خبر هل يطاردوننا حقا -هآرتس

الساعة 08:32 ص|05 ابريل 2011

هل يطاردوننا حقا -هآرتس

بقلم: ميراف ميخائيلي

(المضمون: تدعو الكاتبة الى هجر سياسة الشكوى والتباكي من اسرائيل ان الجميع يطاردها ويريد الشر بها لان الامر يفضي الى عدم إظهار صورة اسرائيل الحقيقية والى عدم التعاون مع مؤسسات دولية لا تريد في الحقيقة الشر لاسرائيل - المصدر).

        كتب القاضي ريتشارد غولدستون في مقالة نشرها في صحيفة "واشنطن بوست"، انه لو كان علم ما يعلم اليوم لبدا تقريره مختلفا، وان اسرائيل لو تعاونت معه لكان أفضل.

        إن استنتاج انه كان يحسن ان تتعاون اسرائيل مع اللجنة من قبل الامم المتحدة قد استُنتج هنا فورا بعد نشر التقرير، في تحليل أجراه المعهد الاسرائيلي للديمقراطية؛ وفي الحقيقة نُقلت توصية على هذا النحو الى حكومة اسرائيل على يد حركة حقوق المواطن في اسرائيل مع انشاء اللجنة. لكن ليس هذا هو الاستنتاج الذي يستنتجه الآن قادة اسرائيل. فقد قال وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ووزير الدفاع اهود باراك ايضا إن القرار على عدم التعاون مع غولدستون "كان قرارا صحيحا".

        في حين ان لاسرائيل على نحو عام اسبابا لاعتقاد ان فريق تحقيق من قبل مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة سيكون معاديا لها، كان يمكن في هذه الحالة المتميزة التفكير على نحو مختلف ايضا: فغولدستون معروف بأنه شخص جدي على نحو خاص، ويهودي ومناصر لاسرائيل، وقد عارض في الحقيقة سلطة التحقيق مع اسرائيل فقط ووافق على قبول التحقيق بعد ان تمت الموافقة له على التحقيق مع حماس ايضا. ما كانت اسرائيل تستطيع ان تخسر شيئا من التعاون مع غولدستون.

        كان يمكن في واقع الامر تعلم هذا الدرس من جولة سابقة مشابهة حقا – النقاش في جدار الفصل في المحكمة الدولية في لاهاي في سنة 2004. إن المحكمة الدولية هي جسم قضائي مستقل ومهم، ما كان ثمة سبب لاعتقاد ان يكون أحاديا. لكن اسرائيل رفضت آنذاك ايضا الاعتراف بسلطتها ولم تشارك في النقاش ولم تعرض فيه موقفها كي تزعم بعد ذلك ان قضاءها كان أحاديا وسبب لها ضررا دوليا كبيرا.

        يقولون انه بازاء الحكيم الذي يتعلم من تجارب الآخرين، يتعلم الغبي من تجربته هو وحده. ويمكن ان يُقال فيمن لا يتعلم من تجربته هو ايضا إن تعريفا معروفا للجنون هو تكرار لنفس الفعل بتوقع نتيجة مختلفة. والجنون في حالتنا هو جنون المطاردة. أصبح اعتقادنا أن "العالم كله ضدنا" في السنين الاخيرة وسواسا حقيقيا، وشعورا بأنهم ينكلون بنا بلا انقطاع، وخوفا من سلب الشرعية وجنون مطاردة. ليس واضحا؛ أليست اسرائيل قادرة في الحقيقة على التفريق اليوم بين عدو حقيقي وبين من يريد مصلحتها في الحقيقة، أو انها تشتكي من مطاردة الجميع عن اعتقاد ان هذا الامر يخدم مصالحها. يطلب رئيس الحكومة الآن الغاء التقرير ويدعو وزير الدفاع الى "إرغام (!) غولدستون على الحديث في الامم المتحدة"؛ واذا لم ينجح هذا فسيكون هذا برهانا مرة اخرى على أننا مطاردون.

        قويت اسرائيل مع مرور السنين عسكريا واقتصاديا وسكانيا. ولا يعوق هذا قادتنا عن تشديد تصريحاتهم عن التنكيل بنا: فهم يُكثرون الشكوى من أحادية الجانب ومن تفضيل أعدائنا والتحذير من محاولات سلب الشرعية بل من خطط للقضاء على اسرائيل.

        والامر هو ان ثمة تشابها كبيرا بين تصريحات القادة عن مطاردة دولة اسرائيل وبين تصريحاتهم عن "مطاردة" شخصية لهم. هكذا حال ليبرمان واهود اولمرت وبنيامين نتنياهو. وكلما شعر قادتنا بأنهم مطاردون أكثر على نحو شخصي زادوا بواسطة تصريحاتهم شعورنا جميعا بالمطاردة.

        الى جانب الانعكاس المشروط الذي يجعل جميع الاسرائيليين يشعرون بأنهم ضحية، يوجد هنا ايضا استعمال تهكمي لعداء حقيقي موجود. وهكذا لا يبقى مكان لتفسير موضوعي للامور ويتم التشويش على تصور الواقع.

        إن نتنياهو كما هي حاله مع شكواه "المطاردة" الشخصية له ولزوجته يغرق في تصريحاته عن "مطاردة" اسرائيل كثيرا في المسألة الى درجة انه لا يلاحظ حقيقة ان التباكي في الحالتين يضر فقط. بالتصور عنه على نحو شخصي وبصورة دولة اسرائيل ايضا. إن الشكاوى من المطاردة ليست سياسة وليست استراتيجية وباعتبارها تكتيكا تضر بنا فقط.