خبر يكفينا دعاية اعلامية.. هآرتس

الساعة 11:35 ص|10 ابريل 2011

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: ليست اسرائيل محتاجة الى دعاية اعلامية في العالم لتغيير صورتها في العالم بل هل محتاجة الى أن تُغير سياستها وتنزع عنها الاحتلال - المصدر).

ما المشترك بين اسرائيل وسوريا؟ ليس كثيرا، لكنه يوجد فيهما وزيرا اعلام. لا يوجد مخلوق كهذا في الغرب. ولا يوجد شيء كهذا في الديمقراطيات سوى في اسرائيل. فعندنا يوجد فلافل ووزير الاعلام (والجاليات)؛ ورئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزراء واعضاء كنيست يطيرون في العالم من اجل "بعثات دعاية اعلامية" عقيمة؛ ويشغل دبلوماسيون اسرائيليون أنفسهم بذلك من الصباح الى المساء. لكن كم مرة رأيتم سفيرا اجنبيا يدعو في اسرائيل دعائيا لعدالة بلاده؟ ومن يصغي له بالضبط؟ وكم مرة زارنا هنا سفراء ضيوف من اجل بعثات دعائية اعلامية؟ وما الذي صدر عنها بالضبط؟ أما نحن فنرى ان ريتشارد غولدستون قد غيّر اتجاهه وأننا "سنستعمل هذا" بواسطة سفارات اسرائيل؛ والفلسطينيون يطلقون صواريخ القسام على الجنوب – وسنستعمل ذلك للدعاية. وإن عجبتم فاعجبوا من ان صورة اسرائيل لم تكن قط في حضيض كهذا.

ليس العالم المتنور محتاجا الى الدعاية التي يسمونها عندنا اعلاما. فهناك يدركون ان السياسة هي الدعاية الأفضل والاسوأ. تُصاغ صورة دولة بوسائل الاعلام التي تنقل تقارير صحفية وصورا ومعلومات لا دعاية لا يوجد مشترون لها في العالم الحديث. إن اعتقاد انه لو كانت عندنا دعاية فقط ولو تم منحنا دعائيين ذوي أهلية ودعائيين لوذعيين وخبراء علاقات عامة ألمعيين لرأينا كيف سيتغير وضعنا وكيف سيقف العالم ويهتف لنا، هو فكرة معوجة ساذجة. حرام على الوقت وعلى المال. في اليوم الذي تغير اسرائيل فيه سياستها لن تحتاج الى دعاية، وحتى ذلك الحين فلا فائدة منها.

كان السفير الراحل يوحنان مروز هو الذي أبدع تعبير "هسبرابِل". هناك امور كما قال السفير الخبير ليست "هسبرابِل". مثل سياسة اسرائيل الحالية. إن العالم يرى في الايام الاخيرة صواريخ قسام تسقط على اسرائيل وربما يندد بالفلسطينيين. بعد ذلك يرى الرد الاسرائيلي الشديد، برغم القتلى الكثيرين الذين أُحصوا في غزة ويغضب ويخرج الى غزة. ولن تغير أي دعاية هذا. إن العالم يعلم ان الحديث عن معركة بين جالوت الاسرائيلي وداود الفلسطيني وقلبه مع الضعيف. سمع العالم بنيامين نتنياهو يتحدث عن دولتين فامتلأ أملا. وعندما مرت سنتان من الجمود التام والكلام الأجوف والتضليل الشديد واشتراط شروط غير معقولة من قبل اسرائيل وبناء مستوطنات اخرى، ندد باسرائيل. ولن تغير أي دعاية هذا. ولن تستطيع أي دعاية أن تقهر الحقيقة الغالبة وهي ان اسرائيل دولة محتلة منذ أكثر من اربعين سنة، ولن تقنع أي دعاية أحدا من الشمال بعدالتنا ما ظل يعيش ملايين الفلسطينيين بلا أي حقوق. بل إن الانتصارات الاسرائيلية المدهشة في التنس وكرة السلة وعارضات الأزياء الكبريات الاسرائيليات لن تغير ذلك. سيدور شمعون بيرس ألف مرة حول الكرة الارضية في رحلاته ولن يتغير شيء، وربما يتأثر ساسة وصحفيون بجدّه وسحره لكنهم لن يُغيروا رأيهم في اسرائيل من اجله. إن "سيد الدعاية الاعلامية" بنيامين نتنياهو ذا الانجليزية – الامريكية المصقولة، هو اليوم أكثر الساسة الذين يُندد بهم والمعيبين في العالم – فأي "سيد" وأي "دعاية اعلامية". لو أنه غيّر الاتجاه فقط لما كان محتاجا الى حيله التلفازية. في مقابلته محمود عباس، وهو شخصية رمادية مع انجليزية مكسرة، يؤيده العالم أكثر بل إن سلفه ياسر عرفات كان أيقونة.

هكذا الحال في ارض تغرقها الأذهان. نحن نؤمن بالدعاية الاعلامية لأنها تنجح عندنا. مع وسائل اعلام تُجند نفسها بأكثرها فان لها في اسرائيل نتائج محققة. إن حملات الفلسطينيين من اجل التصوير بصورة الشيطان وسلب الانسانية زرعت هنا الخوف والكراهية بقدر لا يقل عما زرعه الارهاب الفلسطيني. إن تأجيج الغرائز القومانية والوطنية المزيفة زرع هنا ريحا سيئة وحصد عاصفة. بيد أن وسائل الاعلام في العالم لا تنوي ألبتة أن تُجند نفسها لأي حملة دعائية، فهناك يعلمون الحقائق الأساسية وهي ان الاحتلال غير قانوني وغير اخلاقي وغير عادل وانه يُحدث مقاومة عنيفة ستنتهي الى أن يتم قبولها بتفهم وربما بمناصرة ايضا، ولهذا نقول "يكفينا دعاية اعلامية وأتونا بسياسة أكثر عدلا".