خبر يوم 30 آذار وتوزيع الأدوار.. صلاح الوادية

الساعة 11:25 ص|26 مارس 2011

يوم 30 آذار وتوزيع الأدوار.. صلاح الوادية

 

اعتبر البعض يوم 15 آذار فشل ذريع للحراك الشعبي المطالب بإنهاء الانقسام بسبب ما تعرضت له التظاهرات من خطف وتلوين وقمع واعتقال وتفريق, كيف ذلك وقد تعرضت من قبل الثورة المصرية إلى كل أشكال القمع والالتفاف على الإعلام وخلط الجماهير وخلق أجسام شعبوية مضادة وميدان مصطفى محمود مقابل ميدان التحرير وموقعة الجمل وقتل المئات كل ذلك لم يفشل الثورة بل زاد من توقدها ودفعها إلى الأمام وفضح الوجه الزائف لقامعي الثورة، وبالعودة إلى الثورة التونسية نرى أن كل أحداث الترهيب والتخويف والقتل والقمع لم تستطع وأد الثورة بل سارعت في نهاية الدكتاتور, وما أصدق من الثورة الليبية فالقذافي استخدم ضد المتظاهرين جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والدبابات والمدفعية وقصف الطيران ورغم ذلك الثورة تكبر كل يوم وهو يصغر ويتراجع وينحني, طبعا اليمن والقتل اليومي وسورية والقتل في المساجد هذا كله لا يعني شيء أمام اقتناع المواطن العربي بضرورة تحقيق رغباته وتلبية طموحاته وسحق الظلم والقهر وإنهاء عقود من الاستبداد والظلم.

 

القوة لا تعني للفلسطيني شيء ولا تستطيع أن ترغمه على التراجع ولا لون الدماء تخيفه ولا المعتقلات قد تغير وجهته, ربما تثـقل الهمم وتحبط الرجال ولكن لا يأخذ اليأس منه مأخذه, لذلك كان 15 آذار بداية قوية كشفت نوايا البعض وحجمهم أيضا، ووضح الشباب الحر لمثبطي الهمم وللمحبطين أنه ما زال بإمكانهم أن يقوموا من ردمهم ويقولوا لا ... لا للانقسام ... لا للانقسام.

 

كانت دعوة الأخ إسماعيل هنية للأخ أبو مازن لزيارة غزة النتيجة الطيبة والمرجوة من تظاهرات 15 آذار, وأثلجت صدور الراغبين والمنادين بإنهاء الانقسام, وما أجمل من الدعوة إلا الرد عليها حيث رحب الأخ أبو مازن بالدعوة ووافق عليها وخرج بمبادرة جديدة تتضمن حكومة تكنوقراط, وسرعان ما بدأ الزجال والتصريحات المشككة في نية الأخ أبو مازن وقفزه على الحوار واستباق التفاهمات بحكومة مستقلين, وكأننا لم نتحاور على مدار ثلاث سنوات, ثم أعلنت حماس عن عدم موافقتها على دخول الوفد الأمني والإداري الذي سيمهد الطريق لزيارة الرئيس لغزة وانتشرت أقوال وأخبار على الشبكة العنكبوتية عن خلافات داخل حركة حماس حول مبادرة الأخ أبو مازن, ولكننا لم نسمع من يعترض على المبادرة من داخل حركة فتح أو أي من قيادات فتح تشكك في نوايا الأخ إسماعيل هنية, هذا معناه واضح وجلي للجميع وهذه الأحداث تبين للجميع من هو الطرف الذي لا يرغب في إنهاء الانقسام طبعا مشهد الكتيبة وقمع المتظاهرين يقابله مشهد المنارة وعشاء أبو مازن, هل هناك مشهد أوضح من ذلك ؟.

 

إسرائيل بدورها لم تستطيع الصمت وعدم التدخل فهي أعلنت أن أبو مازن لا يريد السلام مع إسرائيل إنما يريد السلام مع حماس (تسقط إسرائيل وتشبيهاتها فرغم كل شيء حماس غرس وطني أصيل لا يوجد بينها وبين فتح سوى خلافات إخوة وان كبرت), ولم تكتفي إسرائيل بذلك وإنما بدأت بقصف قطاع غزة متعللة بسقوط صواريخ فلسطينية على أراضيها وصعدت من وتيرة قصفها لتسقط مجموعة من الشهداء منهم أطفال وشيوخ, وجاء رد المقاومة في الداخل الإسرائيلي بعملية تفجير عن بعد قتل فيها امرأة وأصيب ثلاثون آخرون, طبعا إسرائيل قالت سترد بقوة وسوف تقصف جوا ولن تتوغل.

 

إذن إسرائيل شعرت بقرب موعد انتهاء الانقسام التي هي أكثر الأطراف استفادة منه, ما دفعها إلى العمل بكل جهد لسرقة الأضواء وإلهاء الناس عن المطالبة بإنهاء الانقسام وجر الفصائل الفلسطينية إلى إطلاق الصواريخ لتكون ذريعة لتكثيف القصف والعمليات العسكرية, أما إن صدقت الرواية الإسرائيلية وكانت الفصائل الفلسطينية هي من بدأت بإطلاق الصواريخ فهناك حديث طويل وعلامة استفهام كبيرة حول توقيت هذا الإطلاق الذي يستهدف إسقاط احتمالات زيارة أبو مازن لغزة, وبالتالي إفشال فرص إنهاء الانقسام.

