خبر قبة حديدية سياسية -هآرتس

الساعة 11:12 ص|31 مارس 2011

قبة حديدية سياسية -هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: يجب على اسرائيل الآن ومن الفور ان تخرج بمبادرة سياسية واقعية لئلا تُحرج في ايلول – تشرين الاول من هذا العام اذا اتجه الفلسطينيون الى الجمعية العامة للامم المتحدة - المصدر).

العنوان على الحائط: توشك 2011 أن تكون 1973 سياسية. ففي ايلول – تشرين الاول ستقرر الجمعية العامة للامم المتحدة انشاء دولة فلسطينية في حدود 1967. وستعترف الجماعة الدولية بالدولة الفلسطينية.

        في تلك اللحظة ستصبح كل شقة اسرائيلية في التلة الفرنسية غير قانونية. وستنقض كل قاعدة عسكرية في الضفة الغربية سيادة دولة مستقلة عضو في الامم المتحدة. ولن يكون الفلسطينيون ملزمين بنزع السلاح والسلام والاعتراف المتبادل الحقيقي والمصالحة على الاراضي. وستكون اسرائيل ملزمة بانهاءا كاملا في الحال للاحتلال. الفرق بين الوضع المعلن في المناطق وبين الوضع بالفعل سينشيء احتكاكا حتميا.

        ستتحول المواجهة سريعا الى مواجهة شعبية. وعندما يستعمل الجيش الاسرائيلي القوة في مواجهة المتظاهرين الفلسطينيين الذين سيسيرون في مسيرات نحو القدس سيتم التنديد باسرائيل. إن حصارا سياسيا من الخارج وانتفاضة مدنية من الداخل سيخنقان اسرائيل بقوة. وسيصبح بنيامين نتنياهو ايضا في 2011 غولدا مئير، ويصبح اهود باراك موشيه ديان. سيتم تذكرهما بأنهما قائدان لم يفعلا شيئا في اللحظة الاخيرة التي كان يمكن فيها فعل شيء. ويتم تذكرهما بأنهما ربانان رأيا الجبل الجليدي وأصرا على الابحار مباشرة نحوه.

        ليس يجب ان تكون عبقريا سياسيا كي تدرك انه يُحتاج الآن الى ضربة ردعية سياسية. ولا يُحتاج ان تكون عبقريا استراتيجيا كي تدرك ان اسرائيل مُجبرة على الخروج بمبادرة تحرق أوراق اللعب الذي توشك ان تخسر فيه. لكن العبقري السياسي نتنياهو والعبقري الاستراتيجي باراك يقفان على متن السفينة مثل مشلولين. يريان جبل الجليد يقترب ولا يفعلان شيئا.

        ما يزال نتنياهو وباراك يرفضان أن يفهما انه لا وقت كما كانت الحال في ربيع 1973، كذلك الحال في ربيع 2011 ايضا. لن يحمي التاريخ من لا يعمل فورا. ولن تغفر اسرائيل لمن لا يسبق الضربة بدواء. تحت هذه السماء الزرقاء؛ ليس الشلل عدم مسؤولية فحسب بل هو جريمة.

        مشكلة: عندما يغلي الشرق الاوسط لا يمكن انهاء الاحتلال بسلام. بل ان يوسي سريد ويوسي بيلين لا يستطيعان فعل ذلك. لكن عندما يغلي الشرق الاوسط لا يوجد أي امكانية ايضا للتمسك بالوضع الراهن. فأفيغدور ليبرمان وموشيه يعلون ايضا لا يستطيعان ضمان الأمن. لكنه إزاء ربيع الشعوب العربي يُحتاج الى تفكير خلاق. وإزاء الربيع الفلسطيني يُحتاج الى مبادرة اسرائيلية واقعية.

        اليكم مثالا لمبادرة: أصبحت اسرائيل تُفرق آخر الامر بين الاحتلال والسلام. واسرائيل عالمة بسبب ذلك بأنه اذا وافق الفلسطينيون على نزع سلاح كامل، واعتراف متبادل حقيقي وتعديلات حدودية كبيرة وانهاء مطلق للصراع – فستنهي الاحتلال بسلام. مع ذلك تعلن اسرائيل بأنه اذا تبين أن الفلسطينيين لا يقبلون هذه الشروط الأساسية الاربعة – فستضطر الى العمل من جانب واحد. في هذه الحالة ايضا ستكون الغاية حاسمة وهي انهاء الاحتلال. لكن الطريق في هذه الحال الى انهاء الاحتلال سيكون طويلا. مع عدم وجود شريك فلسطيني في السلام، سيكون على الاحتلال الاسرائيلي ان يكون حذرا ومتدرجا. وسيكون مصحوبا بالحصول على رعاية ودعم الجماعة الدولية.

        إن مبادرة اسرائيلية واقعية ستنقل الى الفلسطينيين فورا مناطق واسعة في الضفة الغربية مع اخلاء نحو من عشرين مستوطنة معزولة. هكذا سيتم البرهان على جدية اسرائيل ويُتحدى الفلسطينيون. سيمكنهم انشاء دولة على نحو من 70 في المائة من اراضي الضفة الغربية من غير ان يتنازلوا التنازلات العقائدية التي يصعب عليهم فعلها. وسيمكنهم تقديم مسار فياض قبل ان يضطروا الى اتخاذ قرارات تاريخية صعبة.

        لكن هذا غير كاف. يجب على المبادرة الاسرائيلية ان تقترح انسحابا تدريجيا نحو خط الفصل في الضفة، مقابل أن يُعترف بأن الخط حدود مؤقتة بين اسرائيل وفلسطين. يجب ان يكون خط الفصل الحدود حتى انشاء سلام.

        يجوز التفكير ايضا في مبادرات اخرى، لكنه لا يجوز التفكير في عدم مبادرة. إن القبة الحديدية الحقيقية التي تحتاج اليها اسرائيل اليوم هي قبة حديدية سياسية. اذا لم يكن نتنياهو وباراك قادرين على منح اسرائيل قبة حديدية سياسية فعليهما الذهاب. لن ننتظر مرة اخرى كما انتظرنا مع غولدا وديان السادس من تشرين الاول 1973.