خبر حماقة قاتلة..هآرتس

الساعة 10:08 ص|16 ابريل 2011

بقلم: أوري أفنيري

قال شكسبير إن الانسان يعاود في شيخوخته طفولة ثانية. إن شيئا ما مشابها يحدث اليوم لدولة اسرائيل.

كانت جولة العنف الجديدة على طول قطاع غزة فظيعة رهيبة. أُطلق صاروخ على حافلة اولاد. وقُتل ما لا يقل عن 15 فلسطينيا في اعمال الرد فيهم مدنيون ونساء واولاد. واضطر مئات الآلاف من الاسرائيليين الى العيش في "مجالات محصنة" في خوف دائم. وكل هذا نتاج سياسة صبيانية.

        من الذي بدأ؟ الامر واضح للاسرائيليين: فقد بدأ هذا باطلاق النار البغيض على حافلة الاولاد وكان يجب علينا ان نرد على ذلك. ومن الواضح للفلسطينيين أن ذلك بدأ بقتل مسؤول حماس الكبير، وكان يجب عليهم ان يردوا. وقد سبق هذا… وسبق ذاك… وسبق ذاك…

        كيف سينتهي هذا؟ يبدو اليوم انه لا نهاية له. فكل طرف يُصر على ألا يدع الطرف الثاني يطلق الطلقة الأخيرة.

        كان القرار الصبياني الاول لنا وهو انه لا يجوز لاسرائيل على أي حال من الاحوال ان تعترف بسلطة حماس لان حماس منظمة ارهابية لا تعترف بدولة يهودية وديمقراطية. ولان حماس هي كذا وكذا.

        هذه حماقة خالصة قاتلة. إن حماس في الحقيقة هي كذا وكذا. لكنها السلطة الفعلية في غزة. حاولنا اسقاطها وقويت نتاج ذلك. والى ذلك فانه في الوثائق السرية التي نُشرت مؤخرا تبين أن رجل أمن اسرائيليا مركزيا قال لدبلوماسي امريكي إن اسرائيل معنية خصوصا بوجود سلطة حماس في غزة في الأمد القصير لأن كل سلطة اخرى ستكون اسوأ.

        اذا كان الامر كذلك فلماذا هذه اللعبة الدامية؟ لماذا الاستمرار في خداع الجمهور في اسرائيل في حين ان الحل سهل؟ يجب على اسرائيل ان تعترف بسلطة حماس في غزة "بالفعل"، باعتبارها واقعا قائما. ويجب أن يُجرى مع السلطة القائمة تفاوض في شؤون عملية تحتاج الى تسوية.

        لا قيمة لـ "تهدئة" اخرى غامضة يتم احرازها مرة اخرى بواسطة طرف ثالث غامض من غير تفاصيل ومن غير اتفاق رسمي. يُحتاج الى وقف اطلاق نار رسمي يُثبّت بوثيقة مكتوبة، تحدد نظاما لاستيضاح الشكاوى. يُحتاج الى طرف ثالث متفق عليه، مكشوف وثقة يشرف على هذه المسيرة.

        العلاقة بقطاع غزة كلها فوضوية. فالحصار الذي كان يرمي الى اقناع السكان لاسقاط سلطة حماس فشل وأصبح عقبة. علينا أن ننفصل نهائيا عن غزة؛ ومعنى ذلك أن ندع لغزة أن تنفتح على سائر الاتجاهات: بأن تفتتح ميناء غزة ومطار غزة والحدود مع مصر. برهنت اسرائيل على أنها قادرة على منع إدخال وسائل قتالية بطرق اخرى أشد نجوعا. ويتعلق هذا ايضا بالقافلة البحرية القادمة التي ترعبنا. فلتُبحر بسلام كما تهوى.

        هذا ما يقول المنطق. أومأ الى هذا ايضا رئيس الموساد السابق افرايم هليفي. وكل شيء آخر هو ألعاب تفخيم للشأن غبية – هو بدأ فليكف أولا وما أشبه ذلك. هذه ببساطة غباوة قاتلة.

        أصابت صبيانية ثانية ايضا بنيامين نتنياهو إذ جاء ليمنع "التسونامي" الذي أخذ يثور ألا وهو الاعتراف الدولي بدولة فلسطين في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. إن نتنياهو الذي يؤمن بأن كلمة واحدة تساوي ألف فعل يخطط لأن ينقل الى سلطة مستقلة فلسطينية عدة قرى اخرى وأن يدعو الى مؤتمر دولي يشبه مدريد وأن يقنع دولة اخرى في أن تصوت معارضة الاعتراف بدولة فلسطين.

        كم مرة يمكن معاودة هذه الألاعيب الصبيانية ولا سيما حينما يتوقع أن يكون رد العالم عليها صيحة بسيطة: "أيها الاسرائيليون ضقنا بكم ذرعا!".