خبر السلوك السياسي للفصائل الحاكمة يبشر بالتغيير ..صلاح الوادية

الساعة 11:20 ص|04 ابريل 2011

السلوك السياسي للفصائل الحاكمة يبشر بالتغيير ..صلاح الوادية

التغيير السياسي مفهوم مرن له دلالات كثيرة ومقدمات مختلفة من حيث كيفية البدء أو فترة التحضير للتغيير، أيضا له مسارات مختلفة من مجتمع لآخر حسب طبيعة التغيير وطبيعة المجتمع, وهو مفهوم يتسم بالشمولية واتساع مساحاته, وبما أنه يعني التحول من حالة إلى أخرى وغالبا ما يكون التحول من حالة تسلط واستبداد إلى حالة تتسم بالديمقراطية وصيانة الحريات، إذن يمكن تعريف التغيير على أنه إعادة ترتيب الحياة السياسية لمجتمع ما من خلال ما يتعرض له من تحولات جذرية في هيكل النظام السياسي وانتقال النظام من حالة الاستبدادية والدكتاتورية إلى نظام ديمقراطي، وبإسقاط التعريف السابق على حالة الدول العربية نجد الأنظمة العربية أحوج ما تكون إلى التغيير لعدة أسباب تتعلق بسلوك النظام الحاكم أهمها :

-         عدم تفعيل آلية الانتقال السلمي للسلطة من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة, والمكوث في الحكم لعقود متعاقبة.

-         انتهاك الحريات وسلب المواطن العربي أبسط حقوقه المدنية مثل حق الملكية والحق في التعبير عن الرأي وحق العمل وحرية العبادات.

-         نهب ثروات البلاد وإعادة توزيع مواردها بما لا يتناسب مع الحاجات وإلى صالح فئة مقربة من السلطة, وعدم استخدام موارد البلاد لتغطية احتياجات المواطنين.

-         توسيع الفجوة بين طبقات المجتمع, بحيث الطبقة الفقيرة تزداد فقرا نظرا لعدم شمولها بمشاريع الدولة والطبقة الوسطى بقيت كما هي وظهرت طبقة برجوازية جديدة هي نفسها الطبقة الحاكمة، إضافة إلى مجموعة من رجال الأعمال المتنفذين في السلطة, والذين يتم اقتسام موارد البلاد بينهم وبين الأسرة الحاكمة.

-         تحويل الدولة إلى دولة بوليس, وتفعيل قانون الطوارئ الذي يسمح لأجهزة الأمن باعتقال أي فرد بتهمة الاشتباه وبدون تهم, والتنصت على المواطنين وانتهاك حرماتهم والتلويح بمحاربة الإرهاب من حين إلى آخر لتشديد قبضتهم على المجتمع.

-         تكريس حكم الأقلية بتزوير الانتخابات واستبعاد جماعات معينة من المشاركة وحظر الجماعات الإسلامية بدعوى الإرهاب.

-         التلاعب في الدستور بما يتناسب ورؤية الفرد الحاكم, وبما يلائم مصلحة النظام القائم.

-         تفشي الفساد الإداري والمالي داخل أروقة النظام بما ينعكس على شكل النظام بالكامل وبالتالي انتشار المحسوبية والرشاوي وترهل الجسد الوظيفي وهرمه, وتعميم البيروقراطية كسمة أساسية لكل مؤسسات الدولة.

-         التبعية لجهات دولية وجهات إقليمية, حيث أصبح القرار العربي مرهون بالولايات المتحدة الأمريكية من جهة و إيران من جهة أخرى من خلال سيطرتهم على القرار في الدول العربية المحورية وتهميش باقي الدول العربية التي بدورها منغمسة في الصراعات الداخلية والطائفية والفساد.

-         اضطهاد الأقليات وعدم حصولهم على حقوقهم أسوة بباقي المواطنين مما دفعهم إلى المطالبة بانفصال مناطق نفوذهم عن باقي جسد الدولة واندلاع العنف بين مكونات المجتمع الواحد وتغذيته من خلال جهات تتبع النظام الحاكم وجهات خارجية.

وبما أن النظام الفلسطيني هو أحد هذه الأنظمة العربية يجب أن نبحث في مدى حاجته للتغيير لانفراده بدولتين في لا دولة، وتقييم سلوكه، ولما له من خصوصية على الصعيد الآتي :

-         النظام الفلسطيني هو النظام الوحيد الذي يقع تحت الاحتلال بل أكثر من ذلك أنه جاء نتيجة اتفاق بين طرف فلسطيني وحكومة الاحتلال وفق اتفاق أوسلو, وبالتالي هو نظام مقيد غير حر منذ نشأته.

