خبر هذا هو الوقت لفك ارتباط 2..هآرتس

الساعة 03:10 م|11 ابريل 2011

بقلم: عكيفا الدار

كل مقذوفة صاروخية تخرج من قطاع غزة نحو سدروت وأسدود تشكل "برهانا آخر" على أن اخلاء المستوطنات في غوش قطيف كان خطأ. ومرة اخرى يحذروننا من ان "هذا ما ينتظر كفار سابا ونتانيا اذا ما خرجنا من يهودا والسامرة". ومرة اخرى ينجح المستوطنون في ذر الرماد في عيون الخلق ويحولون أنفسهم من عبء أمني الى ذخر استراتيجي. يمكن الادعاء، بأنه لو بقي الجيش الاسرائيلي منتشرا في قطاع غزة لكان جعل من الصعب على حماس والجهاد الاسلامي ان يُدخلا الى هناك المواد القتالية واطلاقها نحو اسرائيل. ولكن أي منفعة كانت ستنشأ لأمن سكان غلاف غزة من استمرار تطوير الدفيئات في غوش قطيف؟.

        على مدى سنوات طويلة قُتل جنود في الدفاع عن سلامة 8 آلاف يهودي، اختاروا الاستيطان في قلب سكان يبلغ عددهم 1.5 مليون فلسطيني. وصادرت اسرائيل من اجلهم ثلث اراضي المنطقة الأكثر اكتظاظا في العالم. وجاء فك الارتباط عن غزة لوضع حد لهذا التبذير الفائق لحياة البشر والمقدرات وليرفع عن اسرائيل الضغط الدولي للشروع في مفاوضات جدية على التسوية الدائمة. وكما كان ممكنا التوقع، فان الانسحاب من غزة لم يساعد في حل الخلاف على اراضي الضفة الغربية والقدس. وبالطبع، تسوية مشكلة اللاجئين هي الاخرى. الضغط الدولي على الشروع في المفاوضات على أساس حدود الرابع من حزيران 1967 وتجميد المستوطنات آخذ في التعزز.

        لا تتعاطى أي دولة في العالم بجدية مع الحجة التي تقول إن فك الارتباط عن غوش قطيف يفيد بأن المستوطنات في "يهودا والسامرة" ليست عائقا في وجه السلام. فوجود المستوطنين في المنطقة يفاقم العلاقات مع الفلسطينيين ويشوش قدرة حركة اجهزة أمن السلطة. الجيش والمخابرات والشرطة الاسرائيلية مطالبون بفرز قوات غفيرة للدفاع عن المستوطنين ضد الجيران الفلسطينيين الذين يرون فيهم مغتصبين، والدفاع عن الفلسطينيين ضد المستوطنين الذين يتعاطون معهم كزرع غريب.

        الدرس من فك الارتباط عن غزة هو انه حان الوقت للشروع في اخلاء المستوطنات من الضفة الغربية. فخلافا لفك الارتباط أحادي الجانب عن غزة، فان على الانسحاب من الضفة ان يتم كسلفة متفق عليها مع السلطة الفلسطينية، في اطار استئناف المفاوضات على التسوية الدائمة. خطوة من هذا القبيل ستزيد مجال المناورة العسكرية والسياسية لاسرائيل ضد نار الصواريخ من غزة، وتقلص التأييد الشعبي لحماس.

        خلافا لمستوطنات غوش قطيف، ففي "يهودا والسامرة" لا حاجة لاخلاء كل المستوطنين وكل المستوطنات. وحسب مبادرة جنيف، التي تقترح تبادل للاراضي بحجم 2.5 في المائة من الضفة، فان 95 في المائة من نحو 100 ألف مستوطن أصولي ونحو 80 في المائة من بين 100 ألف من سكان المستوطنات غير الدينية، سينضمون الى اسرائيل. معظم المخلين لن يضطروا الى اعادة ترميم أنفسهم من ناحية التشغيل، وذلك لان 75 في المائة منهم ينامون في المناطق ويذهبون في الصباح للعمل في اسرائيل.

        على المستوطنين ان يعودوا الى الديار ليس فقط بسبب الضرر الأمني والسياسي الذي تلحقه السياسة  الاستعمارية باسرائيل؛ المجتمع الاسرائيلي، ولا سيما المحيط، يدفع ثمنا اقتصاديا باهظا لقاء الطمع العقاري في "يهودا والسامرة". فمثلا، عدد بدايات البناء في اسرائيل في 2009 بلغ 34.280 (معطيات مكتب الاحصاء المركزي)، منها 4.174 بناءً عاما (نحو 12 في المائة). معدل البناء العام في لواء الجنوب كان 16.6 في المائة. معدل البناء العام في "يهودا والسامرة" بلغ في ذات السنة 33.7 في المائة. هذه كانت النسبة، الى هذا الحد أو ذاك، في السنتين السابقتين ايضا.

        ردا على ما كشفت عنه النقاب وثائق "ويكيليكس"، قال رئيس مجلس "يشع" للمستوطنين، داني ديان، انه مقتنع بأنه حتى لو عُرض على المستوطنين "رشوة تناطح السحاب – فان معدل الذين سيغويهم قبولها سيكون هامشيا وغير ذي بال من ناحية استيطانية". اذا كان ديان مقتنعا جدا بتمسك رعاياه بأرضهم، فلماذا يُبقيهم كرهائن؟ لماذا يخشى الرئيس من قانون الاخلاء – التعويض، الذي يعرض على سكان المستوطنات المنعزلة المعنيين بذلك، بالعودة منذ اليوم الى الاراضي السيادية لاسرائيل ولينالوا اعادة ترميم نزيهة لحياتهم؟.

        طالما لا تخلي الحكومة رفاق ديان من تفوح والشيخ جراح، فان اطفال سدروت وأسدود لن يكونوا آمنين. ولا سكان كفار سابا ونتانيا ايضا.