خبر متلازمة مبارك- يديعوت

الساعة 07:49 ص|27 ابريل 2011

متلازمة مبارك- يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

الان باتت المسألة إما أن نكون أو لا نكون.

ابتداء من يوم امس دخل نظام بشار الاسد الى المرحلة الحرجة في حرب بقائه: إما نحن – المؤسسة العلوية السائدة – أو هم – الشارع. لم تعد هناك احاديث عن اصلاحات، بل يسيرون نحو حسم عنيف. وليس صدفة أن بث التلفزيون السوري يوم الاحد جنازات رجال قوات الامن الذين قتلوا في اثناء الاضطرابات. كانت هنا رسالة مباشرة الى الرأي العام السوري: الجماهير تطلق النار على قواتنا، سوريا في خطر، ومن الان فصاعدا فاننا ننزع القفازات.

        في اسرائيل وتروا منذ أمس آذاتهم. سوريا ستتغير لنا، كما يقولون في المشاورات الداخلية. وبقدر ما يبدو هذا غريبا، فان للمؤسسة الاسرائيلية عطفا ما على عائلة الاسد. فقد أوفوا على مدى كل السنين بكل تعهداتهم بل وتحدثوا عن تسوية مع اسرائيل بشروطهم. من الصعب التخلي عن حذاء منزلي قديم، ولكن عندنا ايضا في القيادة السياسية – الامنية يقدرون بان النظام السوري، بصيغته الحالية، سيتغير في غضون اسابيع أو اشهر. المصلحة الوحيدة التي توجه اليوم السلوك الاسرائيلي في كل الساحات تقول: "اذا ما كان ما يحصل في سوريا سيضعف في نهاية المطاف محور دمشق – ايران – حزب الله، فخير.

        وضع الرئيس الاسد اكثر تعقيدا بكثير مما يبدو للعيان. تصديه الفوري ليس فقط للشارع، بل أولا وقبل كل شيء للنخبة العلوية التي تحيط به. واذا كان لا بد من أن نكون اكثر تخصيصا: فمع ابناء عائلته، الذين يشعرون بان ضعفه سيؤدي بهم الى الضياع. فالرجل يتردد في اتخاذ القرارات، وعندما يقرر يكون تنفيذها واهن. خطابه الضاحك قبل بضعة اسابيع في البرلمان السوري كان خطابا سخيفا وغير مكترث لشخص منقطع عن الواقع. في القدس، بالمناسبة، انتظروا ان يهاجم اسرائيل ويتهمها بالاضطرابات – ولكنه كان واثقا جدا بتأييد الشارع السوري بحيث أنه لم يتكبد حتى عناء البحث عن عدو خارجي كي يتهمه. العائلة والنخبة التي تحيط به فهمت بان الرجل لا يفهم اين يعيش – "متلازمة مبارك" تملكت ببشار الاسد ايضا. ومنذ أسابيع والايرانيون وممثلو نصرا لله يجلسون له على الوريد ويطالبونه باستخدام يد حازمة.

        محافل في الادارة الامريكية تشير الى أنه في الايام الاخيرة بدأوا في القيادة السورية يتحدثون عن تغيير الاسد. المحفل السائد في هذه المجموعة هو صهر الاسد، رئيس المخابرات عاطف شوكت، الرجل الكبير في السن بين ابناء العائلة باكثر من عشرين سنة على الاقل والاكثر خبرة. المرشح في العائلة للحلول محل الاسد هو أخوه، ماهر، قائد فرقة القوات الخاصة: احدى الفرقتين العلويتين الاكثر ولاءا لنظام الاسد. الفرقة الثانية هي الفرقة رقم 4، وكلتاهما جاهزتان بتأهب عالٍ للدفاع عن النظام داخل دمشق. في الاسابيع الاخيرة نشرت بعض وحدات من هاتين الفرقتين في مدن اخرى، في بؤر الاحتكاك، لمساعدة رجال الشرطة والامن الداخلي.

        حتى يوم امس، رغم كثرة الاصابات، لم تستخدم القبضة الفولاذية ضد الجماهير. القبضة الفولاذية العسكرية هي السلاح الاخير، وذلك لان الجيش السوري، في معظمه، هو جيش الزامي سني. واستخدامه ضد المواطنين من شأنه، في سياق مستمر، ان يضع الولاء تحت الاختبار. والسلطات في دمشق لم ترغب في الوصول الى هذا الوضع الذي كان سيضع في الاختبار ايضا شرعية النظام. من اللحظة التي تستخدم فيها القوة ضد المدنيين – لا طريق عودة. فقد بت موصوما، من الداخل ومن الخارج. حتى الان، على مدى الاضطرابات، استخدمت القوة العسكرية ذات المغزى اساس ضد الاكراد في الشمال. في درعا وفي اماكن اخرى عمل اساسا رجال الامن الداخلي، والى جانبهم رجال حزب الله ورجال الحرس الثوري الذين جاءوا من لبنان قاموا "بالعمل الاسود" لاطلاق النار نحو المتظاهرين.

        أمس تم اجتياز الخط. فقد ارسل الى درعا لواء مدرع الامر الذي يدل على الضائقة التي علق فيها نظام الاسد، الذي اضطر الى استخدام الجيش النظامي ضد المدنيين. وبالتوازي اجريت مئات الاعتقالات في ارجاء سوريا، وقوات الجيش دخلت ضواحي دمشق. في الايام العشرة الاخيرة قتل وجرح رجال جيش، شرطة وأمن داخلي سوريون باعداد غير معروفة. وحسب احد التقارير، في درعا اختطف وقتل على ايدي الجماهير قائد لواء في الجيش. ومن غير المستبعد أن يكون اللواء الذي يعمل الان بوحشية في المدينة يصفي الحساب ببساطة.

        اذا لم يخرج الاسد من هذه الجولة ويده هي العليا على نحو واضح – فان القيادة العلوية ستغيره، وستدخل سوريا الى مثابة مرحلة انتقالية مثلما في مصر. أي، حكم انتقالي ضعيف يفعل كل شيء كي يرضي الجماهر حتى تحقيق الاصلاحات او الانتخابات. امكانية اخرى هي اقامة نظام طوارىء عسكري – بدون الاسد – يمسك بسوريا بقبضة حديدية، وامكانية ثالثة هي انهيار تام للنظام الحالي، بعده يكون انعدام اليقين بل وربما الفوضى.

        وعلى هامش الازمة في سوريا تبرز الى العيان السياسة المزدوجة للاتحاد الاوروبي. إذ ما هو في واقع الامر الفرق بين سوريا وليبيا؟ الفرق هو أن سوريا لا تؤثر على الاقتصاد الاوروبي، أما ليبيا فمعناها النفط والخوف من الغرق باللاجئين. وعليه فان الاوروبيين يرون في ليبيا مشاكل حقوق الانسان ولا يرونها في سوريا. كما أن نظام اوباما مرة اخرى يتذبذب بحرج، وهكذا شرح الرئيس اوباما لاحد مقربيه في الغرف المغلقة المعضلة الامريكية: "كيف يمكن ادارة سياسة منسجمة في عالم الظروف فيه ليست منسجمة؟ وكيف يمكن ادارة سياسة اخلاقية في منطقة السلوك فيها ليس اخلاقيا بذات القدر؟" حقا ليس جميلا، ان يشوش هكذا رئيس امريكي.