خبر الرهان على إعادة الثقة../ مصطفى إبراهيم

الساعة 10:35 ص|06 مايو 2011

الرهان على إعادة الثقة مصطفى إبراهيم

** ناشط في مجال حقوق الإنسان

أجواء الفرح والبهجة المبالغ بها من أعضاء وأنصار حركة فتح في قطاع غزة الذين خرجوا الى الشوارع للاحتفال بالمصالحة، لا يعبر عن الواقع المعاش في الأراضي الفلسطينية، فالمشهد لم يكتمل بعد، وليس القلق الحذر فقط هو سيد الموقف، بل عدم الثقة هي المسيطرة على الطرفين المدفوعين أيضا بالخوف كل من الأخر ونواياه.

 

 ومع ذلك يحاول الفلسطينيون الإفاقة من الكابوس الذي استمر أربعة أعوام، وممكن أن يعود في أي لحظة، ولكن يبقى الرهان على قوة الإرادة وصدق النوايا في إنهاء الانقسام بشكل حقيقي، وليس مدفوعاً بتكتيكات ورؤى سياسية خاصة لطرفي الانقسام.

 

الملفات المعقدة مستمرة والتعقيدات كبيرة والتحديات أكبر، فالاحتلال مستمر، ولن يتوقف عن ممارسة ضغوطه ومؤامراته لإفشال المصالحة، ومن غير المنطقي أن تتخذ خطوات دراماتيكية ومتسرعة، وبيع الوهم والهم للناس بأننا نستطيع المضي بخطى واثقة من دون الأخذ بكل الأسباب، وتلك التعقيدات الخارجية والداخلية.

 

 السرعة غير مطلوبة سواء كان في تطبيق الاتفاق غير المعلنة بعض بنوده، وعمل اللجان يجب أن يكون بهدوء وسعة صدر وتغليب المصلحة الوطنية العليا للوصول الى بر الأمان، وإعادة بناء البيت الداخلي، وربما من الملفات الأكثر إلحاحاً للقيام بذلك هو الحكومة الانتقالية التي تم الاتفاق على أن تكون حكومة خبراء وطنية من مستقلين وطنيين لا ينتمون للفصائل.

 

 وربما من المبكر الحكم والتكهن بشكل الحكومة ورئيسها وأعضائها، وهل سيكون رئيس الحكومة من غزة ويحظى بقبول ورضا الطرفين؟ المعلومات تشير إلى أن أسماء كثيرة حملها الطرفان الى القاهرة، وستخضع تلك الأسماء للتمحيص والتشكيك والاختلاف والبحث في استقلاليتها وقربها أو بعدها من الطرفين.

 

 المهم أن تشكل الحكومة، ولكن ليس بسرعة، ويجب أن تكون حكومة خبراء حقيقية، وليس حكومة خبراء من المستقلين المحسوبين على حركتي فتح وحماس، وتكون في النهاية فصائلية، ليس لأن المهام جسام والتحديات كبيرة، بل للخروج من الأزمة الوطنية، لأنها ستكون حكومة أزمة، وحكومة كل الفلسطينيين في أراضي السلطة، ومطلوب منها العمل بمهنية عالية خاصة في قطاع غزة الذي لا يحتاج الى ترميم وترقيع بل إلى إعادة بناء حقيقي وما خلفه الاحتلال والحصار، والعدوان المستمر، ومطلوب منها استكمال إعادة بناء مؤسسات السلطة على أسس مهنية ووطنية.

 

 

وعليه ربما توجد وجاهة في بعض ما يتم تداوله، خاصة أن الحكومة العتيدة لا علاقة لها بالشأن السياسي، أن يكون رئيس الوزراء، ووزير الخارجية على صلة بغزة أو أن يكون من قطاع غزة أو مقيم فيها، وكذلك بعض الوزارات مثل الإسكان والأشغال العامة، والصحة والتعليم والزراعة، لأن هذه الوزارات سيكون على عاتقها إعادة البناء في غزة، وما تم تدميره خلال سنوات الانقسام والحصار والعدوان.

 

هذه القطاعات تم تدميرها ومطلوب أن تكون هناك ورشة عمل مستمرة لإعادة الإعمار والبناء ومطلوب من كل وزير يتولى وزارة من الوزارات التي ذكرتها سابقاً مشرفا شخصيا على ورشة العمل الميدانية التابعة لوزارته، وسيكون هناك ورشة لإعادة الإعمار جراء العدوان الإسرائيلي في العام 2008، وهناك مئات المنازل التي دمرها الاحتلال خلال السنوات التي سبقت عدوان 2008.

 

السلطة تدعي أنها أكملت بناء مؤسسات الدولة، لكن هذا تم في الضفة الغربية، أما في قطاع غزة المدمر، يجب العمل بجدية لاستكمال بناء مؤسسات الدولة، وإعادة بناء البنية التحتية لمؤسسات الدولة، وإعادة إعمار آلاف المساكن والمدارس، وإعادة بناء القطاع الصحي وتزويده بالأجهزة والخبرات الطبية، وترميم المستشفيات وبناء مستشفيات جديدة، وكذلك بإعادة الاعتبار للقطاع الزراعي وما دمره الاحتلال.

 

بالإضافة الى ذلك هناك قضايا وملفات مهمة وإنهائها وتحريمها لا يحتاج الى وقت ومداولات، وفي مقدمتها ملف حقوق الإنسان واحترامه، وإنهاء ملف الاعتقال السياسي للأبد والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتحريم التعذيب، واحترام الحريات العامة وحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير.

 

 ويبقى الرهان على إعادة الثقة بالآخرين وبالنفس، وحان الوقت للإثبات لأنفسنا قبل غيرنا أننا نستطيع البناء وإعادة الأمل في مستقبل أفضل لاستكمال المشروع الوطني وتحقيق تطلعات شعبنا في إنهاء الاحتلال. وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، القائمة على سيادة القانون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان.