خبر أمر اعتقال- هآرتس

الساعة 10:13 ص|08 مايو 2011

أمر اعتقال- هآرتس

بقلم: عميره هاس

بدأ ذلك بما يجربه عشرات الفلسطينيين كل شهر: فتحت جنح الليل ركل للباب أو صراخ من ورائه، البيت محاط بجنود يسددون البنادق. كانت البنادق هذه المرة مسددة الى فتاة في الرابعة عشرة وجدتها ابنة السابعة والستين اللتين حلتا ضيفتين عند الخالة ابنة الثالثة والخمسين وابنتها ابنة الثانية والعشرين في بيتهما في البيرة. قالت الشابتان بعد ذلك إن الجنود نبحوا، كما قالتا، بأوامر واسئلة وتهديدات.

جاء الجنود لاعتقال الدكتور احمد قطامش ابن الستين. في 1998 أُفرج عنه بعد خمس سنين ونصف في الاعتقال الاداري. والتهمة انه مسؤول كبير في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والنشاط في المنظمة – لم يتم البرهان عليها بمحاكمة قط. احتاج "الشباك" الى اطالة أمر الاعتقال الاداري أي الى الاعتقال الطويل بلا محاكمة، ولا حتى المحاكمة العسكرية المعروفة بتنازلها المفرط عن المباديء والاجراءات السوّية.

منذ تم الافراج عن قطامش أنهى شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية ويعيش على التدريس. استمر في كتابة كتب ونشر مقالات تعارض اتفاق اوسلو وتؤيد دولة ديمقراطية واحدة، وتقاوم الفساد في السلطة الفلسطينية.

وفجأة – في 21 نيسان فجرا، جاء الى البيت عشرة جنود وكان عشرات حوله. وكان الأمر أن يمثل قطامش (الذي كان عند أخيه) فورا. أصر قطامش على ان يأتي الجنود اليه وأوضح كيف يأتون.

في الثامن والعشرين من نيسان مُدد اعتقاله بالمحكمة العسكرية في معسكر "عوفر". وطلبت النيابة العسكرية الاعتقال 11 يوما. قال وكيل النيابة محقق الشرطة ايتسك شموئيل إن الحديث عن شبهة عضوية ونشاط في الجبهة الشعبية. وتفصيلات ذلك في "التقرير السري". وقال ايضا: "كان هناك قصد الى اعتقال المشتبه فيه اعتقالا اداريا وتقرر في ضوء التطورات في هذه المرحلة طلب تمديد اعتقاله من اجل التحقيق... التحقيق مهيمن وسيتقرر بحسب التطورات هل يُحقق مع المشتبه فيه أم لا".

عارض قطامش أن يُعرف بأنه "مشتبه به". فالحديث عن آراء يعبر عنها بصراحة ولهذا تم اعتقاله كما قال، فاذا حدثت محاكمة فستكون سياسية لا أمنية. قضى القاضي شموئيل كيدار بأنه في "مادة الأدلة التي جُمعت حتى الآن لا توجد امور حقيقية فيها ما يسوغ استمرار الاعتقال، لكن المحقق قدم تقريرا سريا فُصلت فيه شبهات كبيرة عن نشاط معادٍ وعن اعمال التحقيق التي تريد السلطات القيام بها". وحكم بستة ايام اعتقال حتى الثالث من أيار، في الخامسة بعد الظهر.

في 3 أيار بدأ يوم اعوجاج للاجهزة:

الصباح. أبلغت موظفة تسجيل في السجن المحامي محمود حسان من جمعية "الضمير" (لدعم الأسرى) ان قطامش سيُفرج عنه ولهذا لا يوجد بحث لتمديد الاعتقال. وعادت الموظفة وصدقت هذه المعلومة في الثانية بعد الظهر (أي ان "الشبهات الكبيرة" والسرية في الثامن والعشرين من نيسان لم تؤدِ الى شيء).

