خبر غزة هي المحطة القادمة- هآرتس

الساعة 08:43 م|25 ابريل 2011

غزة هي المحطة القادمة- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

        أخذ ميدان التحرير الاسرائيلي يُبنى في الجادة الثانية في نيويورك، في مبنى الامم المتحدة الزجاجي. ليس الاسرائيليون هم الذين سيتظاهرون فيها على الاحتلال ولا السلطة الفلسطينية ايضا. سيُسجل النجاح كله لغزة أو لحماس اذا أردنا الدقة، لأن العطف الدولي الكبير على "المشكلة الفلسطينية" – 130 دولة تؤيد انشاء الدولة الفلسطينية على الأقل كما يقول محمود عباس – لم ينشأ بسبب المجمعات التجارية في رام الله؛ بل أخذ يصاغ على أثر عملية "الرصاص المصبوب" والحصار الطويل لغزة اللذين أصبحا نافذة لعرض الاحتلال.

        يتبين ان "جحر الارهاب" هو مركز لاهتمام دولي بقدر لا يقل عن كونه النابض الذي يستعمل السياسة والجيش الاسرائيليين. إن جلعاد شليط هو غزة، وطُورت "القبة الحديدية" واكتسحت نجاحا – اذا كان هذا نجاحا – بفضل غزة، والقافلة البحرية المتوقعة في أيار والتي "تهدد" أمن اسرائيل، هي غزة. وكذلك الامتحان الأكبر لعلاقة اسرائيل مع مصر سيمر من طريق غزة، ونحن نتوقع في استعداد ان نرى النظام الجديد في مصر يفتح معبر رفح ويسقط الحصار الذي اومأ الى التعاون الأمني بين اسرائيل ومصر. مع عدم وجود مسيرة سياسية اخرى، أصبحت غزة وقيادة حماس هما اللتان تملكان حق النقض لكل خطوة تريد السلطة تنفيذها.

        اذا قررت الجمعية العامة للامم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية فستكون غزة جزءا لا ينفصل منها. هكذا الحال بحسب اتفاقات اوسلو، وعلى هذا يصر ايضا محمود عباس ولن تقضي أي جهة دولية قضاء يختلف. من يعترف بدولة فلسطينية ويُرد ان ينشيء فيها سفارة فلن يستطيع الامتناع عن انشاء قنصلية في غزة، ومن يُرد ان يضع في الدولة الفلسطينية أسس وجود اقتصادي وحرية تنقل، فلن يستطيع الموافقة على استمرار اغلاق قطاع غزة.

        لكن غزة باعتبارها جزءا من الدولة الفلسطينية، هي مشكلة عباس ايضا. أدرك هذا جيدا عندما عارض قبل أقل من سنة رؤيا سلام فياض عن توجه الى اعتراف الامم المتحدة. في السنين الاربع التي مرت منذ احتلت حماس غزة، يُجهد عباس نفسه في جعلها تستسلم وجعلها توافق على مصالحة بشروطه. وفي تلك السنوات الاربع كان له اربع شريكات عظيمات القوة: مصر والسعودية واسرائيل والولايات المتحدة.

        تبدلت في مصر السلطة وتوحي القيادة الجديدة باستعداد لاستماع الجمهور الذي يريد اسقاط الحصار المصري عن غزة. ونفضت السعودية يديها من الصراع، واسرائيل تحارب حماس لكنها لا تساعد عباس على احراز نصر سياسي، أما الولايات المتحدة فأصبحت شريكة اشكالية. وقد أثبتت الاحداث في الشرق الاوسط ان مصطلح "سياسة تقليدية" أخذ يُمحى من المعجم الامريكي. جرى التخلي عن حسني مبارك، ويتمتع بشار الاسد باغماض العين على الأقل، وليس امكان ان تؤيد واشنطن اعترافا بدولة فلسطينية، خياليا.

        اذا جرى الاعتراف بالدولة الفلسطينية فستكون المسؤولية عما يجري في غزة على الحكومة الفلسطينية، أي حكومة عباس اذا لم يستقل قبل ذلك. لن يكون مكان بعد لحكومتين. ففلسطين ليست باكستان التي انقسمت الى دولتين، وليست السودان المبنية من ثقافتين رئيستين. فالقومية الفلسطينية واحدة والثقافة ايضا.

        المعضلة التاريخية التي ستواجه حماس وفتح ستكون هل يُتخلى عن الانجاز الضخم للاعتراف الدولي بدولتهم أم تتصالحان مرغمتين. يجوز لنا ان نقامر على المصالحة وذلك في الأساس لان العقبة الرئيسة أمام المصالحة حتى الآن وهي الاعتراف باسرائيل – فضلا عن الاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية، والاعتراف باتفاقات اوسلو – ستصبح غير ذات صلة إزاء الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

        لا تستطيع اسرائيل ان توقف هذه المسيرة حتى لو جمدت البناء ونقلت مناطق اخرى الى السلطة الفلسطينية. لان الفلسطينيين في جميع شروط الاتفاق مع اسرائيل يستطيعون ان يباحثوا باعتبار ان لديهم دولة، أي من موقف أقوى. لكن يجب على اسرائيل ان تهتم بألا تكون الدولة الجديدة دولة معادية حتى عندما تصبح حماس شريكة كاملة في قيادتها. ستكون أول خطوة في ذلك في ان يتم تبني شعار "غزة أولا" من جديد. إن ازالة الحصار وفتح الحدود بمبادرة من اسرائيل سيستبقان الواقع الذي سيُملى قريبا، لكنهما قد يُحسنان شيئا ما مكانة اسرائيل إزاء الدولة الفلسطينية وإزاء العالم بيقين.