خبر حين تزيَّن الهزائم « انتصارات » تاريخية .. د .بسام رجا

الساعة 05:42 م|12 ابريل 2011

حين تزيَّن الهزائم "انتصارات" تاريخية .. د .بسام رجا

 

في قاموس الذاكرة العربية تتوالد الأحداث من بعضها البعض، فلا يكاد يمر يوم إلا ونضعه في إطاره وعلاقته  بسابقاته وإسقاطاته على الراهن. ومع توالي الأحداث تزدحم الذاكرة العربية بتواريخ أحياناً لا تجد من يتذكرها.. لكن يبدو اليوم أن تزاحم صورة الأحداث وكارثتيها تفرض نفسها كل ثانية. واسمحوا لي هنا أن أخص ذلك بالشأن الفلسطيني، فمنذ أوسلو وما قبله توالت علينا النكبات، لتشكل عالماً من نوع خاص لم يعرف له التاريخ مثيلاً. فقد تعلمنا وقرأنا عن تاريخ الثورات والمفاوضات وكيف استطاع أحرار العالم أن يقهروا المحتل، لكن كل شيء هنا يعاكس التاريخ ومنطقه، فالسلطة في رام الله لها فلسفتها للصراع،التي تمثلت في خط بياني متصاعد من تصريحات وتنازلات وتفريط بالحقوق، ففي كل ثانية هناك تصريح وتصريح مضاد..مع كل هبة هواء هناك تنازل عن أرض هنا وهناك، لدرجة يعجز فيها المؤرخون والموثقون تسجيل وقائع الأحداث الكبرى والصغرى، وستنال منهم الأرقام والخرائط،وتجعلهم في حيرة من أمرهم؛ من أين يبدؤون وكيف يوثقون، وأي التواريخ تسجل تصاعداً أو تنازلاً أو كارثة أو تهافتاً أو قل ما شئت؟؟!.وبمقارنة تجوز هنا، نعود خطوة إلى الوراء ونسجل أن الذاكرة المزدحمة بالقرارات الدولية والانتهاكات الصهيونية والمجازر اليومية، وقبل كل ذلك الوعود البلفورية..,لم تتطلب ذلك الجهد في إظهار ما خفي منها فكارثة الوعد البلفوري فتحت أبواب المجزرة الصهيونية على مصراعيها، وبالمقابل وفي أيامنا الدامية سياسياً، كان نصيب السلطة في رام الله وفي سنواتها نضالها "السلمي" أن أثخنت الجسد الفلسطيني بالجراح والقول المباح في اعترافها بكيان الاغتصاب في حال منحها الدولة الموعودة (وتصريحات عباس وعبد ربه دليل ذلك)، وصمتها عن الجرائم الصهيونية اليومية، وتواطأت على  شعبها، ولكثرة الانحناءات وسرعة التنازلات في أحداث تمر بلمح البصر عجز  وسيعجز المتابعون والمحللون عن لحظة التقييم، وفي أية خانة تصنَّف، ففي سنوات أوسلو  التدميرية لم يبق في رزنامة الواقع الفلسطيني فراغ لحدث مهم وأهم، فسيل الكوارث اليومي أضحى عرفاً وتقليداً رسمياً يقدم على أنه إنجاز تاريخي سيتلوه آخر، وكأن شعب فلسطين الذي لم تخدعه ذاكرته سلم بزمام أمره.. هكذا يعتقد من أعطى نفسه حق الحديث باسم فلسطين وجراحها، ولم ينظر من نافذة المقاومة وتاريخ الصراع الذي يضرب عميقاً  في أرض الإسراء والمعراج.وحتى لا تزدحم الذاكرة بالتواريخ المشوهة والمزورة للتاريخ، فقد أسقط شعب فلسطين ومعه كل من آمن بالمقاومة كل أرقامهم وتواريخهم وتصريحاتهم وعبثهم وانحناءاتهم وأشهر ذاكرة واحدة هي ذاكرة المقاومة وثقافتها.