خبر بين أزمة وأزمة -يديعوت

الساعة 07:49 ص|27 ابريل 2011

بين أزمة وأزمة -يديعوت

بقلم: البروفيسور ايتمار رابينوبتش

بروفيسور في تاريخ الشرق الاوسط،

رئيس الوفد الاسرائيلي للمحادثات مع سوريا سابقا

(المضمون: بالنسبة للاسد والطائفة العلوية لا يدور الحديث فقط عن بقاء سياسي. اسقاط النظام من شأنه ان يؤدي الى حمام دماء تصفي فيه الاغلبية السنية حسابا طويل المدى مع النظام. لاسرائيل ما تقترحه في هذا السياق، لا يدور الحديث عن حوار علني، ولكن بالفعل عن أجندة متعددة الامكانيات – المصدر).

بين نظام الاسد وخصومه يسود نوع من التعادل: المعارضة تظهر قدرة بالغة على تحديه، فيما أن النظام يجرب جملة من التكتيكات بدءا بالخطوات الرمزية والهزيلة وانتهاء بقتل المتظاهرين – ولكن ليس في كل هذا ما يعيد الهدوء. آثار الازمة على اسرائيل يمكن أن نراها في ستة سياقات اساسية:

اضعاف المحور الايراني. الرئيس اوباما احتج في الايام الاخيرة على ان ايران تساعد الاسد في القمع العنف. الامر غير مفاجىء. سوريا هي حليف وزبون مركزي لايران وتشكل رأس جسر يمنحها قدرة وصول الى لبنان، الى غزة والى البحر المتوسط. السفينتان الايرانيتان اللتان مرتا مؤخرا في قناة السويس ابحرتا الى ميناء اللاذقية. وبينما خدم سقوط مبارك وبن علي طهران، فان اضعاف الاسد هو من ناحيتها مكسبا نقيا لاسرائيل.

لبنان وغزة. الى جانب ايران، فان سوريا هي الداعمة الكبرى لحزب الله، وتشكل قناة لنقل السلاح الايراني وموردا مباشرا لمخزون الصواريخ لدى المنظمة. القيادة الخارجية لحماس تستقر في دمشق. وفي الصراع على سياق الامور في الساحتين الحيويتين هاتين سيكون لضعف نظام الاسد، ان لم نقل سقوطه، تأثير هام. فالمعارضة اللبنانية تجلس حاليا بهدوء ولا تكرر المظاهرة الكبيرة التي خاضتها في 2005 وأدت الى انسحاب الجيش السوري. وبزعم الناطقين بلسانها، فانهم لا يريدون خدمة الدعاية السورية واتخاذ صورة عملاء واشنطن والقدس. على أي حال، في الصورة الاقليمية الشاملة، ثمة في ضعف سوريا تعويض معين عن الاضرار التي لحقت باسرائيل من خلال التغيير الذي حل بتوجهات مصر.

البديل. في العالم يكثرون من اقتباس اقوال لمجموعات سورية تكافح في سبيل الديمقراطية وحقوق المواطن، ولكن لا يبدو أن الحديث يدور عن معارضة مدنية متبلورة جاهزة لاقامة نظام بديل. "الاخوان المسلمون" هم القوة الاكثر تنظيما وحجما في سوريا، ولكن هم ايضا لم ينتعشوا من الضربة التي وجهت اليهم في الثمانينيات. في هذا المجال يكثر الخفي على الظاهر.

انعدام الاستقرار الاقليمي. أزمة مستمرة من شأنها ان تؤدي الى اضعاف سوريا. ولكن من شأنها ايضا ان تحدث أزمة اقليمية. العامل الرئيس لازمة ايار 1967 والذي أدى الى حرب الايام الستة، كان عدم الاستقرار في سوريا واستعداد حكامها لاتخاذ خطوات بعيدة المدى تجاه اسرائيل من أجل الابقاء على حكمهم. لا ينبغي استبعاد امكانية أن يقرر الاسد وشركاؤه في طهران بان ازمة في لبنان أو في غزة ستحسن وضعهم في سوريا.

الولايات المتحدة. عشية خطاب الاسد في نهاية آذار تعاطت معه هيلاري كلينتون كـ "اصلاحي"، ولهذا التعاطي يمكن ان يكون تفسير واحد فقط: الادارة لا تريد تغيير النظام في دمشق ولا تريد التدخل في الازمة. في حالة ذبح المواطنين في سوريا ستجد صعوبة في شرح عدم تدخلها، بعد ان فُسر تدخلها في ليبيا بدوافع انسانية. ولهذا فان واشنطن تفضل ان يهديء الاسد الوضع من خلال اصلاحات وتنازلات، ولكن بعض قادة النظام يعارضون ذلك بحزم، بينما ترى المعارضة في كل تنازل مؤشرا على الضعف فتُصعد مطالبها.

الجدال حول مسألة التسوية. في الولايات المتحدة وفي اوروبا تنطلق اصوات تدعي بأن هذا هو الوقت للدفع الى الأمام بالمسيرة السلمية الاسرائيلية – العربية. الموقف الاسرائيلي السائد معاكس ويعتقد بأنه لا يوجد أي منطق في تقديم تنازلات وتنزيلات لحكام يترنحون. واضح ان هذه ليست الساعة لاستئناف المحادثات مع الاسد الذي يقاتل في سبيل حياته السياسية، ولكن هذه ساعة جميلة على نحو خاص لاستئناف قناة اتصال معه. فبالنسبة للاسد والطائفة العلوية لا يدور الحديث فقط عن بقاء سياسي. اسقاط النظام من شأنه ان يؤدي الى حمام دماء تصفي فيه الاغلبية السنية حسابا طويل المدى مع النظام. لاسرائيل ما تقترحه في هذا السياق، لا يدور الحديث عن حوار علني، ولكن بالفعل عن أجندة متعددة الامكانيات.