خبر يشعرون في البيت _ هآرتس

الساعة 03:58 م|06 مايو 2011

 

يشعرون في البيت _ هآرتس

بقلم: شالوم يروشالمي

        275 الف عربي من شرقي القدس ممن سيراجعون الاستطلاع الذي أجراه د. دافيد بولوك، لن يفاجأوا على نحو شبه مؤكد من النتائج التي ستذهل معظم الاسرائيليين. حسب الاستطلاع، 35 في المائة منهم سيفضلون العيش في دولة اسرائيل وليس في دولة فلسطينية، و 35  في المائة آخرون يفكرون بالسكن في اسرائيل. فضلا عن ذلك، فان 37 في المائة من المستطلعين سيوافقون على ترك منازلهم والانتقال الى اسرائيل، بدلا من البقاء والسكن في الدولة الفلسطينية اذا ما قامت. 23 في المائة آخرون سيفكرون بتنفيذ مثل هذه الخطوة.

جولة في شرقي المدينة تشرح لماذا. بعد 44 سنة من الاحتلال، ومع بطاقات هوية تضمن لهم الاقامة الكاملة، أصبح الفلسطينيون جزءا من المدينة، ولن يتنازلوا بسهولة عن المكانة وعن الانتماء. تكاد لا تكون هناك مؤسسات في غربي المدينة لا يعملون فيها. لا يوجد مكان في المدينة لا يشعرون فيه وكأنهم في بيتهم. من يعمل اليوم في شارع يافا، مقتنع بشكل عام بان المدينة يديرها الفلسطينيون. عشرات منظمي السير يقفون على طول الشارع الذي يجتاز غربي المدينة، ويشرفون على الا يجتاز السكان خطوط السكة فيصابوا باذى من القطار الخفيف، الذي يقوم بسفرياته التجريبية.

وعرض بولوك هذا الاسبوع استطلاع المشوق في المواضيع الفلسطينية أمام كبار رجالات ديوان رئيس الوزراء وأمام مؤسسات البحث. اسأله في البداية عن اسامة بن لادن، على أي حال. في الاستطلاع الذي أجراه بولوك في كانون الاول الماضي في الاردن، سأل السكان ماذا كانوا سيفعلون لو اكتشفوا بان اعضاء في القاعدة جاءوا للسكن في احيائهم. 37 في المائة من المستطلعين قالوا انهم كانوا سيبلغون السلطات عن ذلك. "في السنوات الخمس الاخيرة قل التأييد، المكانة والعطف للقاعدة بشكل واضح في ارجاء العالم الاسلامي، بما في ذلك في الدول العربية"، يشرح بولوك. وصلنا حتى مستوى تأييد طفيف لبن لادن وافعاله. اما اليوم فيمكننا بهدوء ان نطرح الاسئلة عن التأييد للارهاب حتى في دول مغلقة كالسعودية. السبب الاساس لمعارضة القاعدة ينبع من ان الارهاب وصل الى داخل البيت. العمليات في كازبلانكا، في عمان، في الرياض، في اسطنبول وفي اماكن اخرى، فعلت فعلها".

من الاستطلاع يتبين أن السكان كانوا سيسلمون بن لادن.

"نعم، ولكن مع ذلك يدور الحديث عن 37 في المائة. كل الاخرين كانوا سيتخذون خطوات اخرى، فيحافظون على مسافة او حتى يتركون الحي، ولكنهم ما كانوا ليتوجهون الى السلطات".

هل التأييد للقاعدة لن يزداد من جديد بعد تصفية بن لادن؟

"لا. اوليت اهتماما لهذه الظاهرة قبل خمس سنوات. الخبراء الاخرون تجادلوا معي. قالوا ان بن لادن هو بطل. كل شيء كان جيدا وجميلا، الى أن فهموا بانه يضر بهم على نحو كبير".

هل تعتقد ان معظم الجمهور العربي أيد تصفية بن لادن؟

"لا. يوجد فارق بين المعارضة للقاعدة بين التصفية الجسدية لبن لادن. الجمهور العربي في كل الدول لم يؤيد صدام حسين ولكنه عارض الاجتياح لامريكي للعراق، اسقاطه من الحكم وبعد ذلك عارض اعدامه. يدور الحديث عن أمرين مختلفين. التصفية هي أمر متطرف للغاية. بشكل عام، في اللحظة التي يوجد فيها تدخل من الخارج، ولا سيما تدخل غربي، كل الصورة تتغير".

