خبر إحترقت أوراق لعبنا كلها- هآرتس

الساعة 10:05 ص|08 مايو 2011

إحترقت أوراق لعبنا كلها- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

يتجول بنيامين نتنياهو مثل أب ثاكل في أنحاء العالم ويرثي لنفسه: فقد أضاع محمود عباس. لكن ليس شعور الثكل هو الذي ينبعث عن بيبي بل هو الغضب العظيم لمن خانته زوجته وقد زعم دائما انه ليست له كذلك. انه زوج داهية يبدو ضعيفا متعلقا وكأن حياته متعلقة بنتنياهو. انه خانع دائما وكلامه متردد وبعيد جدا عن الصلابة الاندفاعية للاشريك الاسرائيلي. سار ابن الملك والفقير معا، وعدم الشراكة بينهما تصلهما بمسامير صدئت بسبب قدم الصراع – لكن ذلك الى بُعد قصير. كانت تلك علاقات مصوغة جيدا تضمن البقاء الى الأبد ولو من اجل اخفاء عجزها.

وفجأة، مثل فعل شيطان يطلب ان يُقضى دينه، انقطعت الصلة ومضى عباس الى حماس وفعل بيبي ما يفعله كل من وقعت عليه خيانة: أغلق حساب المصرف المشترك، وقطع تيار المال، وهدد بضم ارض الفلسطينيين وجرى الى العالم ليتحدث عن إنكار شريكه للجميل. أي إنكار جميل. ان هذا تهديد حقيقي، وكيف يمكن النظر الى من ينام في سرير أشباه ابن لادن في غزة.

لا يهم بيبي ألبتة هل تنجح ضفتا الدولة الفلسطينية في التوحد والامتزاج. وكذلك لا يهمه من سيكون رئيس الحكومة الفلسطينية وهل الشعب الفلسطيني يريد هذا الامتزاج. إن الشعارات التي رفعها المواطنون الفلسطينيون في رام الله وفي غزة، وكُتب فيها بلون احمر براق أن شعبهم موحد، انزلقت عن أذنيه وعينيه. فهو لا يرى ذلك أمرا فلسطينيا أو عربيا، كل شيء اسرائيلي أو اذا شئنا أصح من ذلك – الجميع ضد لاسرائيل. لا يستطيع أي شيء حسن ان يُنتج من هذه الوحدة. ومن عدم المفاجأة الكبير ان من لا يرفض المصالحة هب فورا لتحديد أماكن الألغام التي قد تنفجر من المصالحة كي يُسلي نفسه بأن الحديث أصلا عن تصريح لا عن جوهر، وأننا قد حضرنا مثل هذا العرض مرات كثيرة.

كم هو مغضب هذا. تعودنا هذا الانقسام كثيرا الى درجة أن أصبح ركنا أساسيا في سياسة اسرائيل إزاء الفلسطينيين. وضمن انه حتى لو قرر عباس المضي الى الامم المتحدة لطلب اعترافها بالدولة الفلسطينية فان اسرائيل تستطيع ان تسحب دائما ورقة غزة وأن تقول انه لا يمثل كل الشعب الفلسطيني في المناطق وانه لا يسيطر على حماس وإن نصف الدولة الفلسطينية توجه حربا حقيقية ضد اسرائيل. وهذه نفس المزاعم بالضبط التي زعمتها حماس في مواجهة عباس عندما أدار مفاوضته العقيمة لاسرائيل.

إن الانقسام الفلسطيني الذي كان يُرى في اسرائيل واقعا أبديا أباح لها ان ترسم خريطة المنطقة كما تشاء: فسوريا وايران وحماس وحزب الله من جهة، ومصر والسعودية والاردن والسلطة الفلسطينية من الجهة الاخرى. كانت تلك خريطة جيدة رُوج لها جيدا في واشنطن واوروبا. ولم يُفسد ذلك سوى تركيا وربما النرويج ايضا، لكن لا يُحسب لهما حساب.

فجأة احترقت أوراق لعب اسرائيل كلها، فقد تلاشت مصر، وسوريا مشغولة بقتل مواطنيها، وايران لن تطلق علينا قنبلة ذرية كما يعد اهود باراك ولم نسمع عن حزب الله لاسابيع طويلة، وبقي لاسرائيل ان تتمسك بحماس وحدها باعتبارها رمزا للواقع الذي لا يتغير، وقد خانت هي ايضا الآن.

وُلد الاخفاق القديم عندما استقر رأي اسرائيل على أن الشعب الفلسطيني لن يتوحد أبدا وأن المسيرة السياسية ليست مع شعب وقادة بل مع مناطق جغرافية. في الضفة أجرت المناطق الاسرائيلية، المستوطنات، التفاوض مع المناطق الفلسطينية. ولم تكن حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية سوى ممثلتين لتلك المناطق وأدارتا تفاوض راسمي خرائط لا قادة. لم تشارك غزة في اللعبة، فقد ظلت تُدير معارك مقاومة كان همّها كله أن تصد حوار المناطق بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.

الآن قام عباس وخالد مشعل بتحول مغضب. فهما يريدان اجراء تفاوض في مستقبل الشعب الفلسطيني. وهما يريدان دولة معترفا بها في الامم المتحدة، وما عادا مستعدين لتفاوض منظمات مع دولة بل دولة مع دولة. وبيبي لم يستعد لهذا. اعتاد ياسر عرفات ان يقول عن ذلك: من لم يعجبه ذلك فليشرب ماء البحر الميت.