خبر هدوء هش في خفاياه تدور حرب خفية من نوعٍ آخر..!!

الساعة 07:12 ص|12 ابريل 2011

هدوء هش في خفاياه تدور حرب خفية من نوعٍ آخر

فلسطين اليوم- غزة (محمود أبو عواد)

ما أن تلبث وتعود الأمور في قطاع غزة إلى الهدوء النسبي، إلا وتدور عجلة الأمور سريعاً، فينطلق المقاومون في سباق معركةٍ بل حربٍ من نوعٍ آخر مع ماكينة المؤسسة الأمنية للعدو الصهيوني على اختلاف مسميات أجهزتها.

 

ملاحقاتٍ ساخنة.. مصطلح جديد- قديم استخدمه العدو مجدداً خلال احتفاظه بشروط حالة الهدوء التي تسود القطاع منذ أيام، ليفتح الباب على مصراعيه أمام الحرب الخفية التي تدور رحاها منذ سنوات طويلة بين المقاومين الذين يتسلحون بأبسط العتاد العسكري، وبين آلة العدو الصهيوني الذي يتسلح بكافة ما يمكنه من حصد لقب "الجيش الذي لا يقهر" على الرغم من أن هذه القاعدة باتت في مهب الريح منذ الحرب على جبهتي لبنان وغزة.

 

فحرب المعلومات، من أهم ما ترتكز عليه أي جيوش أو جماعات من أجل العمل على أسس سليمة في حالة التخطيط لعملٍ ما، وهذه الحرب السرية التي لا يخوضها إلا بضع عشرات أو مئات من ألوفٍ مؤلفة في أي صراعٍ كان، يكون لها الدور الأول والأخير بإنهاء الحسم حين تدور المعركة على أرض الميدان، وهذا ليس ببعيدٍ عن حالة صراع المقاومة مع العدو الصهيوني.

 

"طائرات الاستطلاع" أو كما يحلو للغزيين تسميتها بـِ "الزنانة"، والتي تجوب أجواء قطاع غزة باستمرار، كان لها الدور الأبرز والأكبر في حرب المعلومات، بالإضافة إلى أنها صاحبة الذراع في تنفيذ مخطط مصطلح "الملاحقات الساخنة"، والتي يقصد منها العدو تنفيذ عمليات اغتيالٍ محددة تطال عدد من المطلوبين الفلسطينيين، فكانت من أهم عناصر الحرب الخفية التي تدور بالقطاع.

 

"أبو معاذ" من القادة الميدانيين لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وأحد المطلوبين لقوات الاحتلال منذ سنوات، فهو شخص من عشرات إن لم يكن مئات يخوضون الحرب الخفية التي لا تنتهي إلا باستشهاده، لكنها لا تنتهي به وحده، بل تستمر مع الآخرين، فما سر هذه المعركة وكيف تُدار..؟!

 

يقول القيادي الميداني بالسرايا لمراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" في غزة، "من أسرار المعارك التي تخوضها المقاومة الفلسطينية ولا تكون علنية هي معركة المتابعة والملاحقة التي تقوم بمهامها طائرات الاستطلاع على مدار الساعة إلى جانب العملاء الذين اضمحل دورهم أمام اعتماد العدو مؤخراً على التكنولوجيا التي تتطور سريعاً، فأصبح الخطر الحقيقي والأكبر هو "حرب أجهزة الاتصال السلكية واللا سلكية"، سواء كان ذلك "جوال – سيناو- مخشير" وجميعها باتت تحت ناظر أجهزة استخبارات العدو، فأصبحت الأهداف سهلة المنّال ولكن لا يقلل ذلك من الدور والعامل البشري على الأرض".

 

ويتابع "بات بمقدور العدو الصهيوني أن يتتبع المقاومين بطائراته من خلال هذه الأجهزة، فالجوال من أهم العملاء الذين يضرون بالمقاوم ويأتي أقل من ذلك أجهزة الاتصال الأخرى اللا سلكية، والتي حديثاً أصبح العدو يتمكن من اختراقها من خلال أقمار صناعية تختص بالتجسس على اتصالات تلك الأجهزة، فيما يكون الاعتماد الأكثر في عمليات التتبع من خلال التنصت على اتصالات الجوال، حتى وإن قام المقاوم من فترةٍ لأخرى بتغيير الشريحة والجهاز، فإن عملية الملاحقة تستمر باستخدام بصمات الصوت وأجهزة متطورة قادرة على كشف ذلك سريعاً عند أول اتصال يتعدى الثلاثين ثانية".

