خبر الاحتلال يستهدف الأطفال: 90% تعرضوا للتعذيب خلال الاعتقال

الساعة 08:47 ص|19 ابريل 2011

الاحتلال يستهدف الأطفال: 90% تعرضوا للتعذيب خلال الاعتقال

فلسطين اليوم-القدس المحتلة

تتميز حملات الاعتقال التي تشنها قوات الاحتلال في صفوف المواطنين باستهداف الأطفال القاصرين (أقل من 18 عاما) واعتقال عدد كبير منهم.

وبلغت حالات اعتقال القاصرين، حسب إحصائيات صادرة عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال/ فرع فلسطين، خلال عام 2010 وحده، حوالي 1000 حالة اعتقال، تركزت غالبيتها في مدينة القدس وفي المناطق المحاذية لجدار الفصل العنصري، وبقي محتجزا منهم حتى نهاية 2010 حوالي 213 أسيرا، ليرتفع العدد إلى 226 أسيرا مع نهاية شهر آذار من العام الحالي.

وقال منسق الوحدة القانونية في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال المحامي إياد مسك 'إن كل عام يتم مقاضاة ما يقرب من 700 طفل من الضفة الغربية في المحاكم العسكرية الإسرائيلية بعد اعتقالهم واستجوابهم واحتجازهم على يد الجيش الإسرائيلي، فمنذ عام 2000 تم اعتقال أكثر من 7500 طفل فلسطيني، مثّل محامو الحركة ما بين 30 و 40% منهم في المحاكم العسكرية الإسرائيلية'.

وأضاف مسك أنه 'منذ عام 1967 حتى الآن أصدر قادة الجيش الإسرائيلي أوامر عسكرية تحكم حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهناك الآن ما يزيد عن 1650 أمرا عسكريا يتم تطبيقه في اثنتين من المحاكم العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية'.

وغالبا ما يتم اعتقال الأطفال الفلسطينيين عند نقاط التفتيش ومن الشارع أو من منزل العائلة وهي الحالة الأكثر شيوعا، وفي حالة الاعتقال من البيت تحاصر أعداد كبيرة من جنود الاحتلال منزل الأسرة عادة في الساعات الأولى من الصباح، وعندما يتم التعرف على الطفل فإنه في كثير من الأحيان يتعرض للضرب أو الركل قبل تعصيب عينيه.

وأوضح مسك أنه نادرا ما يتم إعلام الطفل وأسرته عن التهم الموجهة إليه أثناء عملية الاعتقال، وبين أنه عند وصول الطفل إلى مركز التحقيق والتوقيف يوضع إما في زنزانة أو يؤخذ مباشرة إلى غرفة التحقيق الذي يتخلله ممارسات تعسفية كالضرب والركل والشتائم والتهديدات، وغالبا ما يهدد الطفل باحتجازه مدة طويلة في حال عدم اعترافه.

في معظم الحالات يعترف الطفل بتهم زائفة وجهت له في أول ساعتين من التحقيق، حيث من المألوف إعطاء الطفل ورقة اعتراف مكتوبة باللغة العبرية للتوقيع عليها.

حركة الدفاع عن الأطفال أعربت عن شعورها بالقلق إزاء عدد الأطفال الصغار (12-15 سنة) المعتقلين الذين يتم محاكمتهم ضمن نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية على الرغم من أن إسرائيل صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تنص على أن 'اعتقال واحتجاز أو سجن طفل ما.. لا يستخدم إلا كإجراء أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.' وينبغي العثور على بدائل لاحتجاز هؤلاء الأطفال الصغار.

ويتعرض الأطفال خلال اعتقالهم لأنماط متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم، وتمتاز طرق اعتقال الأطفال بالوحشية خلال اقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، إضافة إلى المعاملة المهينة التي يتعرضون لها أثناء نقلهم للمعتقلات أو مراكز التحقيق.

وتظهر الشهادات التي وثقت لدى الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال العديد من الوقائع التي اعترف فيها الأطفال أمام المحققين تحت التهديد والتعذيب، ولم تتوان المحاكم العسكرية الإسرائيلية بإصدار أحكام عالية بحق الأطفال مصحوبة بدفع غرامات مالية باهظة، مشيرا إلى أن الحركة توثق ما يقارب 150 حالة اعتقال سنوياً.

ومن خلال متابعة أوضاع القاصرين المعتقلين، يتبين أن ممارسات القهر التي طبقت بحقهم لم تكن فقط من أجل انتزاع اعترافات بقدر ما كانت ممارسات شاذة وتصرفات انتقامية، ولمجرد التعذيب أو للتسلية.

ويدفع الأطفال الأسرى ثمنا باهظا بسبب ما يواجهونه من تعسف وتعذيب وتنكيل خلال اعتقالهم، فأعراض الانزواء والاكتئاب وعدم الانتظام في المدارس والقلق وقلة النوم أصبحت أمراضا منتشرة في صفوف الأطفال الأسرى.