هل تصفية بن لادن تضمن للرئيس اوباما الولايات التالية؟

"بالتأكيد لا. في المدى القصير العملية ستساعده جدا من ناحية سياسية في الولايات المتحدة، ولكن في غضون شهر – شهرين الناس ستبدأ بالهدوء وتنسى ذلك. في امريكا، بالضبط مثلما في العالم الاسلامي الواسع، المشكلة الاقتصادية هي في المكان الاول. العاطفة الوطنية ستبقى مع اوباما، ولكن قبيل الانتخابات لن يكون بن لادن ذا مغزى. هذا لا يعني أن ليس لاوباما فرصة لاعادة انتخابه. في كل الاحوال، الصورة الحقيقة سنبدأ في رؤيتها في ايلول 2012 فقط، قبل شهرين من الانتخابات. هكذا هو الحال في امريكا".

مع الوجه نحو الغرب

د. دافيد بولوك، الخبير الشهير، الباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الاوسط، تواجد في شرقي المدينة في تشرين الثاني الماضي لتنفيذ الاستطلاع. العمل الذي نفذه كان جذريا ولا تتميز به استطلاعات اخرى اجريت حتى اليوم في شرقي المدينة. وشارك في الاستطلاع 1.039 شخصا من كل الاحياء في شرقي المدينة، صنفهم بولوك نسبيا حسب عدد السكان. حسب هذا المفتاح، فان معظم المستطلعين جاءوا من البلدة القديمة، من بين حنينا، من الطور وحي الصوانة، من مخيم شعفاط للاجئين، من كفر عقب، من جبل المكبر ومن العيسوية. وكان المستطلعون الذين استخدمهم بولوك فلسطينيين فقط. ولم يكن لهم أي صلة بالسياسة على حد قوله. بولوك نفسه يتحدث العربية والعبرية وأشرف على البحث عن كثب.

حسب الاستطلاع وحساباتك، فان 56 في المائة من الفلسطينيين يرغبون أو يفكرون في أن يكونوا في اسرائيل، وليس في الدولة الفلسطينية اذا ما قامت. ومع ذلك فهذا معطى مثير للانطباع.

"أتعرف، الفلسطينيون انفسهم لم يتفاجأوا بهذا المعطى. فهم يعرفون ان هذا هو الوضع. من يمكن أن يفاجأ هم الفلسطينيون في رام الله، في غزة او في مخيمات اللاجئين في الاردن. ما يذهلني هو السؤال عن الهجرة. 40 في المائة من المستطلعين يقولون انهم ما كانوا فقط ليكونون مستعدين للعيش في دولة اسرائيل، في حالة التقسيم الى دولتين، بل نقل الشقة الى حي يكون في سيادة اسرائيلية. وهنا نحن نتحدث ليس فقط عن الموقف من المسألة او التعبير عن الرأي، بل عن الاستعداد للقيام بأمر ما دراماتيكي. الفلسطيني من سكان صور باهر مثلا، مستعد لان ينهض مع عائلته، يترك الحي والاصدقاء ويهاجر الى حي تحت الحكم الاسرائيلي. ضف لهذه الـ 40 في المائة 23 في المائة اخرى مستعدون للتفكير بنقل الشقة، وستحصل على اعداد كبيرة جدا".

حسب استطلاعك، كم سيكونون مستعدين للانتقال الى حي فلسطيني في حالة التقسيم؟

        "حوالي 27 في المائة سيكونون مستعدين لذلك. 19 في المائة سيفكرون بنقل الشقة".

        والان للشروحات

"حسب فحصنا، فان 44 في المائة من الفلسطينيين راضون عن الحياة في القدس اليوم. 26 في المائة آخرون يقولون انهم "راضون وغير راضين". الاسباب الاساسية للرضى هي مستوى التعليم، القدرة الحرة للوصول الى اماكن العمل، تزويد المياه والكهرباء ومستوى العناية الطبية. عنصر هام للغاية هو حرية حركة الفلسطينيين في شرقي المدينة. وهم اساسا غير راضين عن رخص البناء واسعار الارنونا والضرائب".

        ماذا يزعجهم؟

        "أساسا القيود على الحواجز، جدار الفصل والجريمة. وفقط بعد ذلك التهديدات من جانب المستوطنين في الاحياء العربية والفساد من جانب الموظفين الاسرائيليين والفلسطينيين".

