خبر هذا سينتهي بالدم- معاريف

الساعة 08:25 ص|05 ابريل 2011

هذا سينتهي بالدم- معاريف

بقلم: عاموس جلبوع

(المضمون: الاصلاحات الراديكالية الحقيقية في هذا النظام معناها ابداء ضعف وانتحار طوعي من جانبه. فقط ثورة دموية. مصير كل الطائفة العلوية موجود هنا على كفة الميزان: استمرار السيطرة، ربما مع اصلاحات بطيئة عديمة المعنى، او وادي القتل والذبح. ترقبوا القمع الوحشي والعالم الصامت - المصدر).

ما هي طبيعة النظام السوري الذي يطلق النار على المتظاهرين ضده؟ الصورة التي تعكس أكثر من أي شيء آخر هذه الازمة عرضت امام كل العالم الاسبوع الماضي في خطاب الاسد امام البرلمان السوري. قصدت بقدر أقل الخطاب نفسه، وبقدر أكثر الناس في البرلمان.

في روسيا الشيوعية كنا اعتدنا على أن نرى كل مندوبي مؤتمر الحزب ينهضون ليهتفوا لدكتاتورهم على مدى دقائق طويلة. من هم مقابل اعضاء البرلمان السوري الذين ينشدون احتراما لبشار، ابن حافظ الاسد العلوي، يمجدونه كزعيم العالم، ينبطحون بشكل مثير للتقزز، يسجدون له كاله.

لم يسبق أن كانت مثل هذه المشاهد في البرلمان المصري. كانت هناك ايضا معارضة بل وكانت مقاطعات ولم يعجبوا ابدا بمبارك وكأنه ابن الرب. مصر مبارك والسادات كانت ديمقراطية حقا بالقياس الى النظام السوري الوحشي للطائفة العلوية وعلى رأسها عائلة الاسد.

في الماضي اجريت احاديث طويلة مع ضابط سوري كبير جدا توفي لاحقا. الاحاديث تطرقت الى عائلته وابنائه. وقد قال لي بمرارة: ذات يوم كنت اقضي وقتي مع زوجتي وابنتي البكر في مطعم معروف في دمشق. وفجأة دخلت الى المطعم مجموعة من الضباط الصغار. وكلهم كانوا علويين، من وحدة رفعت الاسد، شقيق حافظ. كل الاماكن كانت مليئة. اقتربوا مني، وانا بالبزة، وأمروني باخلاء الطاولة بالصراخ. صاحب المطعم خاف وصمت. من يمكن له أن يقول لهم شيئا؟ الاهانة كانت فظيعة، لاذعة. وكله لاني كنت ضابطا سنيا. لن أغفر لهم".

شخصية سنية امنية كبيرة اخرى، علوية بالذات، هي ايضا باتت في عالم الموتى، شرحت لي ذات يوم "سر الجهاز" لحكم الطائفة العلوية (التي هي جناح انفصل عن الشيعة وتشكل 10 في المائة من عموم السكان): "تقريبا كل قادة وحدات الاستخبارات، "القوات الخاصة"، وحدات المدرعات والقواعد الهامة في سلاح الجو، هم ابناء الطائفة العلوية. بالمقابل، معظم ضباط الاركان المختلفة هم سنة، بمن فيهم رئيس الاركان. فهم يمسكون القلم فقط، ولا يضرون.

"ولكن توجد وظيفتان لضباط الاركان كانتا دوما بيد العلويين: رئيس مديرية الطاقم المسؤول عن تعيين الضباط، والضابط المسؤول عن تعيين العرفاء. ذات الشيء في الحكومة. معظمها ان لم يكن كلها سنة، وذلك لانها عمليا عديمة الصلاحات، التي تتركز في يد الرئيس ومجموعة من رفاقه. معظمهم علويون، ولكن يوجد ايضا بعض السنة للزينة ولخلق الانطباع بانه لا يوجد ما يسمى بحكم الطائفة العلوية في سوريا".

يجب ان نفهم: حتى قبل نحو خمسين سنة كانت الطائفة العلوية هي الاكثر تخلفا في سوريا. وعرفت بناتها كخادمات في منازل الاغنياء السنة في دمشق والمدن السورية الكبرى. ومنذ ان استولت عائلة الاسد على الحكم في  1970، "اقسم" ابناء الطائفة الا يعودوا ابدا الى هذا الوضع. وبالتدريج تكون في سوريا نظام قمع عنيف وظلامي، يعتمد على حراك العلويين وعلى التحالف مع النخبة السنية الاقتصادية المدينية ومع الاقلية المسيحية: نظام علمه الايديولوجي هو القومية العربية التي تصارع في "الموقع المتقدم" امام المؤامرات الاسرائيلية، الامريكية وعملائهم المختلفين.

الاصلاحات الراديكالية الحقيقية في هذا النظام (في الاقتصاد، في الحكم وفي حقوق المواطن) معناها ابداء ضعف وانتحار طوعي من جانبه. "ثورة بيضاء" مثلما في مصر او تونس لا يمكن ان تكون هنا. فقط ثورة دموية. مصير كل الطائفة العلوية موجود هنا على كفة الميزان: استمرار السيطرة، ربما مع اصلاحات بطيئة عديمة المعنى، او وادي القتل والذبح. ترقبوا القمع الوحشي والعالم الصامت.