خبر اعتقال مبارك..من تويتر الى سجن طرة..هآرتس

الساعة 10:00 ص|16 ابريل 2011

بقلم: الوف بن

الربيع العربي تغير فأصبح خريفا متكدرا. الثورة في مصر، التي بدت في البداية انتفاضة عفوية لجيل الفيس بوك والتويتر أخذت تبدو مثل الثورات التي عرفناها في اماكن اخرى. الحاكم المطاح به ونجلاه نقلا هذا الاسبوع من الاقامة الجبرية في شرم الشيخ الى الاعتقال الكامل. ومثل القيصر نيكولاي وعائلته، مثل نيكولاي والينا تشاوتشسكو، فايضا حسني، جمال وعلاء مبارك يتقدمون في المسار الذي يسير من مناعم السلطة الى ثلة الاعام. في الطغيان الوحشي مثل روسيا القيصرية، رومانيا الشيوعية ومصر المباركية، لا توجد ثورات مفرحة. العنف فقط يبدل مكانه.

        مبارك المريض اعتقل وحقق معه وهو على سريره ونجلاه نقلا الى سجن طرة في القاهرة، حيث حبس في حينه الاسرائيلي عزام عزام. جمال مبارك، وهو يلبس البدلة الرياضية غير حليق الوجه، بدا كظل باهت لولي العهد في البدلة قبل بضعة اشهر. "لم يصدق أن هذا يحصل له"، روى مصدر في مصلحة السجون المصرية لصحيفة "الاهرام"، بوق النظام.

        في مصر لا توجد تحقيقات طويلة، تردد في رفع لوائح اتهام واجراء استماع طويل لكبار المسؤولين، مثلما في اسرائيل، في اللحظة التي تنزل فيها من عظمتك، فأنت في البئر. بداية اعتقلوا وزراء الحكومة المصرية السابقة، وبعد أن انهاروا في غرف التحقيقات حان زمن أوامر الاعتقال ضد الرئيس السابق ونجليه. لا يوجد سبيل أكثر ضمانة لترسيخ شعبية الحكم الجديد من اهانة اسلافه. المتظاهرون في الميدان طلبوا رأس مبارك، والجنرالات وفروا لهم مبتغاهم. ما حصل لمبارك يشرح تصميم الطغاة الاخرين في العالم العربي على الكفاح في سبيل حكمهم. فهم يعرفون انه في نهاية الولاية لا ينتظرهم تقاعد سخي وعقد لكتابة مذكراتهم، بل الرفيق كلاشينكوف. وعليه، فان بشار الاسد يطلق النار على المتظاهرين، معمر القذافي "يقاتل حتى الموت"، ورئيس اليمن يرفض الاعتزال حتى بعد أن نزعت الولايات المتحدة عنه رعايتها. الاسرة المالكة السعودية، التي تقود الدولة الاقل ديمقراطية في المنطقة تدير حرب بقاءها خلف الحدود، في اليمن وفي البحرين. هناك سيحسم الصراع على الهيمنة في المنطقة بين ايران والولايات المتحدة.

        الفهم بان شيئا ما تشوش ونحن نشهد صراعا عنيفا على القوة والسيطرة، وليس صيغة متكررة لثورة اطفال الورود في امريكا، يتسلل الى عقل الغرب ايضا. كاتب الرأي توماس فريدمان كتب أول أمس في "نيويورك تايمز" مقالا عن فقدان البراءة للثورة العربية، والتي تذكر الان بانحلال يوغسلافيا وليس بالثورة الناعمة في شرقي اوروبا. فريدمان لا يزال يأمل بان تنتصر الديمقراطية في الشرق الاوسط ايضا مثلما انتصرت في شرقي اوروبا، ولكن يبدو أن هو أيضا صحى من ديمقراطية الايام الاولى وفهم بان ميدان التحرير ليس حرم جامعة بيركلي في كاليفورنيا في الستينيات.

        حرج فريدمان يعبر عن انعدام الوسيلة لدى الحكومات العربية، التي تريد هذا وذاك في نفس الوقت. ان تظهر مع الحرية والديمقراطية وان تحافظ على المواقع الاستراتيجية في نفس الوقت، وكذا ان تمتنع عن التورط العسكري. وتبدو النتيجة كـ "خطوة مترددة" كما وصفها في كتابه الاستراتيجي الامريكي في الستينيات، الجنرال ماكسويل تيلر. يقاتلون ضد القذافي في ليبيا، ولكن فقط عن بعد وبقوة صغيرة، كي لا يتسخوا ويمنعون عن أنفسهم خسائر ستظهر في صورة سيئة في داخل أوطانهم. يتحدثون على نحو جميل في صالح الحرية وضد القمع، ولكنهم يرتعدون من الخوف من أن ينهار النظام في السعودية – ومعه اقتصاد النفط الذي يبنى عليه نمط الحياة الغربي. يعرضون الثورة كانتفاضة شعبية، ويفهمون بان المعركة الحقيقية تدور على الهيمنة في الشرق الاوسط وتجري بأدوات كلاسيكية لصراعات القوة والسيطرة.

        ومثلما عادت الثورة الى النمط المعروف، هكذا أيضا الموقف من اسرائيل. نشوى الايام الاولى، التي ركز فيها المتظاهرون على الدعوة للديمقراطية وليس على احراق الاعلام الزرقاء – البيضاء، انتهت يوم الجمعة الماضي في مظاهرة الالاف امام السفارة الاسرائيلية في القاهرة. يتبين أن العداء لاسرائيل لم يكن فقط ذريعة فارغة المضمون للحكم السابق لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية لمصر، بل يعبر عن مشاعر حقيقية لدى الجمهور المصري. المرشحون للحكم يتطرفون في تصريحاتهم ضد اسرائيل، والحكم المؤقت يقترب من ايران ويسعى الى تعديل عقد الغاز مع شركة الكهرباء الاسرائيلية. من ناحيتهم، هذه سياسة مثالية: حكومة اليمين في القدس معزولة دوليا، ويمكن مهاجمتها بقدر ما يشاءون دون أن يدفعوا الثمن في علاقاتهم مع أمريكا واوروبا. نبوءات القلق الاسرائيلية من انصراف مبارك، والتي سادت في سنواته الاخيرة في الحكم آخذة في التجسد. ولكن هذا هو طريق العالم. كل حاكم جديد يقلق رأسا على عقب سياسة سلفه، ومبارك كان يعتبر كمن ينفذ كلمة أمريكا واسرائيل المهموس بها. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيبقى يتوق لصديقة، بعلمه بانه سيكون أصعب مع خلفائه – ولا سيما عندما تدير اسرائيل معركة أخيرة ضد طردها من المناطق بضغط دولي.