خبر هل تغزو« إسرائيل » غزة بعد تفجير القدس وصواريخ جراد ؟

الساعة 04:10 م|24 مارس 2011

هل تغزو"إسرائيل" غزة بعد تفجير القدس وصواريخ جراد ؟

كتب - محمد جمال عرفة:

برغم التهديدات الصهيونية المتصاعدة بقرب غزو عسكري جديد لغزة علي غرار العدوان الأخير في ديسمبر 2009 الذي أودي بحياة أكثر من 1323 وأصاب 5 ألاف واستخدمت فيه قنابل الفسفور

 

والأعماق وكل الاسلحة المحرمة دوليا، وذلك ردا علي تفجير القدس– الأول من نوعه منذ 7 سنوات – وعلي استمرار سقوط الصواريخ والقذائف الفلسطينية من غزة على المستوطنات الاسرائيلية، فلا يزال هناك تردد كبير من جانب حكومة نتنياهو في تنفيذ محرقة أخرى في غزة لأسباب عديدة تتعلق بالتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم .

سلبيات الغزو

 

فأي غزو جديد في ظل الثورات الشعبية التي أندلعت في العديد من العواصم العربية (وكان أحد أسباب غضبها هو التطبيع مع تل ابيب ومشاركة الأنظمة السابقة في حصار غزة ) بات أمرا معرقلا للخطط الصهيونية ويضع اسرائيل في مواجهة مباشرة مع الجماهير الغاضبة والحكومات العربية الجديدة التي باتت – لأول مرة بعد الثورات – تستمد شرعيتها من الشعب وتنفذ رغباته ما يتوقع معه صدور ردود أفعال عربية أكثر عنفا اقلها ربما طرد سفراء اسرائيل وسحب سفراء مصر والاردن ، وربما توافد مجاهدين علي غزة عبر رفح .

 

وأي غزو جديد معناه إعطاء زخم كبير ومكسب للحملة التي تعاني منها تل ابيب حاليا والمسماة (حملة نزع الشرعية عن اسرائيل) والتي تعتبر اسرائيل دولة مارقة عن القانون الدولي وتدعو لطردها من الأمم المتحدة وعقابها ، ومقاطعتها دوليا ومحاكمة زعماءها بتهمة إرتكاب جرائم حرب.

 

من الاسباب الاخري المانعة لأي غزو جديد هو قرب انطلاق حملة ثانية لإغاثة غزة يوم 15 مايو المقبل ستقوم بها سفن تركية ونشطاء أوروبيين ومحاولات تل ابيب منعها دبلوماسيا خشية تكرار مأساة السفينة التركية (مرمرة) التي قتل فيها 9 أتراك علي أيدي الجيش الصهيوني وأدت لتدهور سمعة تل ابيب دوليا.

 

كما أن أي غزو جديد لغزة قد يفتح الباب أمام الحرب الموسعة المنتظرة في المنطقة العربية ليس مع حزب الله أيضا وحده وإنما ربما سوريا ومصر نفسها التي من غير المتوقع أن تتبع نفس النهج الصامت المتواطئ كما كان يحدث في ظل نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

 

ولهذا لوحظ أن تهديد نتنياهو، بشن سلسلة عمليات عسكرية "حازمة" تستهدف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وبشكل خاص حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ردًا على القذائف الصاروخية التي تطلق باتجاه أهداف إسرائيلية داخل فلسطين 48، اتبعه تأكيده : (لن ننجر إلى عملية عسكرية واسعة النطاق تؤدي إلى التصعيد في المنطقة) .ولا يعني هذا أن نتنياهو لا يرغب في غزو غزة وتدمير حركة حماس ، إذ أن هناك مبررات كثيرة تدفعه لهذا : (أولها) رغبته في الهروب من استحقاقات مفاوضات السلام بالحرب و(ثانيها) تنشيط شعبيته بين الاسرائيليين بعدما تدهورت مؤخرا ، و(ثالثها) الهروب من ضغوط شركاءه في الحكومة من الأحزاب الدينية المتطرفة .فالعملية التي وقعت في القدس كانت قريبة جدا (3 كيلومتر) من مقرات وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء والمصرف المركزي ، وكانت موقوتة عن بعد ، ما يشير لتطور جديد في عمل المقاومة الفلسطينية – لو كانت المقاومة هي المسئولة عن ذلك ، وبرغم أنها قتلت مستوطنة يهودية، وأصابت تسعة وثلاثين.

