خبر نريد هدوءا هنا- هآرتس

الساعة 11:00 ص|13 ابريل 2011

نريد هدوءا هنا- هآرتس

بقلم: ميراف ميخائيلي

(المضمون: تعترض الكاتبة على مقالة اهود باراك أن من أراد الهدوء التام فليمض الى فنلندة وترى أن واجب القيادة الاسرائيلية أن تحاول جاهدة إتيان الشعب الاسرائيلي بالسلام وهي قادرة على ذلك لو أرادت - المصدر).

       "من أراد هدوءا تاما فهناك الآن فنلندة وغرب اوروبا فليمضِ الى هناك"، قال اهود باراك وزير الدفاع هذا الاسبوع في مقابلة في المذياع لآريه غولان فيما يتعلق بالأحداث في الجنوب. ليس هذا خطأ. قال باراك هذا بصوته: "من أتى هنا الى دولة اسرائيل كي ينشيء هنا وطنه القومي بعد ألفي سنة، يجب أن يعرف كيف يصمد للامتحانات ايضا، ومن أراد الهدوء التام فليمض الى فنلندة".

       اذا استثنينا حقيقة أن هذه المقالة تناقض الفكرة الصهيونية كلها – لأن من أتى هنا بعد ألفي سنة أتى من اجل الهدوء بالضبط – فان مقالة باراك هذه تلخص نظرية السلطة في اسرائيل كلها: أنا السلطة، وأنتم لحم مدافعي، وستفعلون ما أقرر لكم لا بالعكس.

       هذا الواقع يصوغ كل نضال اجتماعي يتم هنا في الثلاثين سنة الاخيرة، وبقدر أكبر النضالات "السياسية" التي تطلب إنهاء الاحتلال، وصنع السلام والغاء سلطة الطائفة الأمنية علينا في واقع الامر.

       "كل الامكانات في أيدينا"، قال باراك في تلك المقابلة، وأضاف فورا: "حماس تطور نفسها والجيش الاسرائيلي يطور نفسه". هذه هي المعادلة لا غير. أما السلام والاتفاق فليسا موجودين بين كل الامكانات التي في أيدينا، كما يرى باراك.

       كتب "يوم طوف سامية" قبل اسبوع ("الجيش الأكثر اخلاقية في العالم"، "هآرتس"، 5/4) أنه "لا يوجد أي جيش في العالم اضطره قادته الى السيطرة على شعب آخر اربعين سنة تقريبا". والكلمة المفتاحية هي "اضطر". فمنذ اربع واربعين سنة تضطر السلطة في اسرائيل مواطنيها ومواطناتها الذين تريد كثرتهم الغالبة سلاما ولا يريدون المستوطنات والاستمرار في الموت في الجبهة وأن يُفجَّروا في الجبهة الداخلية، لانها تستطيع ذلك ببساطة.

       في كتاب موتي غولاني "الحروب لا تحدث من تلقاء ذاتها" يُبين كيف انه في سنة 1967 قبل الحرب، منع ليفي اشكول رئيس الموساد آنذاك، من السفر لاجراء محادثات مع مصر. وفي 1970 منعت غولدا مئير ناحوم غولدمان محادثة الرئيس عبد الناصر. وقالت: "لا يوجد من يُتحدث اليه". أيبدو هذا معروفا؟.

       في 1973 رفضت الحكومة محاولات تسوية مع مصر ومع الاردن – فقد رفضت وساطة الامم المتحدة ووساطة الانجليز ووساطة كيسنجر – برغم أن نتائج الرفض كانت واضحة لها تماما، بل انها اهتمت كيف تعرضها على الجمهور، لكن ذلك لم يعُقها عن مسايرة ذلك بكل قوة حتى الحرب.

       واستمر الامر على ذلك مع حرب لبنان الاولى وعدم التخطيط للثانية، وبالمضي الى كامب ديفيد من غير تخطيط مسبق ومن غير دعم للاخفاق، مع تجاهل المبادرة السعودية وانفصال بغير اتفاق ومع استمرار البناء في المستوطنات.

       منذ ذلك الحين ازداد فينا وما زال يزداد المصابون بصدمة الحرب بعد أن اضطروا الى أن يكونوا مُنتقين على الحواجز وكاسِري أيدٍ وأرجل، وقاتلي مدنيين وبنات واولاد، وضحايا للعمليات التفجيرية ولصواريخ القسام والارهاب، يعيشون في كابوس متواصل سنة بعد اخرى.

       اليوم أكثر من أي وقت مضى، يُضحي قادتنا بالمواطنين من اجل أهداف "قومية" في ظاهر الامر، تخدم في الأساس "الأنا" القومية الخاصة بهم. إن اهود باراك الذي تم تشبيهه بنابليون من قبل يبدو انه أكثر شبها بلويس الرابع عشر باحساسه بأنه "أنا الدولة"، ولهذا من كان لا يطيب له الامر عندي فليتفضل وليسافر الى فنلندة.

       حان وقت أن نقول إننا "نحن الدولة"، وإننا نريد قادة يريدون احراز هدوء هنا لا في فنلندة.