خبر يسار يمين يسار -هآرتس

الساعة 08:07 ص|27 ابريل 2011

يسار يمين يسار -هآرتس

بقلم: عنار شيلو

(المضمون: لا تختلف المعارضة الاسرائيلية وعلى رأسها كديما بشيء عن اليمين وإن كانت تتنكر بلباس اليسار - المركز - المصدر).

        بعد تحطم ميرتس في الانتخابات الاخيرة، والانكماش على مرحلتين لحزب العمل (في الانتخابات ومع اعتزال باراك وكتلته)، ما الذي بقي من اليسار الاسرائيلي في تمثيله النيابي؟ بقي كديما من اليسار الاسرائيلي. وماذا يفعل اليسار الاسرائيلي النيابي في لحظات الامتحان؟ اليسار الاسرائيلي يُثور الحرب.

        من المدهش ان ننظر في الدور المرضي الذي يلعبه حزب المعارضة الرئيس في النقاش العام الذي يتم تجديده من آن لآخر، في التهدئة مقابل التصعيد في الجنوب. إن جميع متحدثيه من رئيسة الحزب تسيبي لفني الى رئيس لجنة الخارجية والامن شاؤول موفاز انتهاء الى المنضم الجديد رئيس اركان حرب لبنان الثانية دان حلوتس – يحثون الحكومة على الغُلو في ردودها. إن شعارات مثل اعادة الردع الاسرائيلي، واغتيال لقيادة حماس بل اسقاط حماس، تُسحب من أدراج عفنة في كل ساعة مناسبة ويرفض القلب التصديق: هل هذا هو رد المعارضة التي هي عن يسار الليكود؟ لا يُحتاج الى ائتلاف مع معارضة كهذه.

        يمكن ان نجد ايضا تأييدا ما لـ "الرصاص المصبوب الثانية" في الليكود بطبيعة الامر، لكنه تعلو في هذه المرحلة الاصوات المعارضة. في مقابل هذا، تُرنم جوقة ناس كديما مثل مارش عسكري دون أي نغمة شاذة وهو شيء يثير الاشتياق الى السوبرماركت الفكري في حزب العمل مثلا. وفضلا عن ذلك فان "الرصاص المصبوب الثانية" قد تكون اجراء معتدلا جدا بالنسبة لكديما لانه بحسب أنباء منشورة مختلفة أيد اولمرت ولفني نهاية مختلفة لعملية "الرصاص المصبوب" تشتمل على احتلال غزة واسقاط سلطة حماس هناك، وكان وزير الدفاع ورئيس الاركان هما اللذين منعا ذلك آنذاك.

        يجوز لحزب معارض ان يلتف على الائتلاف من اليمين لكنه لا يستطيع ان يتبجح بأنه مصنف في يسار – المركز ما ظل يفعل ذلك. الحقيقة ان كديما كان دائما حزب يمين وقد يكون الليكود عن يساره لا في شأن غزة فحسب بل في محاربته أرباب شركات الغاز والهواتف المحمولة مثلا.

        إن مأساة اسرائيل في السنين الاخيرة هي ان أنها أصبحت حلبة صدام بين حزبي يمين ضخمين. أما حقيقة ان واحدا منهما تنكر بلباس يسار – مركز فتزيد في الكارثة فقط لان مصوتي يسار كثيرين وهبوا اصواتهم لكديما ومنحه العالم ايضا اعتمادا سياسيا (ليس موجودا لليكود من حسن حظنا)، استغله حتى استنفده في حربين داميتين. اذا كان اليسار الاسرائيلي راغبا في الحياة فيجب عليه ان يندد بكديما الذي هدمه وأن يكشف بلا خوف عن وجهه الحقيقي. وهذا هو الأمل الوحيد ايضا لحزب العمل الذي يحاول ان يجدد نفسه.

        التناقض الداخلي بين تصنيف كديما وبين انتمائه الحقيقي ليس عرضيا. فهو سر قوة هذا الحزب وسحره، وهو الذي حل لغز الشيفرة الجينية الاسرائيلية التي تقوم هي ايضا على تناقض. إن الاسرائيلي البرجوازي المتوسط ذو آراء يمينية وهو يفضل مع ذلك التصنيف المستنير ليسار – مركز. هذا هو سر نجاح كديما، فهو يزود في الآن نفسه بهذين الطموحين المتناقضين عند ناخبيه.

        الاشهر القادمة مصيرية بالنسبة لاسرائيل في الجنوب والشمال وفي الشرق الاوسط الذي يتغير سريعا وقبل كل ذلك في الجبهة السياسية التي دخلت جمودا عميقا هداما. تستحق اسرائيل الآن معارضة حقيقية صادقة لا معارضة تقوم على تناقضات وتضليل. وتستحق اسرائيل الآن معارضة محاربة لا معارضة تثير الحرب. نحتاج الآن الى بديل حقيقي لا الى يمين يتنكر بلباس اليسار ويسير بنا من غير أن نلحظ ذلك في ايقاع المارش: يسار يمين يسار.