خبر هذا ما يصدره « الشباك » -هآرتس

الساعة 11:11 ص|31 مارس 2011

هذا ما يصدره "الشباك" -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: مبلغ ما يسبب "الشباك" من إضرار بدعائم الديمقراطية الاسرائيلية وبصورة اسرائيل في العالم كله - المصدر).

        بشّر تصفيق جمهور الكيرن كييمت بتعيين رئيس "الشباك" التالي – لا ي. ذاك، بل يورام كوهين هذا، وجِد أنت الفروق. قد كتبوا عن القبعة الدينية على رأسه، وعن جماعة ضغط الكُنس والمستوطنات التي عملت على تعيينه، وعن كونه "بطل الاغتيالات" – شرف اسرائيلي كبير – وسيء في العلاقة الانسانية. جرى تصوير كوهين عند خروجه من بيته، ليس بشوشا ولا لطيفا، وهاتفه المحمول مدسوس في حزامه – كل شيء كما ينبغي للمنصب.

        يصعب أن يخطر في بالنا ديمقراطية اخرى تُقطع فيها نشرة الاخبار من اجل تعيين رئيس جهاز الامن. ويصعب ايضا أن نفكر في جمهور آخر يهتف للتعيين. لكن كل شيء يجري هنا كما يناسب المنصب: إن من يتم تعيينه لرئاسة "الشباك" لا يمكن ان يكون شخصا يُحتذى. الحديث عن منصب قاسٍ، لا تستطيع أي بشاشة تغييره. التعيين يستحق قطع نشرة أخبار في اسرائيل لأن "الشباك"، بخلاف أشباهه في الغرب، يتدخل في جميع جوانب حياتنا تقريبا. من بذل تصنيف أمني لعشرات الآلاف من المواطنين حتى الاغتيالات؛ ومن الحراسة المضخمة السخيفة لقادة الدولة حتى تعقب ومطاردة لنشطاء يسار ولمستوطنين؛ ومن تحديد من يدخل أبواب الدولة حتى رأي استشاري فيمن يجوز له أن يستثمر فيها. أصبح عندنا منذ زمن دولة "شباك" كتلك التي تنبأ بها إشعياء ليفوفيتش.

        تبين أن رؤساء "الشباك" في أكثرهم شخصيات رمادية وليس هذا عجبا. فان الذين قضوا أكثر سنواتهم في مواقع "الشباك"، وفي التحقيقات والتعذيب، وتجنيد المتعاونين بوسائل حقيرة، وتعقبات واعتقالات، وبصفتهم موجهين للمغتالين وعملاء الاحتلال، لا يفترض أن يتبينوا باعتبارهم شخصيات مثيرة في المجتمع المدني. حتى إن عذوبة كلام يعقوب بيري ونجاحه الاقتصادي والشعبي لم تستطع أن تمحو ماضيه القاتم. ولا يستطيع حتى "تنظيف الاصطبلات" بعد قضية الخط 300 لا يمكن ان يضمن أن يوجد لنا "شباك" يقول الحقيقة ويحافظ على القانون. فـ "الشباك" ما يزال يُدبر أموره في الظلام.

        تحتاج اسرائيل الى اجهزة أمن ولا يمكن ألا تكون قذرة. المشكلة هي المكان المركزي جدا الذي يتبوؤه "الشباك"، مع قلة الرقابة على افعاله والتيجان التي يضعونها على رأسه. ربما يجب على شخص ما القيام بالعمل القذر، لكن يجب علينا جميعا ان نتذكر مبلغ قذارته وتسبيبه للقذارة.

        لهذا لا يستطيع قادة "الشباك" أن يصبحوا محللين مطلوبين: فعالمهم ضيق مصاب بفصام راسخ وبكراهة موضوعات مطاردتهم واغتيالهم. كذلك لا يعلمون أي ضرر تسبب افعالهم لمكانة اسرائيل الدولية وصورتها. يمكن دائما أن نعد نجاحاتهم، لكن من ذا يعد الاعمال الارهابية التي زُرعت وخاصة بسبب اعمالهم؟ حتى عندما يتوجون قائمة منتَخبين في الكنيست يجب أن نتذكر لهم ماضيهم. هذا هو الثمن الجماهيري الذي كان يجب دفعه على من اختاروا العمل في رأس حربة الاحتلال، والذين أصبحوا في المدة الاخيرة ايضا يُعرضون صورة الدولة الديمقراطية للخطر.

        المسؤولية العليا عن كل اولئك تقع في الحقيقة على منتدبيهم، وعلى من اختاروا الدوام على الاحتلال وعلى من يختارون الآن تقويض دعائم الديمقراطية. لكن "الشباك" هو احيانا عميلهم المخلص، وهو احيانا ذريعتهم المريبة، وهو احيانا من يقودهم الى مناطق الظلام. عندما سمّى يوفال ديسكن مثلا عرب اسرائيل "تهديدا استراتيجيا"، أحل بذلك جميع القوانين غير الديمقراطية عليهم.

        إن هتاف الجمهور في مراسم الكيرن كييمت مع سماع اعلان رئيس الحكومة عن رئيس "الشباك" التالي، كان بطبيعة الامر هتافا فارغا. لا لأنه يمكن ان نفترض أن لا أحد من الجمهور كان يعلم من ذا يتم الحديث عنه، بل وفي الأساس لأنه في اسرائيل المصابة بالعمى يوجد قليلون يفهمون ما الذي يتم الحديث عنه. خرج ديسكن متوجا بالمجد بطبيعة الامر، بل قد يتحدث قريبا ممتدحا تسوية مع الفلسطينيين وربما يفعل مثله يورام كوهين عندما يحين الوقت. لكن ينبغي أن نتذكر أن هؤلاء الناس يرأسون منظمة قوية لا زمام لها وقاسية، تسبب لنا الى جانب فائدتها أضرارا مصيرية.