خبر لم يكن يوما سهلا للصحافيين ..مصطفى إبراهيم

الساعة 08:19 م|31 مارس 2011

لم يكن يوما سهلا للصحافيين ..مصطفى إبراهيم

لم يكن يوم الأرض سهلا على الصحافيين في غزة، وهو ليس الأول ولن يكون الأخير، هم لم يستطيعوا أن يعبروا عن مشاعرهم الوطنية، ولم يعبروا عن ما يدور في دواخلهم، فهم عزلوا عن عملهم المهني، وعن شعبهم ووطنهم، هم ممنوعون من إظهار رأيهم والتعبير عنه، وعن ما يجري في ساحتهم الداخلية، ليس سهلا عليهم أن لا يكونوا فلسطينيين، وإلا فهم متهمون بأنهم غير مهنيين، ويزجوا بأنفسهم في آتون الحراك السياسي، والحزبي الضيق. 

 

لم يكن سهلا عليهم أن تفرض عليهم أجندة يومهم الخاص، فكيف لو كان هذا اليوم هو يوم الأرض، ودعوات الشباب المطالبين بإنهاء الانقسام للتظاهر في إحياء ذكرى يوم الأرض، لم يكن سهلا عليهم أن يحرموا من الحلم بشكل وطريقة الخبر والتقرير وبدايته ونهايته، أو الصورة التي ستلقط، وكيف سيكون العلم الفلسطيني وشكله، فهم منعوا حتى من التقاط صورة للعلم الفلسطيني، فالنصائح والتمنيات والتعليمات والتوجيهات، والأوامر حرمتهم من حلمهم الآني والبسيط في شكل الصورة والخبر و التقرير.

 

لم يكن سهلا عليهم أن يكون يوم الأرض لتغطية المسيرات "الشرعية أو القانونية" فقط، أما المسيرات غير "المرخصة"، علما أنها لا تحتاج تصريح، ممنوع عليهم تغطيتها، لان الحكومة لن تتحمل مسؤولية ما سيحدث لهم إذا وقعت احتجاجات ومواجهات مع قوات الأمن، ولم يكن سهلا عليهم الاستجابة للتهديدات المباشرة والنصائح المبطنة بعدم بث صورهم، وما قاموا بمشاهدته بعيونهم، وليس بكاميراتهم، لأنهم بلغوا بعدم التغطية وسوف يتحملوا مسؤولية عدم التزامهم.

 

لم يكن يومهم سهلا مثل كثير من الأيام التي مرت عليهم سابقاً، كان يوما متوتراً من قبل أن يبدأ، لم يُقدر من أصدر التعليمات بتغطية :للمسيرة الوحيدة "المرخصة"، انه ينتزع قلب ومشاعر، وعقل وفكر الصحافي، كان يوما مؤلماً وعصيباً وحزيناً، ضرب بعضهم، ومنع بعضهم حتى من استخدام هاتفه النقال، وتم تحطيم عدد منها، لم يكن سهلا عليهم نقل ما شاهدوه من ضرب وقمع، لم يكن سهلا عليهم عدم نقل التجهيزات الأمنية وأفراد الشرطة، وهم يحملون الهراوات ويضربون الناس.

 

لم يكن يوم الأرض سهلا للصحافيين، لكنه كان أصعب من يوم السبت التاسع عشر من آذار، حتى عندما تم الاعتداء عليهم بالضرب والتهديد بالسلاح، واقتحام مكاتبهم، وتحطيم كاميراتهم لمنعهم من التغطية، وممارسة عملهم المهني والرقابي، لم يكن سهلا عليهم أن يمر يوم السبت التاسع عشر من آذار من دون الاحتجاج والتعبير عن غضبهم والتعبير عن استيائهم أمام وزير الداخلية في حكومة غزة، الذي أصدر القرارات بعدم التعرض لأي صحافي بالضرب أو الشتم أو الإهانة، وعدم ملاحقة الصحفيين، أو اقتحام مكاتبهم.

 

بعد لقائهم بالوزير وثقوا بوعده، لكنهم كانوا قلقين، وكانوا على حق عندما عبروا عن قلقهم وخشيتهم، فالضرب استمر، وتم منعهم من العمل بحرية، لكن هذه بطريقة جديدة، ولم يسمح لهم حتى بنقل صورة واحدة لأنهم تم تهدديهم.

 

لم يكن سهلا عليهم أن يصدقوا أن سياسة الحكومة مبنية على الحريات السياسية والإعلامية، واحترام الإعلام، وان التعامل معهم سيكون وفق الأصول، ولم يكن سهلا عليهم أن يكون ما حصل يوم السبت التاسع عشر من آذار، وما جرى يوم الأرض، وما يحدث بين الفينة والفينة هو مجرد احتكاك نتيجة التوترات السياسية الميدانية، ولم يكن سهلا عليهم أن يصدقوا أيضاُ أن ما جرى، وما يجري هو نتيجة استهداف الأمن وزعزعة النظام من قبل أطراف معروفة وواضحة.

 

ولم يكن سهلا عليهم أن يصدقوا أن ما جرى ويجري هو خارج الرؤية السياسية العامة لحكومة غزة، ولا يمثل منهجها القانوني والحضاري والقيمي، ولم يكن سهلا عليهم أن يصدقوا ذلك، ولم يتم التعامل بشفافية ومحاسبة أي من الذين أصدروا التعليمات بالاعتداء عليهم بالضرب وإهانتهم.