ممبوش من عين هود، يقول دوما: "يا رفاق، لا تبذروا اليأس، فنحن لا بد سنحتاجه".

        مع ما اجتزته هنا في الدولة، لا يمكن الحال أن يكون الا أفضل.