خبر دولة البحر ودولة الجبل _ هآرتس

الساعة 04:21 م|06 مايو 2011

دولة البحر ودولة الجبل _ هآرتس

بقلم: البروفيسور جدعون بيغر

        حان الوقت. يحثون في العالم على الاعتراف بالاستقلال الفلسطيني، وبموازاة ذلك توقع السلطة الفلسطينية على اتفاق مع حماس في غزة للتوحد والعمل السياسي المشترك. لكنه يُسأل سوى النقاش السياسي السؤال الجغرافي: وهو هل دولة منقسمة باثنتين بينهما دولة اخرى تستطيع البقاء زمنا طويلا؟.

        كما يبدو الوضع الآن نحن نواجه رسم دولة جديدة على خريطة العالم يميزها من جملة ما يميزها انها مؤلفة من جزئين بلا صلة مناطقية برية أو بحرية. وعلاوة على جميع الاختلافات السياسية، هل هذا جيد أو سيء لاسرائيل، يُثار سؤال هل يمكن ان يدوم ذلك؟.

        إن استعراضا قصيرا لحالات مشابهة في الماضي لا يدع مجالا للتفاؤل في هذا الشأن. ففي القرن الماضي وُجدت بضع دول لم تكن أجزاؤها المختلفة متصلة بعضها ببعض من جهة المناطق. بعد الحرب العالمية الاولى نشأت دولة المانية كان أحد أجزائها – بروسيا الشرقية ومدينة دانتسيغ – مفصولا عن سائر أجزائها بممر من ارض بولندية ربط مدينة العاصمة وارسو بالبحر. وبعد الحرب العالمية الثانية نشأت المانيا الغربية التي كان جزء منها هو برلين الغربية مفصولا عن سائر أجزائها من جهة مناطقية، وعندما انتقضت الهند البريطانية أُنشئت دولة باكستان على أساس السكان المسلمين في شبه القارة. كانت الدولة الباكستانية في 1947 مؤلفة من جزئين غربي وشرقي امتدت الهند بينهما. وكان لدولة اسرائيل ايضا بين السنتين 1948 – 1967 جيب مناطقي هو جبل المشارف ليست له صلة بسائر أجزاء الدولة.

        في جميع الحالات التي ذُكرت أعلاه استُعملت نظم للربط بين الأجزاء – ممرات آمنة (برلين)، وشوارع أو سكك حديدية خاصة، وخطوط طيران وقوافل (جبل المشارف) وغير ذلك. دامت هذه النظم زمنا قصيرا وانتهت الى أن بطلت من تلقاء ذاتها إما نتاج جولة اخرى من القتال (جيب دانتسيغ وجبل المشارف)، وإما للتوحيد بين الاجزاء (برلين) أو انفصال بعض الاجزاء واستقلاله (باكستان الشرقية التي أصبحت بنغلاديش).

        توجد اليوم حالة واحدة بارزة فقط لدولة ذات منطقة مفصولة: الولايات المتحدة التي تفصل كندا بين ألاسكا وسائر أجزائها. لكنه يوجد هناك ممر بحري حر آمن والعلاقات بين الولايات المتحدة وكندا لا تحوج الى ترتيبات خاصة للمرور. ونشأت حالات اخرى مع حل الاتحاد السوفييتي السابق. ففي منطقة القوقاز توجد منطقة نختشيفان التي تتبع أذربيجان لكن تفصلها عنها منطقة من ارمينية، دون صلة مباشرة أو غير مباشرة بين الجزئين. في مقابل ذلك، توجد داخل اذربيجان ايضا منطقة عرضية غير مؤسساتية من اقليم أغورنو كارباخ الذي يسكنه الارمن بالأساس لكن دون صلة مناطقية بارمينية. وحالة ثالثة هي حالة منطقة كليننغراد وهي منطقة روسية على سواحل بحر البلطيق مفصولة عن سائر روسيا. هذه المناطق المميزة موجودة في العشرين سنة الاخيرة وبرغم انه نشأت فيها ترتيبات مرورية ما ما يزال من الصعب رؤية كيف ستصمد وهل تصمد.

        فيما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة، جرى الحديث كثيرا عن ممر آمن وجسور وأنفاق وخطوط طيران ورقابة على المسافرين والسيارات وما شابه، ويعمل كثيرون في هذا الامر، ومع ذلك تدل التجربة التاريخية على ان هذه النظم حتى لو وُجدت عدة سنين فلن تصمد في النهاية. يمكن بطبيعة الامر ان نزعم انه لا ينبغي ان نقيس المستقبل على حالات وقعت في الماضي، لكن يبدو انه في النهاية، وبسبب الفرق البارز بين غزة ورام الله ايضا – وبرغم حقيقة ان هاتين المنطقتين هما نتاج احتلال عسكري في 1948 (مصري في قطاع غزة واردني عراقي في الضفة الغربية) دون أي أساس سابق للوحدة – ستنشأ في نهاية الامر دولتان عربيتان داخل ارض اسرائيل: دولة غزة البحرية والساحلية وهي أكثر تعلقا بمصر والبحر المتوسط، ودولة الجبل المتعلقة بالمملكة الاردنية وبالشرق.