        فساد اسرائيلي؟

        "اعتقد أنهم يقصدون في هذا الشأن التمييز، الذي يعتبرونه في نظرهم نوعا من الفساد. فاذا ما تصرف افراد الشرطة أو رجال حرس الحدود بشكل غير لائق، فان هذا يعتبر فعل فساد. بالمقابل، فان الفلسطينيين يسافرون كثيرا جدا الى مناطق السلطة، وهناك يأخذون منهم المال من تحت الطاولة، او يزعجونهم لاسباب متنوعة".

        لماذا يخشون السكن في الدولة الفلسطينية؟

        "الاسباب هي على المستوى اليومي: الخوف من فقدان القدرة على الوصول الى الاماكن المقدسة، ولا سيما المسجد الاقصى. التخوف من فقدان مكان العمل في اسرائيل وكذا حرية الحركة، التأمين الصحي، الخدمات البلدية. وكذا التخوف من الفساد في السلطة. أعتقد انهم اساسا يخافون فقدان الاستقرار. وهم لا يعرفون أي دولة فلسطينية ستقوم. على مستوى عدم اليقين يفضلون ما هو قائم. من يريد أن يسكن في الدولة الفلسطينية يفعل ذلك اساسا لاعتبارات قومية أو وطنية".

        ما الذي يزعجهم مع ذلك من السكن في اسرائيل؟

        "هم يخشون فقدان حرية الوصول الى المسجد الاقصى، بالضبط مثل اولئك الذين سيبقون في الدولة الفلسطينية. كما انهم يخافون التمييز والقيود على حرية الحركة، فقدان المنازل، ابناء العائلة والاصدقاء، ولكنهم مستعدون لان يدفعوا الثمن".

        اشرح لي قصة حرية الوصول الى الاقصى. فالحديث يدور عن اتفاق سلام وحرية وصول ستكون لكل الاماكن المقدسة.

        "أولا، لا أحد يعرف اليوم في أي سيادة سيكون المسجد الاقصى. بحيث ان هناك تخوف من الطرفين. ثانيا، يخشون ألا يمنع اتفاق السلام لهم بالضرورة حرية حركة. وهم لا يؤمنون بان الحدود المفتوحة ستعمل في الواقع. ثالثا، كلنا مجربون. هم يعرفون بان اتفاقات اوسلو كانت في واقع الامر اتفاقات سلام، ولكن النتيجة على الارض كانت قاسية جدا".

        باختصار، الفلسطينيون لا يؤمنون بالسلام حتى بعد تقسيم البلاد.

        "صحيح".

        يؤيدون الكفاح المسلح

        البروفيسور دافيد بولوك، 60 سنة، تربى في عائلة يهودية في بروكلين. وقد ترك نيويورك في سن 18، وتعلم حتى الدكتوراة في جامعة هارفورد. ولاحقا عمل كمحاضر في العلوم السياسية لشؤون الشرق الاوسط في جامعة جورج واشنطن. بين سنوات 1983 – 2007 عمل في الادارة. لعشر سنوات كان رئيس قسم بحوث الشرق الاوسط، جنوب آسيا وافريقيا في وزارة الخارجية. وتجول بولوك في حينه في دول مختلفة واجرى بحوثا عن الرأي العام ووسائل الاعلام. في 1996 انتقل بولوك للعمل في فريق التخطيط والسياسة في وزارة الخارجية الامريكية. وزراء الخارجية كانوا في حينه وورن كريستوفر، مادلين اولبرايت وكولين باول.

        "الادارة كانت دوما مهتمة بما يفكرون به في الدول المختلفة عن السياسة والسلوك الامريكيين"، هكذا يجمل بولوك عهد في وزارة الخارجية. "مهم لهم ان يعرفوا ماذا يرى الناس وماذا يسمعون، وأي محطات تلفزيونية يشاهدون، ومن اين يستمدون معلوماتهم".

        أحد المعطيات الهامة في الاستطلاع الحالي لبولوك يتعلق بالتضامن الكبير لسكان شرقي المدينة، ممن يرغب معظمهم أو يفكر بالسكن في اسرائيل، مع حركتين: حماس وبالاساس الحركة الاسلامية في اسرائيل. القيود التي تفرضها الدولة على نشاط السلطة الفلسطينية في القدس وعلى حماس خلقت فراغا، داخل اليه الشيخ رائد صلاح ورفاقه من الجناح الشمالي.