الرابعة بعد الظهر. العائلة تنتظر قطامش في حاجز بيتونيا – من هناك الدخول/ الخروج الى المحكمة العسكرية والى سجن "عوفر".

الخامسة بعد الظهر. قالت موظفة التسجيل لحسان: تعال، يوجد تباحث في التمديد لانهم ينوون اصدار أمر اعتقال اداري.

الخامسة والنصف. حسان يسرع الى حاجز بيتونيا. الجنود: لم يُسجل أي تباحث ولهذا لا إذن لك بالمرور. يتصل حسان بمدعي عسكري ويقول هذا: لا يوجد أمر اداري ولا يوجد تباحث. قطامش سيُفرج عنه. وتصدق ذلك موظفة التسجيل في السجن: لا يوجد تباحث وقطامش سيُفرج عنه. وهي تُعده للافراج عنه.

السابعة مساء. موظفة التسجيل لحسان: هناك مشكلة مع موكلك. طلب "الشباك" إليّ الانتظار.

الثامنة. موظفة التسجيل: يقول "الشباك" ان هناك أمرا (اعتقالا اداريا). وفي اللحظة التي يأتي فيها سأتصل.

الحادية عشرة ليلا (بعد ست ساعات من زوال فاعلية تمديد اعتقال قطامش). تُبلغ موظفة التسجيل حسان بأنه قد جاء بالفاكس أمر الاعتقال الاداري. وقد وقع على الامر العقيد يئير كولس وضابط استخبارات من قيادة المركز.

في يوم الاربعاء صباحا تلقى حسان الأمر وأصيب بالدهشة: فقد عُرف الامر بأنه "تمديد" اعتقال اداري؛ وتحت اسم المعتقل ورقم بطاقة هويته ومدة الاعتقال التي كُتبت بخط يدوي، لوحظت علامات محو بالتيبيكس؛ وسنة الولادة المذكورة مخطوءة (1952 بدل 1951)؛ وفي السطر الوحيد الذي يتناول سبب الاعتقال كُتب ما يلي: "بسبب كونه نشيطا من حماس يُعرض أمن الجمهور للخطر". وقد ورد في تمديد مدة الاعتقال ان قطامش هو نشيط في الجبهة الشعبية. فكيف قفزوا من هنا الى نشاط في حماس في أمر الاعتقال الاداري؟.

من الواضح انه في مكان ما في قيادة المركز قد أُصدر أمر تمديد اعتقال فلان، وصُور وأُصدر بأكبر قدر من الاهمال. قد يكون الجيش الاسرائيلي يوفر الاوراق، لكن هل الاعتقال ستة اشهر بلا محاكمة هو أمر ضئيل جدا بحيث لا يوجب على الادارة فحصا أساسيا للتفاصيل؟.

جاء عن متحدث الجيش الاسرائيلي ردا على ذلك: "كان يفترض ان يزول في ليل 3/5/2011 سريان فعل اعتقال احمد موسى قطامش الذي اعتقل حتى هذا التاريخ من اجل التحقيق. مع ذلك تلقت عناصر الامن في ذلك اليوم معلومات محدثة لم تكن تملكها قبل ذلك فيها ما يُبين خطرا شديدا من المعتقل. وبناء على ذلك صدر أمر اعتقال اداري له. وقع الامر إذ كانت المادة الأمنية تحت بصر القائد العسكري. بسبب سرعة اصدار الامر وقعت بضعة اخطاء في صياغة الامر وأُصلحت بعد ذلك".

حدثت معجزة في اسرائيل! ففي وقت ما بين الخامسة والثامنة قبل ان يفرج عنه جرى تلقي معلومات طازجة عن الخطر الامني البالغ من قطامش.

تم التحقيق معه مرة واحدة منذ يوم اعتقاله حتى 2 أيار. واستمر التحقيق عشر دقائق كما قال لمحاميه.