خبر توفيق السيد سليم يكتب: الجهاد الإسلامي.. وكسر قواعد اللعبة

الساعة 11:39 ص|31 مارس 2011

توفيق السيد سليم يكتب: الجهاد الإسلامي.. وكسر قواعد اللعبة

كما عودتنا منذ انطلاقتها قبل نحو ثلاثة عقود على إحداث التغيير وكسر الروتين والجمود والرتابة في التفكير والتحليل والتوقعات، جاءت رسائل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين نهاية الأسبوع الماضي محمّلة بعبق الثورة ومسك الشهداء، لتزرع الفرح من جديد في قلوب المستضعفين والمقهورين، وتغرس الحسرة والمرارة في قلوب القتلة والمعتدين.

 

ففي غمرة الحديث عن الجراح وأرقام الشهداء والجرحى، وفي ظل التصعيد الصهيوني الأخير على قطاع غزة وأرجاء عدة من الضفة الغربية المحتلة، اتخذت "الجهاد" قرارها بالرد الفوري على جرائم الاحتلال لتعيد للمقاومة مجدها وللتاريخ أصالته، وأرسلت رسائل "أولية" أصابت أهدافها بدقة في العمق الجغرافي والعقلية الصهيونية العدوانية، متوعدة بمزيد في حال تواصل العدوان؛ ليصاب العدو بمؤسساته الأمنية والعسكرية والسياسية بحالة من الارتباك والإرباك أدت إلى توقفه عن تنفيذ مزيد من الاعتداءات بحق أبناء شعبنا مما يؤكد أن العدو الصهيوني قد تلقف الرسالة مصدوما، وفهم الدرس جبرا..

 

رسائل الجهاد الإسلامي الصاروخية لم تكن للاحتلال فقط بل كانت أيضا للداخل، حيث حاولت عبرها إيصال ما مفاده أن "الجهاد" لم ولن تكون في يوم من الأيام في جيب أحد من الفصائل، وإنما تعيش منذ النشأة والتكوين حالة من الاستقلالية في الفكر والقرار، وهو ما أكدته الحركة عبر مشوارها الطويل المعمّد بدماء الشهداء وعذابات الأسرى وأنّات الجرحى..

 

رسائل "الجهاد" جاءت استجابة فورية لصرخات الأرامل ووصايا الشهداء، وليس كما جاءت رسائل البعض التفافا على مطالب الشباب بإنهاء الانقسام وطيّ صفحة من أكثر الصفحات سوداوية في التاريخ الفلسطيني الحديث.. كما أن احتكام "الجهاد" –رغم نزفه المتواصل- للغة العقل والمصلحة العامة بالالتزام بالتهدئة التوافقية والمشروطة (الهدوء مقابل الهدوء) مع سائر فصائل المقاومة لتجنيب شعبنا مزيدا من الخسائر وتفويت الفرصة على الكيان، يؤكد مدى التناغم بين رؤية الحركة ومصالح الشعب الذي يسعى حثيثاً إلى إنهاء الانقسام والذي بذلت "الجهاد" قصارى جهودها من أجل إنهائه وتجاوز تبعاته ولا زالت..

 

وهنا لا بد من التأكيد على عدة نقاط:

 

أولا: أن التصعيد الذي حاولت "إسرائيل" جرّ قطاع غزة إليه إنما هو محاولة خبيثة منها لامتصاص الغضب الشعبي الفلسطيني على طرفي الانقسام باعتبارها المستفيد الأكبر من استمرار هذه الحالة المأساوية في الشارع الفلسطيني، لاسيما في أعقاب التناغم بين رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية المتعلق بزيارة الأول إلى غزة استجابة لدعوة الأخير قبل نحو أسبوعين.

 

ثانيا: ضربات المقاومة الفلسطينية الأخيرة تؤكد جاهزيتها للتعاطي مع العدوان وإرسال الرسائل في الوقت والزمان المناسبين.

 

ثالثا: لا شيء يوحد شعبنا غير خيار المقاومة، ففي الوقت الذي ينقسم الشعب بفصائله على بعض التفاصيل والتفسيرات والرؤى السياسية، يقف الجميع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار صفا واحدا في مواجهة الاحتلال مهما اختلفت الطرق الوسائل.

 

رابعا: إن إنهاء الانقسام يسير بالتوازي مع إنهاء الاحتلال، فكما أضر الانقسام بمصالح شعبنا ومستقبله عمل الاحتلال على تدمير مقومات شعبنا في الصمود والمواجهة، والمحصلة واحدة في كلا الحالتين: تشويه الحالة الفلسطينية والقضاء على كينونتها ومستقبلها؛ لذلك يجب على طرفي الانقسام تغليب المصالح العليا للشعب والاستفادة من الثورات الشبابية التي تتدافع في دول الجوار؛ لتغيير الواقع المرير الذي يعصف بالحالة الفلسطينية، والتفرغ مجددا لمواجهة الاحتلال ومخططاته ومشاريعه التصفوية التي تستهدف الوجود الفلسطيني برمته.

 

 

* صحفي فلسطيني مقيم في غزة