خبر دولة فلسطينية في البال .. عبدالله السويجي

الساعة 12:49 م|25 ابريل 2011

فرنسا والاتحاد الأوروبي يفكران في الاعتراف بدولة فلسطين . مجلس الأمن يقول إن الشعب الفلسطيني يستطيع إدارة دولته، بعض الدول اعترفت بدولة فلسطين ورفعت مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى سفارة، ممثلو السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير أو السفراء ينتشرون في بقاع الأرض كلها، الفلسطينيون المقيمون على أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية يتنقلون بجوازات سفر فلسطينية، الكيان الصهيوني (العضو في منظمة الأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات) وحده يحذر من إعلان قيام دولة فلسطينية، وردود الفعل تجاه هذا الموقف من قبل الفلسطينيين والعرب باردة برود مناخ آلاسكا، بينما ينشغلون (العرب) بقضايا أخرى، ربما تخص أمنهم الوطني والقومي، إلا أن فلسطين، هي خط الدفاع الأول عنهم، وهي بعدهم الاستراتيجي الأمني والوطني والقومي، هي بعدهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والديني .

من الطبيعي أن يرفض الكيان الصهيوني الإعلان عن دولة فلسطينية، لأن هذا الكيان لم يعلن عن حدوده حتى الآن، ولا ندري كيف هو عضو في مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، وعلى أي أساس يتمتع بعضوية حقوق الإنسان وعضوية المنظمات والاتفاقيات والمعاهدات، وعلى أي أساس يحضر مؤتمرات، فهذه (الدولة النشاز الغريبة) لا شكل لها، وترفض أن يكون لها أي شكل ولكنها تصر على هويتها، فهي (دولة عبرية يهودية) وهذا ما يمنعها من الإعلان عن حدودها، إذ قد تطال حدودها أي دولة يعيش فيها يهودي أو جالية يهودية . لذا، على الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمنظمات الدولية والمحاكم الدولية أيضاً، أن تعلن موقفها من هذا العبث والرعونة والصلف والسخف الذي تتحلى به المواقف الصهيونية .

من الطبيعي أيضاً، أن تعلن فرنسا أو الاتحاد الأوروبي أنهما يفكران في الاعتراف بالدولة الفلسطينية (يفكران!)، ففرنسا والاتحاد الأوروبي يلعبان دوراً الآن في ليبيا، ويريدان أن يظهرا للوطن العربي أنهما مع الحق الفلسطيني المشروع، ولذلك، فهما (يفكران) .

ومن الطبيعي أن تعيش الولايات المتحدة ارتباكاً في سياستها الخارجية، يبدو ذلك جليا في ليبيا وأفغانستان وإيران وفلسطين وكوريا الشمالية، فهي غارقة حتى أذنيها في المستنقع العراقي، وتفعل كل ما من شأنه المحافظة على حضورها في أي شكل كان من أجل المحافظة على أمن الكيان الصهيوني، وتأمين الحماية له، حتى لو أشاعت الفوضى في كل حارة عربية، لتنشغل كل (الحارات) بقضاياها الداخلية، وتطيل عمر الدولة اليهودية . وهذا الارتباك، يجعل سياستها متذبذبة، ولا سيما في فلسطين، فالإدارة الأمريكية لم تتحدث كلمة حق واحدة ومفيدة وذات معنى واضح بشأن القضية الفلسطينية منذ بداية (الثورات) في الوطن العربي، بل تجد في هذه الثورات (نعمة)، كي ينشغل الشعب العربي بقضاياه الداخلية وينسى فلسطين، وقد يتذكرها بعد (انتصاره على الطغاة)، وهكذا، بدأت الولايات المتحدة تتراجع في سياستها الخارجية، واستخدام طائراتها وأساطيلها بين وقت وآخر لن يفيد في تبييض وجهها ويديها الملوثتين بدماء الشعوب .

كل ذلك طبيعي جداً، لكن الأمر غير الطبيعي، والمؤسف، أن يبقى الانقسام الفلسطيني على حالة (إمارة فتحاوية في الضفة الغربية وإمارة حمساوية في قطاع غزة)، وهذا الانقسام، لم يمنع الجيش الصهيوني من استباحة (الإمارتين) في الوقت الذي يريد، فيعتقل ويقتل ويسجن أمام أعين شرطة الضفة الغربية ومقاتلي حماس، وهذا الانقسام، لا يليق أبداً بشعب يحمل قضية مقدسة على عاتقه، بأبعادها المختلفة، وبشعب نصفه لاجئ في بقاع الأرض، وبشعب متعلم ومثقف ومتميز، وبشعب قدم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل قضيته وحقوقه المشروعة . وأصحاب القرار يعلمون، أنه كل يوم يمر، يزداد الانقسام اتساعاً، وتزداد الفجوة، والحساسية بين أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، فهؤلاء شعب واحد، وليس كما يستخدم السياسيون في الضفة من مفردات مثل (إخواننا في غزة) أو مفردات غزة (إخواننا في الضفة) وأخشى أن تتحول المفردة إلى (أشقائنا ثم أصدقائنا)، فهل رأيتم مهزلة ولامبالاة تمشي على قدمين أكثر من هذه المهزلة، وهل عاشت القيادة الفلسطينية مرحلة تراجع وسقوط أكثر وأقسى من الانقسام . ولهذا، من غير الطبيعي أبدا، ألا يثور الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ضد من يحرصون على استمرارية الانقسام، وضد المتراجعين المهرولين إلى الخلف، وضد المنتفعين والمفسدين والفاسدين والعملاء، الشعب الفلسطيني في حاجة ماسة إلى ثورة حقيقية، مهما يكن شكل هذه الثورة، لتتحول بعدها إلى ثورة ضد الكيان، فالثورة الحقيقية التي لن يجادل فيها أحد، ولن يعارضها أحد هي ثورة الشعب الفلسطيني ضد الانقسام، وضد الطغيان، مطالبين بالأمان والحرية والوطن، مطالبين باستعادة إنسانيتهم المهدورة، وحقوقهم الضائعة المصادرة من قبل أصحاب القرار، ومن قبل الكيان الصهيوني .

الشعب الفلسطيني يجب ألا ينتظر فرنسا أن (تفكر) والاتحاد الأوروبي أن (يتأمل)، والولايات المتحدة أن (تخطط)، والجامعة العربية أن (تبادر)، وعليه أن يعلم تمام العلم أنه ما (حك جلدك مثل ظفرك)، وعلى هؤلاء الذين أخفقوا في تحقيق أي شيء، أن يستقيلوا، ويسلموا السلطة لأطفال الانتفاضة، الذين أصبحوا اليوم شباباً .