 

حتى الشهيد طاله الانقسام, فالشهيد ياسر الحلو (أبو عاهد) الذي استشهد هو وحفيده وابن أخيه رحمهم الله، ينتمي لحركة فتح وعندما شرعوا أهله ومحبيه بإقامة بيت العزاء جاءهم إخوان من حركة حماس لتبني الشهيد وأخذ بيت عزاءه فرفض الأهل لا من أجل الرفض ولكن لأن الشهيد ليس من حماس والأولى أن من يأخذ عزاءه هي فتح, على أثر ذلك أخبر عناصر حماس أهل الشهيد بأنها لن تسمح لحركة فتح بأن تأخذ العزاء ولن تسمح لفتح برفع راية واحدة وبأن ذلك محظور عليها في غزة, ونِعم التعددية السياسية ونِعم الثقافة الوطنية, الظلم لا يولد إلا الظلم ولو كان الشيخ الجليل أحمد ياسين هو من يحكم غزة اليوم لحكم بمحبة وود ورأفة بالناس حتى بأبناء حركة فتح, رحم الله الكبار وهدى من سار على دربهم وخلفهم.

 

 

لم أستطع التحدث عن 30 آذار دون تلك التوطئة وذلك لاستبيان الأحداث وإيضاحها, لأننا نريد أن يكون 30 آذار مختلف عن 15 آذار نريده أن يكون يوم للحب والتسامح لا للقمع والترهيب, يوم وحدة وطنية ورفع العلم الفلسطيني لا يوم للفئوية ورفع الرايات الحزبية, يجب على شباب فلسطين جميعا بمختلف انتماءاتهم السياسية وتفاوت هممهم وعزائمهم أن يشاركوا في تظاهرات إنهاء الانقسام لا المشاركة عن بعد أو المتابعة عبر وسائل الإعلام, هذا يوم الجميع ليس حكرا على أحد ولن يكون هكذا, كل يوم يُنادى فيه بإنهاء الانقسام هو يوم وطني يجب الاعتزاز به واعتباره ملكا للجميع لذلك أي شخص يقول لا علاقة لي عليه أن يخجل من نفسه من أمه من أبناءه من زوجته وبدل أن يجلس في البيت خوفا من أن يمسه ضرر عليه أن ينزل إلى الشارع ليدرء الضرر عن غيره وليكمل المشهد، فالصورة الفلسطينية لا تكتمل وتزداد جمالا إلا إذا كان ظاهر فيها كل فلسطيني.

 

أوجه دعوة إلى الفصائل الفلسطينية الحرة الشريفة التي لا بد لتاريخها النضالي أن يمنعها من دفن رأسها بالرمل ولعب دور المتفرج في مرحلة من أشد المراحل التي مرت على القضية الفلسطينية خطورة، أدعو تحديدا حركة الجهاد الإسلامي التي أعلم جيدا مدى سخطها على الانقسام أن تشارك بشكل رسمي في تظاهرات إنهاء الانقسام، يجب على الجهاد الإسلامي أن يحترم تاريخه ويلعب دور حقيقي في إنهاء الانقسام، أستغرب بشدة من هذا الصمت غير المبرر وهذا التراجع غير المعلن الذي لا يروق حتى لأبناء الجهاد ذاتهم، أدعوكم للخروج يوم 30 آذار بكل ثقلكم إلى جانب الشباب لرفع معنوياتهم وحمايتهم فأنتم مؤثرين حتى وإن لم يعجب البعض وإن استخف البعض وإن كنتم أنتم لا تعلمون، ونشد على أيدي وفدكم المتمثل في الأخ محمد الهندي والأخ نافذ عزام وأتمنى أن تتكلل مساعيهم لإنهاء الانقسام بالنجاح ونحن خلفهم.

 

كما أتوجه بالدعوة إلى فصائل منظمة التحرير الذين لم يتوانوا عن المشاركة في تظاهرات 15 آذار أن يكثفوا تواجدهم بين الشباب وأن يقوموا بدور يتناسب مع حجمهم الطبيعي، إن الدعوة موجهة لكل فصيل ومؤسسة وفرد فلسطيني لنسقط الانقسام الذي اغتصب أحلامنا واحتل بيوتنا وقزم طموحاتنا.

 

إخواني المنقسمين من يرغب منكم ومن لم يرغب في إنهاء الانقسام، إن الانقسام سينتهي برغبتكم أو بدونها، سينتهي اليوم أو ربما ينتهي غدا ولكنه سينتهي ولا بد من عودة الأوضاع إلى أصلها، والأصل هو الوحدة الوطنية لا التشرذم والانقسام والكيانات الزائلة، لذلك اعملوا على أن ينتهي الانقسام تحت عباءتكم قبل أن تفقدوا السيطرة وقبل أن تخرج الأمور عن إرادتكم، وتتبدل مطالب الجماهير من إنهاء الانقسام إلى المطالبة بإسقاطكم.