 

ويضيف "أبو معاذ"، "مؤخراً كان لطائرات الاستطلاع الدور الرئيس في عمليات الاغتيال والملاحقة والمتابعة، فرغم أن هذه الطائرة بدون طيار، إلا أنها هي التي تنفذ تلك العمليات والتي يقوم ضباط من المخابرات بتوجيهها ومتابعة عملها من خلال قمرة القيادة العسكرية الخاصة بها، ويقتصر دور الضباط على متابعة الطائرات التي تقوم بمهام مراقبة الأشخاص بحد ذاتهم، وليس للطائرات التي تقوم بعمليات استطلاعية على الحدود لاستهداف المسلحين أو أي شئ آخر".

 

ويردف "إننا نخوض معركة صعبة فالعامل البشري على الأرض إن فشل في متابعة الشخص المطلوب، يكون الجوال أو الجهاز اللا سلكي هو العميل الآخر والأخطر، وبذلك أصبحنا في حالة ملاحقة ومتابعة جيدة وتحت ناظر ضباط المخابرات الصهيونية، ولكن هذه المعركة السرية رغم خطورتها لكنها في كثير من الأحيان يفشل العدو في تحقيق نجاحات فيها وذلك يعود لخطوات مهمة أصبح الشخص المطلوب يقوم بتنفيذها".

 

وعن الخطوات المتبعة للحد من نجاح العدو باغتيال المطلوبين، يوضح "أبو معاذ"، "من أهم ما يمكن أن نقوله عن الخطوات التي يمكن إتباعها هو لجوء المقاومين في الآونة الأخيرة وبشكل ملحوظ لإغلاق الجوال نهائياً والعمل على فك الشريحة الخاصة بالاتصال وكذلك البطارية وإبعاد كلٌ منهما عن الآخر، بحيث تكون البطارية بعيدة عن الجهاز وكذلك الشريحة في مكان آخر، وذلك للتخفيف قدر المستطاع من حد الوصول لأي نقطة ضعف تُسهم في الوصول للشخص المستهدف، وتتم هذه العملية غالباً عند التحرك من مكانٍ لآخر".

 

ويضيف "ومن الخطأ الكبير أن يقوم المطلوب بإعادة تركيب الشريحة وتشغيل الجهاز في حال وصوله لمكان آمن، فذلك يعود لتحديد مكانه بسهولة، وكثير من المطلوبين يفضلون ترك أجهزة الاتصال في مكان معين والتحرك بحذر أيضاً، تخوفاً من العامل البشري الذي يتابع عن كثب تحركات المطلوب وكان دائماً العدو يعتمد عليهم في عمليات الاستهداف ولكن مع استمرار كشف العملاء وملاحقتهم أصبح الاعتماد الأول والأخير على الاتصالات".

 

ويتابع "تأتي أيام ربما تصل لثلاثة أو أربعة أيام يكون المطلوب فيها متخفياً تماماً عن ذويه وأقرب الناس إليه ولا يحمل أي جهاز اتصال وذلك لصعوبة الظروف، ولكن يترك لحالة الطوارئ طريق مغلق لشخص ما يصل إليه حين الحاجة الماسة إليه".

 

ويواصل "خلال الانتفاضة الحالية تم اغتيال عدد من قادة المقاومة من خلال استخدام سيارات مفخخة كانت توضع على جوانب طرق عامة، كما حصل ذلك مع الشهيد القائد "خالد الدحدوح" والشهيد القائد "رائد أبو فنونة"، وكانت مخابرات العدو تلجأ لذلك لأن الشهداء لا يعتمدون على أي أجهزة اتصال، وطريقة اغتيالهم كانت تعتمد على العامل البشري من العملاء، والذين كانوا يضعون تلك السيارات بطرق يسلكها الشهداء، وتقوم طائرات الاستطلاع من خلال أجهزة حديثة ومتطورة مثبتة بالسيارات من رصد الشخص وتفجير السيارة حين وصوله للهدف".

 

وكشف "أبو معاذ" القيادي الميداني في السرايا، في نهاية المقابلة عن تعليمات صدرت منذ أيام للمجاهدين بالحد من التحرك، وكذلك عدم استخدام أجهزة الاتصال بكافة أنواعها، والاعتماد في الميدان على التمويه في التحرك لتنفيذ أي مهمة جهادية كإطلاق الصواريخ أو غيرها.