-         هناك انقطاع جغرافي بين مناطق نفوذ (السلطة الفلسطينية) بسبب الاحتلال وبالتالي صعوبة الانتقال من منطقة إلى أخرى إلا بتصريح خاص يصدر عن الحكومة الإسرائيلية.

-         لا يوجد موارد محلية أو صناعات أو ثروات يعتمد عليها النظام الفلسطيني في إدارة البلاد والحصول على موازنته, إنما تأتي له الموازنة من الدول المانحة والولايات المتحدة الأمريكية ومشاريع أوروبية.

-         لا يوجد جيش فلسطيني قوي توكل له مهام الحفاظ على الأمن في حالات الفوضى وحماية المواطنين والحفاظ على وحدة البلاد.

 

-         يعتبر الاستقرار في الأراضي الفلسطينية مضطرب وغير مستمر بسبب تجاوزات الاحتلال المتكررة ورد فعل المقاومة وإطلاق الصورايخ.

كانت تلك النقاط أبرز ما يميز النظام الفلسطيني عما عداه من الأنظمة العربية، ورغم أن المواطن الفلسطيني قابع تحت الاحتلال يعاني من الفقر وعدم الاستقرار وتهديد أمنه وهدم ممتلكاته ومصادرتها وغير قادر على الحركة والتنقل بحرية, يجابه أيضا بسلوك النظام السياسي الحاكم المنقسم في الضفة الغربية وقطاع غزة على النحو التالي :

-         سيطرة الحزب الحاكم على الحياة السياسية وتمتع أفراد هذا الحزب وذاك بمزايا ووظائف الحكومة وعدم اكتراثها بباقي أفراد المجتمع.

-         لا تخلو الحكومتان من الفساد الإداري والمالي وسيطرة أبناء الحزب الحاكم على أهم وأدنى الوظائف والمناصب الحكومية.

-         انتهاك الحريات العامة ومصادرة حقوق المواطنين الأساسية وعدم العمل على توفيرها, وعدم احترام الآخر.

-         تغليب المصلحة الحزبية الفئوية على المصلحة الوطنية العليا من خلال تكريس واقع الانقسام وبالتالي تكريس الانفصال بين الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة).

-         ارتهان القرار الفلسطيني بمزاجيات ومصالح إقليمية ودولية ارتباطا بتقديم المساعدات والمنح المالية.

-         عدم الاكتراث باحتياجات المواطن اليومية ومطالبه الخاصة بإنهاء الانقسام، والقيام بفض الاعتصامات والتظاهرات المطالبة بالوحدة بالقوة والعنف والاعتقال وحرق الخيام.

-         تعذيب المعتقلين السياسيين واحتجازهم بدون تهم واضحة وبدون محاكمة وضربهم وإهانتهم بشتى الوسائل.

-         افتئات أبناء الأجهزة الأمنية والحزب الحاكم على المواطنين وحقوقهم في كافة مناحي الحياة العامة والحياة السياسية.

-         استئثار فئة قليلة غير شرعية بقرار الشعب الفلسطيني, وعدم إعمال مبدأ التداول السلمي للسلطات من خلال تعطيل الانتخابات التشريعية والرئاسية.

-         تعدد مثالب الحكومتان في التعامل مع المواطنين والتعاطي مع رغباتهم.

-         تحويل مسار القضية الفلسطينية من القضية العربية المركزية الأولى والقضية السياسية التي تحتل كل المحافل الدولية إلى قضية إنسانية وقضية معابر واستجداء الطرف الإسرائيلي واللهث وراء مفاوضات عقيمة وهدنة هزيلة.

 

-         إذن المواطن الفلسطيني بحاجة إلى التغيير أكثر من أي مواطن في العالم لأنه يقع تحت الاحتلال مقيد غير حر وغير آمن ومهان في وطنه وملاحق من المحتل ومن أبناء جلدته, ابتلي بفئة حاكمة لا تخشى الله في مواطنيها ولا تضع وطنها فوق مصالحها بل كرسوا وزادوا من تقسيمه, لذلك نحن بحاجة للتغيير أكثر من غيرنا.

 

كاتب ومحلل سياسي