خبر لندفع الثمن -معاريف

الساعة 08:59 ص|17 ابريل 2011

لندفع الثمن -معاريف

بقلم: ياعيل باز ميلميد

(المضمون: رئيس وزراء اسرائيل هو الذي يمنع تحرير جلعاد، وذلك لانه لا يريد أن يدفع الثمن الباهظ الذي يجب دفعه مقابل اعادته - المصدر).

        على ترك جندي من الجيش الاسرائيلي لمصيره لا يقدم أحد الى المحاكمة. كما أن الحكومات لا تسقط على هذا البند الفظيع، بل وجدول شعبيتها في الاستطلاعات لا يتضرر. وعليه – فلماذا تتخذ القرارات؟ لماذا تتخذ خطوات تعيد جلعاد شليت الى بلاده ، دياره وعائلته. ما المح في انقاذه من ايدي آسريه الوحشيين الذين استغلوا فشل الجيش الاسرائيلي واختطفوه قبل نحو خمس سنوات.

        بنيامين نتنياهو يمكنه أن يعيد جلعاد الى الديار. ولكنه لا يريد. بالطبع ينبغي ان نتحفظ على القول ونضيف انه جد يريد لشليت أن يعود، ولكنه لا يريد بما فيه الكفاية كي يدفع الثمن لقاءه. والثمن ليس أمنيا بالذات. فالمزيد والمزيد من خبراء الامن يدعون بحزم بان اسرائيل يمكنها أن تتصدى لتحرير نحو 1.400 مخرب، بضع مئات منهم مع دم على الايدي. كما أن ضباطا كبار في الجيش يدعون بان ميزان القوى بشكل عام بين اسرائيل والفلسطينيين لن يختل حقا ويسوء اذا حررنا هؤلاء المخربين، ويضيفون بان الجيش الاسرائيلي يعرف كيف سيتصدى لزيادة "القوى البشرية" التي ستتلقاها منظمات الارهاب.

        ولكن نتنياهو يغلق اذنيه ويغمض عينيه. وهو لا يمكنه ان يتخذ قرارا فيه نوع من النزاع داخل الشعب. ومع أن كل الاستطلاعات تشير الى أن هناك اغلبية كبيرة في صالح صفقة شليت مثلما كادت تجمل قبل نحو سنة ونصف السنة، الا ان هذه الاغلبية، أظن الظن لا تأتي من الجمهور الذي يرغب نتنياهو في تلقي تأييده – مصوتي اليمين. هذا لا يعني أن التقسيم واضح جدا في هذه الاستطلاعات التي لا تعرض المعطيات حسب توزيع الاصوات بين اليمين واليسار، ولكن تصريحات رجال اليمين في مناسبات مختلفة يمكن أن يفهم منها بان اجزاء واسعة من هذا الجمهور يعتقدون بانه لا ينبغي تحرير مخربين قتلوا يهودا. فضلا عن ذلك، ففي كل الجماعات المختلفة التي تكافح في سبيل تحرير شليت مقابل تحرير مخربين، لا يوجد رجال يمين بارزون.

        متابعة سلوك رئيس الوزراء تبين أنه لن يتخذ أي خطوة تثير عليه حفيظة اليمين. الحقائق تتحدث من تلقاء نفسها. رئيس وزراء اسرائيل هو الذي يمنع تحرير جلعاد، وذلك لانه لا يريد أن يدفع الثمن الباهظ الذي يجب دفعه مقابل اعادته. هذا يقوله الوسيط حجاي هداس الذي لشدة احباطه قرر الاستقالة من منصبه.

        رئيس وزراء اسرائيل التي باسمها خرج جلعاد شليت للدفاع عن حدود جنوب البلاد، ولم يعد حتى الان من افول حياته الاكبر، لا تفعل شيئا من اجل انقاذ جندي من الجيش الاسرائيلي ترك لمصيره. القيادة السياسية لحماس صادقت على الصفقة التي تبلورت في حينه، ورغم أن القيادة العسكرية عارضت، الا ان من الواضح أن خالد مشعل ورفاقه في دمشق سيصادقون عليها في نهاية المطاف. من عرقلها كان بنيامين نتنياهو. وهو ايضا يعرقلها الان. ولا مخرج.

        الجمهور في اسرائيل يعرف بان رئيس وزرائه غير مستعد لان يدفع الثمن لقاء شليت، يواصل حياته كالمعتاد. حكومة اسرائيل تعرف هذا، وتتجاهل. والاخطر – وزير الدفاع يعرف هذا، ولا يضرب على طاولة رئيسه في مطالبة حازمة لاعادة شليت الان، فورا.

        من يبكي انعدام التكافل الاجتماعي يجده يغلي ويعتور في هذه الحالة. من يبكي انغلاق الحس وانعدام الرحمة لزعماء هذه البلاد سيراهما مكتوبين على الحائط بدم قلب جلعاد وابناء عائلة شليت. الا اذا اغمضت عيوننا على الرؤية، ونحن ايضا اُغلق حسنا امام الصرخات الصامتة التي تعلو من حفرة الاسر الرهيبة.

        نتنياهو لن يتخذ قرارا الا اذا شعر بان السيف على رقبته. وان من شأنه أن يدفع ثمنا شخصيا. وكي يحصل هذا يجب العودة الى الشوارع، الى المنزل الخاص للرجل الذي يمسك بيديه مصير الجندي جلعاد شليت، وبقدر كبير ايضا مصيرنا كمجتمع اخلاقي. الشعور الكبير بانعدام الوسيلة لدى اغلبية واسعة لدى الجمهور هو بالضبط لهذا السبب.

        واضح أن الضغط الشديد فقط سيدفع نتنياهو الى العمل، ومن جهة اخرى واضح أكثر بانه صحيح حتى الان هذا الضغط الجماهيري لن يأتي الا اذا قررت اللجنة النضالية من أجل شليت المبادرة اليه ودعوتنا للمجيء. ونحن سنأتي. فخلافا لنتنياهو وباراك، فاننا نكترث.