خبر يوم الوفاء للأسرى/ رياض خالد الأشقر

الساعة 09:06 ص|15 ابريل 2011

يوم الوفاء للأسرى/ رياض خالد الأشقر

مختص في شئون الأسرى و مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى

 

في مثل هذا اليوم السابع عشر من نيسان في كل عام تمر علينا ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، ذلك اليوم الذي صادف إطلاق سراح أول أسير فلسطيني "محمود بكر حجازي" من سجون الاحتلال في عام 1974، نقف في هذا اليوم إجلالاً وإكباراً  لؤلئك الأبطال الذين نصغر بجانبهم، ولا يُذكر فعلنا مقابل دقيقة واحدة أمضوها تحت سياط الجلاد الذي لا يرحم صغيراً ولا كبيراً ولا يرقب فيهم إلاَّ ولا ذمة .

 

يدق علينا يوم الأسير الباب هذا العام  ليذكرنا بمعاناة الآلاف من أبناء شعبنا لا زالوا يرزحون خلف قضبان السجون ، التي صدئت وتهالكت وهم لا زالوا صابرين مصابرين، يتجرعون مرارة الحرمان، ولكنهم يكتمون آلامهم خوفاً من شماتة السجان، الذي ينتظر تلك اللحظة بشغف كي يفرح بتحطيم إرادتهم ،وان يذل كبريائهم ، ولكن هيهات له ذلك ، فأسرانا صخور قاسية ، تتحطم عليها كل مخططات الاحتلال .

 

انه يوم ليس للأسر، إنما هو يوم للحرية، ورفض الظلم والقيود انه يوم الوفاء لهؤلاء العظماء، وتجديد بيعة لعهدهم على استمرار النضال والكفاح من أجل حريتهم جميعاً دون النظر إلى ألوانهم السياسية ، فهم ضحوا بأغلى ما يملكون من اجل الوطن بأكمله، وداسوا على مصالحهم، من اجل مصلحة الكل الفلسطيني .

 

يأتى يوم الأسير ليضيف حزناً إلى حزن الأسير" تيسير البردينى" المحكوم بالمؤبد، والذي توفى والده، وهو يتمنى لقاؤه منذ 18 عاماً ، وليؤكد لهذا العالم مدى بشاعة وإجرام هذا المحتل، الذي يحرم الأسير الفلسطيني من إلقاء نظرة وداع على اقرب الناس لقلبه، وهو واحد من مئات الأسرى الذين مروا بتلك التجربة القاسية .

 

يأتي يوم الأسير ولا يزال المحتل يختطف أعراضنا، ويغَّيب 36 من حرائرنا في الغرف المظلمة، التي تفتقر إلى مظاهر الحياة ، وتنتشر الكآبة واليأس في كل ركن من أرجائها ، ويحرم المئات من أطفالنا من أن يعيشوا طفولتهم كما بقية أطفال العالم، فيمارس بحقهم التعذيب والشبح والضرب، والصعق بالكهرباء، ويحاول تجنيدهم للعمل معه كعملاء وخونه لشعبهم .

 

يأتي يوم الأسير ويدخل معه أسطورة الصمود والتحدي أبو النور "نائل البرغوتى" أقدم أسير على وجه الكرة الأرضية عامه الرابع والثلاثين بشكل متواصل، ليضرب أروع الأمثلة في بقاء الأمل بالحرية والانعتاق من القيود، رغم تلك السنوات الطويلة .

 

يأتي يوم الأسير ولا زال ثلاثة عشرة نائباً من ممثلي الشعب الفلسطيني خلف القضبان، بعد أن أٌعيد اعتقال معظمهم مرة ومرة بهدف إذلال هذا الشعب في قادته ونوابه، ولكنهم خابوا وخسئوا ، فقد خرج الدويك وإخوانه رغماً عنهم وهم رافعي الهامات وقد حفظوا كتاب الله في صدورهم ، وسيخرج إخوانهم عما قريب رغم انف الاحتلال .

 

يحل علينا يوم الأسير ضيفاً ثقيلاً على قلوبنا، لأنه يشعرنا كم نحن مقصرين بحق الأسرى، ويذكرنا بأننا تخاذلنا عن نصرتهم ، يوم أن ألهتنا الدنيا بزينتها الفارغة عن التضامن معهم، والدعاء لهم، والتضرع إلى الله بفك قيدهم .

 

وهنا لابد أن أؤكد على حقيقة هامه، وهى أن الكثير يعتقد بان قضية الأسرى هي مسئولية وزارة الأسرى لوحدها كجهة رسمية تمثل تلك القضية، ومطلوب منها أن تحرر الأسرى، وان تخفف من معاناتهم ،وان تنفذ فعاليات تضامن معهم، وأن تعمل على تدويل قضيتهم ، وان ترعى ذويهم .

 

صحيح أن وزارة الأسرى مطلوب منها أن تعمل على تحقيق كل تلك الأمور، ولكن لا نلقى بالمسئولية على الوزارة وحدها ونجلس نتفرج عليها، ثم نتهمها بالتقصير والخذلان للأسرى كما يحلو للبعض أن يفعل ، فقضية الأسرى ليست مسئولية الوزارة وحدها، إنما هي مسئولية الجميع من حكومات وتنظيمات ومؤسسات وجمعيات وحتى الأفراد  كل حسب موقعه، وتخصصه، وامكانياته، وتحرير الأسرى يقع عبئه على كل الفلسطينين، لأن الاسرى ضحوا بأنفسهم من اجل قضية فلسطين ومقدساتها ،وليس من اجل تنظيم معين ـ أو مصلحة شخصية .

 

لذلك على الجميع أن يدرك هذه الحقيقة وان يتحرك بناء ًعلى مقتضياتها، وان يسعى لخدمة قضية الأسرى بكل الطرق الميدانية، والإعلامية، والحقوقية، والجماهيرية، والمادية، واقل القليل أن نزور ذويهم ونمسح على رؤوس أبنائهم، ونرفع معنوياتهم ، ونقول لهم فيس يوم الوفاء بأننا معكم ولن نتخلى عنكم حتى ينعم أبناءكم بالحرية ، ولا اظن احداً لا يستطيع أن يفعل ذلك .