'يتعرض الطفل أثناء نقله أو في ساحة منزله أو في مكان قريب وأحيانا في مستوطنة إلى الاعتداء والضرب والتحقيق الميداني ويتخذ شكل العربدة الذي يشارك فيه الجنود وأحيانا المستوطنون والوحدات الخاصة، دون معرفة سبب اعتقال الطفل إن كان متهما بتهمة ما أم لا ودون توجيه أي سؤال له'، أضاف مسك.

ويشير إلى أن ظاهرة التعذيب والتنكيل ليست ظاهرة استثنائية، بل منهجا متعمدا مورس بحق المئات من الأسرى وخاصة الأطفال بما يشكل ما نسبته 90% من الأطفال تعرضوا للتعذيب الوحشي قبل مثولهم أمام محققين رسميين أو وصولهم إلى سجون ومراكز تحقيق رسمية.

وبحسب الكثير من الشهادات للأطفال المعتقلين، فإن هذه الأساليب تتمثل بالضرب الشديد بالأيدي والأرجل وأعقاب البنادق، واستخدام الأطفال دروعا بشرية، وإجبارهم على تقليد حركات وأصوات الحيوانات، وشبحهم ساعات طويلة في العراء صيفا وشتاء، وإجبارهم على التعري من ملابسهم، والدوس عليهم بعد إلقاء القبض عليهم وإلقائهم أرضاً، وتوجيه الشتائم المهينة والبذيئة لهم.

وتقول مديرة دائرة التأهيل والعلاج في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب سعاد متولي 'إن هناك مرحلتين عمريتين لدى الأطفال، كل لها خاصيتها، الأولى مرحلة ما قبل المراهقة أو المراهقة المبكرة وهي من سن 11-13، والثانية مرحلة ما فوق الـ13 وحتى الـ18 وهي المراهقة، وأن الأطفال في المرحلة الأولى يكونون بحاجة ماسة للأهل والمقربين منهم، وفي حال اعتقالهم فإن هذا يبعدهم عن ذويهم ما يؤثر كثيرا عليهم من ناحية نفسية نتيجة فقدانهم العاطفة والحنان في هذه المرحلة.

وتبين متولي أنه في المرحلة الثانية، مرحلة المراهقة، يكون الطفل قد دخل في مرحلة تغيرات جسدية ونفسية ومزاجية وعاطفية، ويكون بحاجة إلى الاختلاط بأقرانه كثيرا بالإضافة إلى حاجته لأسرته، وحاجته لوالده الذي يقلده في كل شيء في هذه المرحلة، وفي حال أسره يكون قد خسر كثيرا لأنه لم يجد أحدا يعرفه على هذه التغيرات، بالإضافة إلى وجوده في جو ووضع غير مناسبين للوضع الجديد الذي هو فيه.

وتتابع: إن الطفل في هذه المرحلة (الثانية) يكون منطلقا كثيرا، وبحاجة إلى تفريغ طاقته، فيمارس الألعاب الرياضية المختلفة مع أقرانه، وفي الأسر لا يوجد مكان لتفريغ طاقته، فتكبت هذه الطاقة وهذه المشاعر في السجن الأمر الذي يولد حالة نقص عند الطفل لم يشبعها، تستمر مع الكبر.

وتقول متولي 'إن هناك أثارا قصيرة وبعيدة المدى تظهر على الطفل بعد الاعتقال، من الآثار قصيرة المدى: العدوانية العالية، وتفريغ المشاعر بطريقة خاطئة ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى الانحرافات السلوكية، والتدمير الذاتي للطفل أي زج نفسه في المشاكل، والانعزال عمن حوله، وكوابيس ليلية عن التعذيب والسجن.

ومن الآثار بعيدة المدى، تقول متولي، الشخصية غير المتزنة حتى عند الكبر 'لأنه لا يوجد نضج عاطفي أو اجتماعي فتراه يتصرف مثل الصغار'.

وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع قال إن 'إسرائيل تقول إن الأطفال قوة تدميرية لدولتهم، ونحن نقول لهم إن الشعب الفلسطيني لا يقبل سوى الحرية، وهي أغلى ما نملك، وأننا رغم هذا الاحتلال الطاغي لن نستسلم وسنبقى نرفع راية الحرية، وسنبقى نقاوم هذا الاحتلال حتى ينسحب عن أرضنا'.

وأضاف في كلمته بمؤتمر للأسرى الأطفال الذي نظم في مسرح جامعة القدس ببلدة أبو ديس، 'علينا كشف ما يفعله الاحتلال بحق أبنائنا وبناتنا من قسوة وعذاب وحرمان، وأن نظهر هذا الوجه البشع في كل المحافل وفي كل مكان، وهذه معركتنا مع الاحتلال'.