خبر نفقد السيطرة..معاريف

الساعة 08:27 ص|08 ابريل 2011

بقلم: عوفر شيلح

        الصاروخ المضاد للدبابات ليس سلاحا احصائيا مثل المقذوفة الصاروخية او قذيفة الهاون. من يطلقه يرى الهدف ويرافقه في نظرته حتى لحظة الاصابة. من أطلق "الكورنيت" نحو باص أصفر لمجلس اقليمي، كان يعرف بالضبط من كفيل بان يجلس في داخله، ولم يعرف أن الباص فرغ من التلاميذ قبل دقائق من ذلك فقط. فضلا عن الجانب الاخلاقي الوحشي في اطلاق صاروخ نحو باص مليء بالاطفال، يفترض بمطلق الصاروخ ان يعرف ماذا سيحصل اذا ما قتل الصاروخ عددا كبيرا من الضحايا: رصاص مصبوب 2، على الاقل.

        ظاهرا، كل هذا يعني ان قيادة حماس قررت بقرار بارد الروح، بانه اذا ما كانت نتيجة كل هذا دخول مكثف اسرائيلي الى القطاع بل وربما اعادة احتلاله، اذن فليكن. ولكن في قيادة المنطقة الجنوبية لم يروا أمس الامور هكذا: يدور الحديث، قالوا هناك، عن شيء أقل ترتيبا بكثير. "عصبة من الزعران"، وصف مصدر كبير قيادة الذراع العسكري لحماس التي دفعت أمس نحو التصعيد في القطاع الى ذروة جديدة.

        في الجيش الاسرائيلي قدروا أيضا بان اختيار الباص كان بالصدفة تقريبا: فقد سعت حماس حتى الان الى ضرب أهداف عسكرية، واطلاق النار على الهدف المدني الواضح والحساس كان نتيجة فشل اصابة الجنود. فأول أمس اطلق صاروخ أيضا على دبابة، ولكنه لم يصب هدفه. احد ما، ربما حتى على المستوى المحلي، ضغط على زناد اطلاق الصاروخ انطلاقا من الاحباط، والحريق الذي اشعله لم ينطفىء بعد.

        في الجيش الاسرائيلي ايضا لا ينفون بان لهجومنا يوجد دور غير قليل في الاجواء المشحونة في الجنوب. فقد قرروا باننا جننا، قال مصدر كبير أمس، وقصد ليس فقط تصفية الخلية في نهاية الاسبوع الماضي بل كل سلسلة الاحداث التي بدأت قبل أكثر من شهر، حين قرر الجيش الاسرائيلي بان حماس ستدفع لقاء كل نار من القطاع، وليس مهما من يطلقها. ومنذ ذلك الحين طرح السؤال اذا كان تشديد الرد الاسرائيلي سيخلق لدى حماس ردعا أم ربما يؤدي الى فقدان الكوابح القليلة لدى أحمد الجعبري ومرؤوسيه. بعد أمس، الجواب واضح ومقلق.

        ليس لاسرائيل مصلحة في التدهور الى معركة أكبر، ولكن كيف يمكن منعها حيال كيان متفكك، ليس واضحا من يقود فيه من - على هذا السؤال لا يوجد جواب حقا. الجعبري يبدو أنه لا يطيع الذراع السياسي للحركة. وكما بدا أمس، فلدى رجاله قدرات تستطيع تغيير الوضع من اساسه بضربة صاروخ واحد.

        ليس واضحا أيضا كيف تنقل رسالة ردع لمن لا يتحمل أي مسؤولية عن الاصابات جراء نار الرد الاسرائيلي – لا بين رجاله هو ولا بين المواطنين. في سنوات القتال ضد حزب الله في جنوب لبنان، والذي فيه أوجه شبه بينه وبين الوضع الحالي في القطاع أكثر مما بينه وبين الوضع الحالي حيال حزب الله، تقرر مفهوم "قواعد اللعب". منذ أمس اختلط الموقف من هذا المفهوم – فلا يمكن لاي قواعد لعب أن تتضمن اطلاق النار على اطفال. ولكن ايضا ليس معروفا مع من يتم اللعب، وبالتالي مع من يمكن تحديد القواعد.

        رد اسرائيل لم ينته بعد. وهو سيستمر في اماكن مختلفة، بشدة مختلفة، في الايام القادمة ايضا. الرد المضاد لحماس سيكون بنار الصواريخ، التي واحد منها اعترضته امس بنجاح منظومة قبة حديدية – النجاح الميداني المثير للانطباع الاول من نوعه في العالم. النار لمسافات أبعد، حتى جنوب غوش دان – لن تكون على ما يبدو دون أمر صريح من فوق – ولكن حتى في هذا لا يمكن لاحد ان يكون متأكدا.

        وهكذا جر الوضع في الجنوب نحو التصعيد، بحيث أنه ليس فقط لا احد يريده، بل احد ايضا لا يرى فيه منفعة محتملة. يجب الاعتراف بهذا، قال ضابط آخر مؤخرا، بان البديل الوحيد للوضع القائم هو احتلال القطاع ولزمن طويل – الامر الذي لا يتخيله أحد حقا في الوضع السياسي الحالي لاسرائيل. وهكذا، عندما لا يوجد ما يمكن كسبه وكل طرف يريد فقط أن يلقن الطرف الاخر درسا، فان القطاع يتدهور نحو ما يبدو في هذه اللحظة كنهاية معروفة، عنيفة وعديمة الغاية.