خبر ربيع الشرق الاوسط..يديعوت

الساعة 03:55 م|12 ابريل 2011

بقلم: الياكيم هعتسني

"التغييرات الدراماتيكية في العالم العربي تستدعي بذل كل جهد مستطاع لاستئناف محادثات السلام فورا". هذا التصريح للرئيس بيرس يدوي في معسكر السلام، ولكن دون تعليلات. على ما يبدو، لان التفكير العقلاني يستدعي استنتاجا معاكسا.

        لنبدأ بمصر. ادارة اوباما أيدت الشباب الذين تظاهروا في ميدان التحرير باسم الحرية، التقدم والديمقراطية. النتيجة البشعة توصف في "نيويورك تايمز": "في اعقاب الانتفاضة باسم المثل العلمانية خرج الدين كقوة سياسية شديدة والاخوان المسلمون اصبحوا شريكا صامتا للحكومة العسكرية... النشطاء الشباب، المثقفين، العلمانيين الذين حركوا الثورة، لم يعودوا القوة المحركة".

        في الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية صوت 77.2 في المائة الى جانب موقف الاخوان المسلمين، وعصام العريان، زعيمهم والناطق باسمهم، اجمل فقال: "ارادة الشعب في السير نحو الاسلام تدل على صعود القيم الديمقراطية في مصر".

        ليس لطيفا، ولكن العريان محق. بالفعل، الاغلبية الديمقراطية في أوساط العرب تفضل الاسلام غير الديمقراطي، على الليبرالية الديمقراطية، وعليه فان الديمقراطية عندهم هي لمرة واحدة: من ينتخب يبقى ويضع حدا للعملية الديمقراطية. حتى... ينحى في الثورة التالية.

        العالم الحر الذي رأى امله يخيب، لم يهدد مصر بـ "ايلول اسود" في الامم المتحدة وباقي التخويفات من الانواع التي تستخدم ضد اسرائيل. وقد استوعب كحقيقة حياة في الشرق الاوسط بانه حتى بعد "الثورة الليبرالية" فان شيئا لا يتغير. في مصر كان الغرب سيشتري اليوم بطواعية الدكتاتورية على نمط مبارك، معتدلة ومؤيدة للغرب.

        في البحرين، روجت امريكا لملكي السعودية والبحرين فكرة الاستجابة باسم الديمقراطية لمطالب الاغلبية الشيوعية. ولكن الملكين، اللذين يعني انتصار الشيعة بالنسبة لهما خطرا وجوديا، تجاهلا. الجيش السعودي استدعي، فقمعت الثورة بالقوة. الغرب، الذي اضطر للتسليم بردود فعل المملكتين الحازم، تعلم بان للخليج الفارسي لن يصل جيفرسون بهذه السرعة الشديدة.

        في ليبيا مبني التدخل العسكري الغربي على السذاجة والسطحية، إذ أنه امام الطاغية القذافي نهضة قوى ديمقراطية وليبية، وهو يتبين ان طهران والقاعدة تؤيدان الثورة، وقائد الثوار قاتل ضد الامريكيين في العراق وفي افغانستان ومع الكثيرون ممن عادوا الى ليبيا.

        اوباما كاد يجد نفسه يوزع السلاح على رجال بن لادن. ولحظه في اللحظة الاخيرة اوقف الهجوم العسكري، وكذا الهجوم الاوروبي فقد زخمه. اسقاط القذافي، الذي عرض في البداية كهدف حربي، سقط عن جدول الاعمال واستمرار حكمه على ما يبدو هو أهون الشرور.

        في سوريا يذبح الاسد مواطنيه في وضح النهار، ولكن الغرب يكتفي بشجب هزيل، رفعا للعتب. ربما لانهم وجدوا بان كل بديل سيكون اسوأ بكثير.

        وهكذا، بصوت استجابة هزيل، ينتهي ما احتفل به بصخب عظيم كربيع الشعوب العربية.

        اما عندنا؟ هنا "الرغبة الديمقراطية" للفلسطينيين – في رام الله مثلما في غزة – هي تصفية دولة اليهود. ولكن بينما اوروبا وامريكا ستبقيان حتى لو سيطر في مصر الاخوان المسلمون، فان تعايش اسرائيل مع فلسطين سيادية لن يطول أكثر من حياة جوليانو مير في جنين.

        حتى لو كنا كلنا جوليانو، وحتى لو وقعت حماس والجهاد على "سلام حقيقي" – فان احدا ما سيجد دوما اسما جديدا، مثيرا للحماسة، ليقتل بسلاح اتوماتيكي السلام المستحيل ويشعل نار حرب ابادة. لان هنا ايضا الحل الغربي ليس واقعيا والخيار هو بين الوضع القائم – الحكم الذاتي برعاية اسرائيل – وبين الفوضى وسيطرة القوى التي تعرض للخطر العالم الحر.

        لماذا تتعلم السيدة ماركيل الاكتفاء في كل الشرق الاوسط بما يتوفر، وفقط في زاوية واحدة، حيثما اللعب هو على حياة 6 مليون يهودي آخر – تصر على السير حتى النهاية؟ هذا سؤال يتعين على نتنياهو أن يوجهه الى المستشارة الالمانية.

        ما أن فرقت مظاهرة الجماهير الاخيرة في ميدان التحرير برصاص الجيش المصري (قتيلين) لم يتبقَ غير السؤال: أين رأى معسكر السلام "التغييرات الدرماتيكية": في القاهرة؟ في المنامة؟ في طرابلس؟ في دمشق؟