خبر لمن هذه النكبة- هآرتس

الساعة 09:11 ص|27 مارس 2011

لمن هذه النكبة- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: محاولة الكنيست ان تقتلع بما يُسمى قانون النكبة ذاكرة الفلسطينيين في الداخل المتعلقة بالنكبة التي يراها الكاتب محاولة عقيمة - المصدر).

        "لا أعلم ما هو يوم الارض، ولا أعلم ما هو يوم النكبة، أعلم انه حلّت كارثة بالفلسطينيين. سلبونا الارض ومن اجل هذا نحتفل"، قالت ن.، وهي طالبة جامعية بدوية تشهد بأنها لم تتعلم قط في المدرسة عن النكبة أو عن يوم الارض الذي سيحل هذا الاسبوع. "خافوا في المدرسة الحديث في هذا بصوت مرتفع".

        المدرسة التي تقصدها هي نوع من النكبة ايضا: فثمة مبنيان من الطوب العاري مع غطاء من الصفيح. انها تسكن في "ارض الشتات"، وهذه لغة نظيفة لوصف سلسلة من القرى أو على الأصح مجموعات من المباني المتصلة بالألواح والكرتون والصفيح التي لا تعترف بها حكومة اسرائيل، دون كهرباء وماء جارٍ. الآن وقد أصبحت طالبة جامعية وأما، تُعيد الى جماعتها ما تستطيعه، وهي تُقسّم وقتها بين المعهد والبيت ومشروع "تهيلاه" للعناية بالاولاد البدو الذين تركوا المدارس. ويوجد من هؤلاء كثيرون في النقب.

        هي طالبة جامعية ذكية ذات علم ولا تفهم لماذا تُصر الكنيست على سن قانون النكبة قبل أن يُعلموها أصلا ما هي تلك النكبة. تأتي الى الدرس ومعها كتب بيني موريس عن مشكلة اللاجئين ويوآف غلبر عن الذاكرة والتاريخ. يتناول الجميع مشكلة اللاجئين لكن من وجهة نظر يهودية صهيونية غير اسرائيلية – أي وجهة نظر تهتم، والعياذ بالله، بالذاكرة الفلسطينية للبدو و"اولئك الذين من الشمال"، كما تُسميهم ن.، وهي تقصد الفلسطينيين الاسرائيليين الذين ليسوا بدوا. "انهم في الشمال عانوا أكثر منا. ربما لهذا هم أحسن معرفة بماهية النكبة"، تحاول ان تعلل عدم معرفتها. "لكننا نحن ايضا فقدنا اراضي"، تقول صديقتها س. "لكن اليهود لم يطردونا مثل اولئك الذين في الشمال"، تحاول ن. التفريق بين مأساة ومأساة. "طردونا نحن ايضا"، ترد س. "لنا أقرباء في غزة هربوا في سنة 1948". تصمت ن.

        "عندنا لا يحتفلون بيوم الارض"، تقول ن. "يحتفلون"، تعاند س.، "يغرسون الاشجار وينشدون الاناشيد". "أنت تقصدين يوم غرس اليهود. ليس هذا هو يوم الارض"، تقول ن.، "لا، لا، هذا بالضبط يوم ارضنا، هكذا نتذكر الارض". ترفض ن. كلام س.، ويُصوب سائر الطلاب البدو نظرهم ويصمتون. فهم ايضا لا يعلمون من يؤيدون. ربما يحسم المحاضر الأمر.

        "الاولاد عندنا يعلمون ما هو يوم الارض، لكنهم لا يتعلمون عنه في المدرسة. انهم يعلمون من الآباء ومن البيت. ما نعرفه يعرفونه"، يقول ع. من رهط. "توجد جمعيات ايضا يأتي نشطاؤها ويُبينون. يُرون الاولاد صور قرى كانت ولم تعد موجودة، ويُبينون لهم شيئا ما على الخريطة أين كانت هذه القرية وأين تلك الاخرى. لكنهم صغار ما زالوا لا يفهمون الخرائط. وعلى العموم في اللحظة التي يبدأون فيها الحديث الى الاولاد أين توجد قرى الفلسطينيين التي اختفت يكفون عن الاهتمام. ما لا يتعلق بالبدو لا يعنيهم".

        يُذكرني هذا الامر بأحاديث كانت لي مع أكراد في تركيا. لم يدعهم النظام هناك ايضا يتذكرون. كانت اللغة الكردية ممنوعا دراستها وكانت ايام الأعياد الكردية دائما – وما تزال – ايام إنذار بعمليات ارهابية. "نحن ننقش تاريخنا ولغتنا في رؤوس الاولاد"، قال لي مواطن كردي من مدينة ديار بكر. "هكذا يتعلمون ايضا تاريخهم كما لا يستطيع أي معلم تركي أن يعلمه. وهكذا يتعلمون دائما عن المظلمة التركية ويتبنون كراهية من يسلبهم ثقافتهم".

        إن ع. من رهط لا يعرف تاريخه حقا. تهربت الخطة الدراسية الاسرائيلية من التاريخ الفلسطيني وسيحاول قانون النكبة الآن ايضا أن يدفن في الرمل بقايا الذاكرة. لكن ع. و س. و ن. لا ينوون التنازل. لان من أراد أن يمحو لهم النكبة، وينقض ايام الذاكرة الفلسطينية، ويطمس على يوم الارض سيحصل على ذلك عميقا داخل الذاكرة. مع كل الأخطاء والتشويه والكراهية لمن يريد أن يقتلع الذاكرة. وربما يجب على من أراد اقتلاع ذاكرة النكبة ايضا أن يُحرق كتب باحثين اسرائيليين يكتبون عنها، وهكذا لن يكون للفلسطينيين ما يدرسون.