 

خطر الصواريخ أكبر

 

وليس صحيحا أن مبررات هذا الغزو ستكون هي تفجير القدس فقط ، وإنما خطر الصواريخ والقذائف التي أنهمرت علي المدن الاسرائيلية مؤخرا مع تصاعد العدوان الصهيوني علي غزة لحد قتل 9 فلسطينيين في قصف بالدبابات.

 

فوفقا للشرطة الإسرائيلية أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلال الأيام الأربعة الماضية 69 قذيفة صاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية بجنوب الأراضي المحتلّة عام 1948 ، وأنها أسفرت عن إصابة 41 إسرائيليًا بأضرار جسدية ونفسية .كما أصيب 26 إسرائيلياً بجروح، جراء سقوط صاروخين من نوع "غراد" في محيط مدينة بئر السبع (داخل الأراضي المحتلة عام 1948) يوم 23 مارس الجاري ، ما يعني أن 450 صاروخًا فلسطينيًا سقط على المناطق الجنوبية لفلسطيني 48، منذ انتهاء الحرب على قطاع غزة بداية عام 2009 .ولهذا هدّد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، سيلفان شالوم، بشن عدوان عسكري جديد واسع النطاق على قطاع غزة، لغايات "إسقاط" حكم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في حال استمرار الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية على إسرائيل"، فيما دعا خبراء صهاينة حكومتهم لعدم ضرب غزة خشية تضرر تل ابيب من اثار ذلك .حيث حذرت صحيفة هآرتس العبرية من إن لجوء الحكومة الإسرائيلية إلى خيار تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، سيقود إسرائيل إلى عزلة دولية أكبر ، وقالت: "لقد أثبتت الأحداث التي وقعت في الأيام القليلة الماضية أنه لا يوجد علاج سحري لما يطلق من صواريخ من غزة؛ وحتى عملية صب الرصاص لم تحقق ردعاُ طويل الأمد، وليس هنالك سبب للاعتقاد بأن عملية أخرى من النوع نفسه ستكون أكثر نجاحاً" .وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها التي حملت عنوان "لا لعملية صب الرصاص رقم 2" إلى أن الوضع الدبلوماسي لإسرائيل مختلف تمامًا عما كان عليه قبل سنتين، فهي تعاني الآن من عزلة دولية بسبب رفصها القيام بتسوية مع الجانب الفلسطيني وإصرارها على توسيع المستوطنات.

 

والانجرار إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، كاستجابة للضغوط التي يمارسها من ينادون بإظهار رد قاسٍ؛ أي عملية صب الرصاص رقم (2)، "سيقود إسرائيل إلى تعقيدات وإدانات وعزلة أكبر"" ، فإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لن تؤيد استخدام القوة الوحشية في بيئة مدنية بالطريقة التي قامت بها سابقتها، ولا يمكن لإسرائيل أن تعتمد على دعم الحكومات العربية الذي توفر لها في الماضي"، على حد قولها.

 

والأهم أن رد الفعل المصري والعربي لو حدث مثل هذا العدوان سيكون مختلفا عن ذي قبل ، وقد ظهر هذا في تحذير وزير الخارجية المصري د. نبيل العربي من مخاطر التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين مؤكدا أن تصاعد العنف لن يكون في مصلحة أي من الطرفين أو السلام والاستقرار .

 

ولأول مرة تصدر تصريحات مصرية من نبيل العربي تحذر إسرائيل من الاندفاع إلى عملية عسكرية في غزة "لن تؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان والتوتر" ، وقوله "أنه لا يجب أن يُعطِي أحد الذريعة لإسرائيل لممارسة العنف ".

 

السبب الأول والأهم الذي يكبل يد الارهابي نتنياهو عن تكرر محرقة ثالثة جديد في غزة – بعد (المحرقة الأولي) في 28 فبراير الماضي 2008 و(المحرقة الثانية) في ديسمبر 2009 ، هو الثورات العربية التي اعتبرها وزير الدفاع باراك "زلزال" و"تسونامي" يهدد اسرائيل ، وخشية تل ابيب من وقوف كل الشعوب العربية مع غزة بعد غياب الأنظمة العميلة لتل ابيب ، ولهذا فأقصي ما يقدر عليه نتنياهو هو ضربات جوية عنيفة وقتل قيادات من حماس ، أما أكثر من هذا فمعناه انتحار سياسي لنتنياهو واسرائيل .