خبر ليس حصينا الى الابد..إسرائيل اليوم

الساعة 10:04 ص|16 ابريل 2011

بقلم: دان مرغليت

المستشار القانوني يهودا فينشتاين قفز أمس عن عائق التردد والشك الذي ميز واجبه للحسم في مسألة التحقيق المتعرج مع أفيغدور ليبرمان. فبعد تأجيلات عديدة – واحد قبل اسبوع وآخر أول أمس – فهم فينشتاين أيضا بان الجمهور لم يعد يكن مزيدا من الثقة للمداولات المتواصلة على مدى الزمن والمتلبثة حول كل تفصيل صغير. لائحة الاتهام قبل الاستماع هي وثيقة لم ترفع بعد الى المحكمة. يمكن تغييرها. وعلى أي حال ستجتاز تعديلات بعد أن يطرح محامو المتهم حججهم. وعليه فلا مانع من الانطلاق على الدرب. ليبرمان مذنب، ظاهرا فقط.

        بيان الناطق، المحامي موشيه كوهين، ترك علامات استفهام. فكيف حصل، مثلا، ان رجال أعمال مثل مارتين شلاف وميخائيل تشرنوي ودان غارتلر دفعوا بالملايين لشركات ليبران الوهمية، وهذا لا يتهم بتلقي الرشوة؟ اذ يوجد هنا، ظاهرا، أكثر من مجرد الانطلاق للاستثمار من جانبهم، وبالتأكيد ليس أقل من هذه القاعدة. هكذا ايضا اشتبهت الشرطة. ولكن في النيابة العامة تلخصت الامور في الصورة التالية: مثلما في لوحة فسيفساء ضخمة كانت هناك في الملف عناصر عديدة لا مثيل لها. وقد تجمعت واحدة واحدة الى أن خلقت رصفة كاملة دون فراغات بين اجزائها. ولكن الرصفة لم تغطي صورة شاملة لكل الفسيفساء، اللغز. هذا هو السبب الذي يجعل فينشتاين وزملاؤه يتعاطون مع القضية كما يتعاطون مع الرشوة، ولكنهم يكتفون فقط بما يمكن بتقديرهم اثباته بشكل كامل حسب قواعد القانون.

        لائحة الاتهام يمكن أن تكون خطيرة حتى بدون بند الرشوة. فضد ايهود اولمرت لم يستخدموا هذا البند (الا اذا قدم الى المحاكمة في قضية هولي لاند)، ولا تزال لائحة الاتهام تعزو له افعالا خطيرة للغاية، وهكذا ايضا لليبرمان. فتبييض الاموال وتلقي شيء بالغش وخرق الثقة ومحاولة تغيير موقف شاهد – هي ايضا بنود اتهام شديدة وقاسية. فقط في اسرائيل نشأ نوع من التشويه في أن جريمة الياقة البيضاء دون رشوة هي زعما شيء "غير فظيع". تماما مثلما هي جريمة الجنس بدون اغتصاب تحظى بموقف فاتر، والنهجان يدلان على استخفاف خطير في الموقف من الجريمة.

        لا يزال طويل الطريق الى المحكمة. فليبرمان سيستغل كل الادوات القانونية التي توجد تحت تصرفه، وبالاساس سيحاول كسب الوقت، لحافه السياسي سيشد حتى الانتخابات التالية كي يبعد أكثر فأكثر يوم تقديمه الى المحاكمة، وربما في اثناء الاستيضاح سيلعب له الحظ وتتنازل النيابة العامة عن قسم هام من بنود الاتهام.

        هو لن يسقط الحكومة الان. بل سيثقل عليها فقط. من جهة سيهاجم وقف النار في غزة الذي سمح به نتنياهو ومن جهة اخرى سيعرض صياغة سياسة خارجية تتفق مع كديما كي يستعد لما يسميه باراك "تسونامي سياسي" سيصل ذروته في الجمعية العمومية في ايلول.

 بيان المستشار القانوني فتح أمس فصلا جديدا في القصة الطويلة التي شهدتها ساحة فرض القانون في تاريخها. اسم اللعبة ليس فقط مضمون لائحة الاتهام النهائية، بل المدى الزمني اللازم لرفعها في صيغة معدلة الى المحكمة. لا توجد بعد هزة أرضية. ولكن يسمع حراك الصخور التي تبدأ بالتفكك. هل بعد ذلك ستبقى الحكومة؟ هل اسرائيل بيتنا سيواصل كونه بيت رجل حاكم واحد؟

        الابتسامة التي ارتسمت على وجه ليبرمان في بداية خطابه في مؤتمر حزبه في القدس انمحت في نهايته. فقد وعد بانه لم يعمل أبدا خلافا للقانون. وحافظ على موقف محترم، ظاهرا واثق بنفسه. ولكن من تمعن فيه بعد أن أزال نظارتيه ونظر الى الاعلى نحو كاميرا التلفزيون فقد يكون رأى شيئا آخر. بداية شيء آخر. ليس حصينا الى الابد.