        "تأثير الشيخ صلاح واضح جيدا. لديهم حرية حركة الى كل مكان. لديهم تمويل كثير. والشيخ يستغل جيدا كل هذه المزايا"، كما يدعي بولوك.

        في الاستطلاع يوجد معطى مذهل آخر. 41 في المائة من الفلسطينيين في شرقي المدينة مقتنعون بان الكفاح المسلح في اسرائيل سيستمر، حتى لو وقع اتفاق سلام واعن الطرفين عن نهاية النزاع.

        "نعم، هذا في واقع الامر موقف واقعي من الوضع. الفلسطينيون يفكرون بان اتفاق السلام لن يحل مشاكل العنف بين الشعبين، ولا مشاكل الحدود المفتوحة، الوصول الحر والمشاكل الاخرى. وهم يتذكرون فانه كانت هنا انتفاضة بعد أن وقعت على اتفاقات مع عرفات، بحيث أنه ليس لهم ما يدعوم الى الافتراض بانه سيكون هنا خلاف ذلك".

        فضلا عن ذلك، هم يقولون انهم سيؤيدون الكفاح المسلح.

        "للحقيقة هم يفكرون بان جيرانهم سيؤيدون مثل هذا الكفاح. في كل الاحوال، اعتقد انهم في واقع الامر لن يحملوا السلاح. يدور الحديث عن تأييد ايديولوجي او عاطفي".

        بكلمات اخرى: الفلسطينيون سيسكنون في اسرائيل بعد السلام، وسيؤيدون الكفاح المسلح ضدها.

        "يجب الايضاح. يوجد 30 في المائة يعارضون ان يكونوا مواطنين اسرائيليين. ويريدون البقاء في الدولة الفلسطينية. ولعلهم هم المقصودون".

        الاستنتاج اللازم هو انه لن يكون هنا سلام حقيقي.

        "هذا رأي المستطلعين".

        ايلول الاسود

        في أيلول القريب القادم، اذا لم يطرأ تغيير دراماتيكي، ستعترف معظم دول العالم في الجمعية العمومية للامم المتحدة بدولة فلسطينية في حدود 67. وقد سُئل الفلسطينيون في الاستطلاع باي شكل ستؤثر هذه الدولة الفلسطينية المعلنة على حياتهم. ثلث المستطلعين قالوا انه سيكون لذلك تأثير ايجابي، ثلثهم قالوا انه سيكون تأثير سلبي، والباقي ادعوا بانه لن يكون لهذا الاعلان أي تأثير.

        "لو كنت ابو مازن لقلقت"، يحلل بولوك النتائج. "معنى الامر ان الفلسطينيين في شرقي القدس مقتنعون بان استراتيجية السلطة لن تحسن حياتهم. سيكون هنا فشل. وهم سيحققون دولة على المستوى الدبلوماسي، ولكن لن يكون لذلك أي تأثير على الارض. هذا كلام فاضي".

        بمعنى، انه يتعين عليهم أن يوقفوا هذه الخطوة.

        "نعم، المشكلة هي ان الفلسطينيين توصلوا الى الاستنتاج بانه لا يمكن صنع السلام مع نتنياهو، ولهذا فهم يسيرون نحو خطوات احادية الجانب".

        كيف يستقبل الجمهور الفلسطيني الاتفاق مع حماس؟

        "يمكنني أن اخمن بان هذا ينال شعبية جمة. حسب معطياتنا الرغبة في الوحدة عالية جدا. وهم يكرهون الانقسام بين غزة والضفة. ومع ذلك يصعب عليّ أن اصدق بانهم يؤمنون بان هذه الوحدة ستحدث تغييرا في حياتهم".

        في شرقي المدينة هناك اناس يرغبون في التنافس في الانتخابات لمجلس ورئاسة البلدية. هل تعتقد أن هذا سيحصل؟

        "توجد حركة كهذه في الميدان، ولكن الانتخابات هي بعد ثلاث سنوات وليس واضحا الى أين سيؤدي هذا، حتى الان فشلوا. ثانيا، اليهود لا يزالون ثلثي السكان في المدينة، بحيث أنه في هذه الاثناء ستكون لهم أغلبية مطلقة".