خبر لا تزال رؤيا فقط.. معاريف

الساعة 11:34 ص|10 ابريل 2011

بقلم: اودي منور

(المضمون: قتل جوليانو مير هو ضوء أحمر لكبار رجالات السلطة والعالم بأسر: المجتمع الفلسطيني ليس جاهزا للدولة حتى الان - المصدر).

صدمة رئيس وزراء السلطة سلام فياض من القتل الشنيع لجوليانو مير يجب أن يشعل أضواء حمراء من القدس وحتى مبنى الامم المتحدة. إذ ان هذا القتل يدل على أن الاعلان من طرف واحد لدولة فلسطينية هو خطوة اشكالية، وان مساعي فياض للتقدم في بناء الامة الفلسطينية بعيدة جدا عن الوصول الى منتهاها.

فقد رمز مير بمجرد شخصيته للاحتمال الكبير بالتسليم المزعوم. "لا يمكن ترشيح الدم"، قال من كان ابنا لاب مسلم واما يهودية. وقد أخذ على عاتقه أحد المقاطع الاكثر حساسية في بناء الامة الفلسطينية، الثقافة المسرحية، وجسد بذلك الرؤية النبوئية، وثلة كلاشينكوفاتهم في ديكور المسرح والممثلين. والاحرى، الممثلات ايضا.

ضيوف كثيرون من العالم الحر ارادوا المجيء ومشاهدة هذا العجب الكبير: تحول المجتمع الفلسطيني الى مجتمع تعددي، انتقادي وابداعي. غير أنه مثل الاف المرات في تاريخ الوطنية الفلسطينية، قطعت هذه الرؤية رصاصات بندقية.

"اين اخطأنا؟" يفترض أن يسأل زملاء مير. وبالفعل، اغلب الظن لا يوجد هنا أي خطأ. فقد زرع مير الريح فحصد عاصفة. ولهذا فقد هرع فياض، وعن حق، إذ بخلاف ما أراد اصدقاؤه في أسرة فناني اسرائيل ان يفكروا، فان جوليانو مير لم يعنى فقط بالفن النقي، بل في السياسة.

لقد كان مير حادا، جليا وواضحا بشأن السياسة التي في أفعاله. وفي موعد قريب من بدء التهديدات على مشروعه في جنين شرح الاعتراض من جانب محافل فلسطينية تقليدية على اشراك النساء والرجال معا على المسرح، في "الطوق المفروض على الضفة منذ سبع سنين". وشرح مير يقول ان "الحواجز خلقت هنا ثقافة غيتو"، ومن هنا الاعتراض على مشروعه التعددي. يتبين بالتالي ان شخصا متنورا مثل مير يعتقد هو الاخر بان "الاحتلال" مسؤول عن نزعة المحافظة في المجتمع الفلسطيني.

بالنسبة للصورة التاريخية الاول، فقد كان مير واضحا بقدر لا يقل. فقد قال ان "جدي ولد هنا في 1922، وعندها جاء الصهاينة وطردوه الى لبنان". بتعبير آخر فان "الاحتلال" حسب مير لم يبدأ في 1967، بل قبل 55 سنة من ذلك. اما بالنسبة للحاضر فهو يوضح بانه لا يوجد ما يسمى "عربي اسرائيلي"، وذلك لان "الفلسطينيين كانوا دوما هنا". كفلسطينيين بالطبع. ومن هنا الى الاستنتاج السياسي: "دولة واحدة من النهر الى البحر".

حقيقة أن مير انشغل بالمسرح لا يفترض أن تغير بصفتها هذه الفهم بان موقفه السياسي يشبه موقف حنين الزعبي (التي اقترحت على عرب اسرائيل الانضمام الى م.ت.ف) وموقف حماس. وبالفعل، سلام فياض هرع. فهو يفهم المعنى الناشىء عن ذلك: فياض يفهم ان معنى قتل جوليانو مير هو أن طريق المجتمع الفلسطيني لا يزال طويلا. وهو يفهم بان المسألة هي ليست اذا ما حمل الفلسطينيون السلاح، بل ماذا سيكون عليه موقفهم السياسي.

رفيقا جوليانو مير بالمقابل، اودي الوني ومحمد بكري، اجملا تراث مير بكلمات "ليس صهيونيا – ليس فلسطينيا". رد متوقع من جانب من يدعون الى مقاطعة اسرائيل، في نفس الوقت يطلبون المساعدة من محكمة العدل العليا لمواصلة التمتع بحرية التعبير بهدف نشر الاكاذيب.