خبر القتال لا المقاطعة- هآرتس

الساعة 09:35 ص|06 ابريل 2011

القتال لا المقاطعة- هآرتس

بقلم: شلومو أفنيري

(المضمون: يجب على اسرائيل ألا تقاطع ألبتة الامم المتحدة ومؤسساتها لأن من يقاطعها يخسر دائما - المصدر).

حتى بعد أن رجع غولدستون عن أقواله إن اسرائيل أصابت على عمد مدنيين في غزة فان الضرر السياسي والاخلاقي الذي أحدثه تقريره لاسرائيل لن يختفي – كما أن تبرئة كاستنر في المحكمة العليا لم تمحُ الكلام الفظيع الذي قاله القاضي بنيامين هليفي في قرار حكمه في المحكمة اللوائية ("باع الشيطان نفسه"): هذه هي قوة التصورات إزاء الحقائق الجافة. الدرس بالنسبة لاسرائيل بسيط: وهو انه لا يجوز لها ان تقاطع حلقات دولية حتى لو كان واضحا انها منحازة عليها.

        إن استقرار الرأي على عدم المثول أمام لجنة غولدستون قد تم اتخاذه في أعقاب توصية من وزارة الخارجية. يمكن أن نتفهم بواعثه لكنه كان مخطوءا. من الواضح ان سلطة اللجنة كانت منحازة وأن مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة قد برهن على عدائه لاسرائيل. لكن خبراء قانون وزارة الخارجية تجاهلوا حقيقة ان الاتصالات بالامم المتحدة ليست مسألة قانونية، يحق لهم ان يتوقعوا فيها قاضيا موضوعيا، بل سياسية وجماهيرية. وبهذا سببوا لاسرائيل ضررا عظيما.

        كان يجب على اسرائيل أن تمثل أمام اللجنة وأن تشغلها مدة اسابيع بالإتيان بشهود من بلدات الجنوب يبسطون أمامها معنى الحياة في ظل صواريخ القسام مدة سنين؛ وكان عليها ان تعرض أفلاما وصورا لكل بيت أُصيب، وأن تُري في جنيف بقايا القذائف والصواريخ التي تم اطلاقها نحو قلب سكان مدنيين.

        وفوق كل شيء – وهذا جانب أضاعه القانونيون النشطاء وخبراء الدعاية المختصون تماما – لم يكن يجب عرض الشهود وهذه المعطيات على اللجنة وحدها بل على وسائل الاعلام العالمية التي اجتمعت في جنيف. قبل أن تبت لجنة غولدستون قرارها كان مشاهدو التلفاز في العالم كله سيرون مدة ايام الاسرائيليين – المدنيين جميعا وفيهم عائلة شليط – الذين تضرروا.

        كان يجب أن يُصحب هذا بظهور مندوب اسرائيلي رفيع المستوى لا يعرف الحقائق فقط بل اللغة الانجليزية الفصيحة وكيف يتحدث الى أمم العالم. لأن المحكمة في جنيف لم تكن اللجنة بل جمهور المشاهدين الدولي الذي كان يجب أن يُنقش في وعيه المعلومات عن ارهاب حماس. مع عدم وجود كل هذا، كان الذي رآه العالم هو الصور التي قدمها الفلسطينيون وأنصارهم.

        لا نعلم هل كان هذا السلوك يُغير قرارات لجنة غولدستون – لكن الوعي الاعلامي والجماهيري كان سيكون مشبعا بدعاوى وصور تعرض موقف اسرائيل.

        كررت اسرائيل خطأها هذا عندما لم تمثل أمام المحكمة الدولية في لاهاي في شأن جدار الفصل. فهنا ايضا تركت الحلبة للجانب العربي: كان يجب ارسال اهارون براك الى لاهاي ليعرض هناك الموقف الموزون والمسؤول لمحكمة العدل العليا الذي اعترف بحق اسرائيل في الدفاع الموزون عن نفسها. إزاء هذين الاخفاقين يمكن فقط أن نشتاق الى الايام التي مزق فيها مندوب اسرائيل في الامم المتحدة، حاييم هرتسوغ، أمام الجمعية العامة قرارها على التسوية بين الصهيونية والعنصرية: هذه أمور تُنقش في الذاكرة الجمعية الدولية.

        كانت في الماضي مقاطعات مع مؤسسات الامم المتحدة، لكن من جانب العرب. فقد قاطع الفلسطينيون لجنة تحقيق الامم المتحدة (اونسكوب) التي أوصت الجمعية العامة للامم المتحدة بتقسيم ارض اسرائيل. إن من يقاطع هو من يخسر ايضا على نحو عام. يمكن تأميل ان يجري استيعاب هذا الدرس: إن الامم المتحدة ومؤسساتها أجسام سياسية لا قانونية، ولا يجوز التخلي عن النضال السياسي.