خبر حتى ولا كلمة ندم -هآرتس

الساعة 11:22 ص|23 مارس 2011

حتى ولا كلمة ندم -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: برغم صدور قرار الحكم أمس على قصاب لم تصدر عنه كلمة ندم واحدة عما جرّت يداه - المصدر).

        تكون لحظة قراءة قرار الحكم على شخص ما لحظة تثير الشفقة؛ لكن موشيه قصاب لم يُثر أمس أي شفقة. حين قراءة بت الحكم خاصة قبل نحو من ثلاثة اشهر، أشفقت قليلا عليه فقد جلس آنذاك وحده في مقعد المتهمين، يحتسي الماء صامتا، ووجهه شاحب منطويا على نفسه وعلى مصيره. أمس لم يكن ماء ولا صمت ولا شفقة. اندفع قصاب عدة مرات بالكلام نحو القضاة، جاعلا نفسه درايفوس، وشبّه محاكمته بـ "محاكمة بلشفية"؛ ولم تكن له، أي للمسكين، فرصة مناسبة للدفاع عن نفسه كما زعم، ولا للمجيء بشهود ولا لعرض أدلة. "محاكمة كاذبة"، صرخ، معارضا نشر قرار الحكم عليه وكأنه لم يغتصب ولم يتحرش.

        دخل القاعة محاطا برجال عائلته الذين وقفوا دقائق طويلة في دائرة شبه مسرحية حوله، يحمون العزيز عليهم كما يحمي الحراس رئيس دولة. في هذه العائلة، والحاشية من كريات ملاخي، تبين انه لا توجد نساء. فاما ان مكانهن ليس هنا وإما انهن لا يخرجن للدفاع عنه – مجموعة الرجال فقط وهم نحو من عشرين، نظراتهم كئيبة قاسية، وأكثرهم يضعون على رؤوسهم القبعات الدينية، أحاطوا به في دائرة، يهمسون من آن لآخر بعضهم لبعض. ومرة اخرى كان مطلب ألا تصوروه في مقعد المتهمين. انتظر قصاب خروج آلات التصوير، حتى يقعد في مكانه المناسب له، وكأن الامر يُغير شيئا ما بالنسبة له. لم تكن أي كلمة اعتذار بطبيعة الامر ولا ايماءة الى اعتراف ولا حديث عن الندم – فقد قال انه حتى "الفتيات" يعلمن أنهن كذبن.

        أنصت الى قرار الحكم عن رأي الاكثرية في صمت مع صيحة في المنتصف واحدة: "لم أُقدم أنا الاستئنافات الى محكمة العدل العليا"، ونهض من مكانه مرتين فقط ليهمس بشيء ما في أذن محاميه، تسيون أمير، متجاهلا على عمد القاضي جورج قرا الذي بت الحكم عليه في هدوء، وتمهل وصرامة. لكن عندما بدأت قاضية رأي الأقلية، يهوديت شيفح، تنقض على نحو فاضح على الصحافة والمتظاهرات والمستشار القانوني للحكومة – وهذا بالضبط ما يعوز اسرائيل الآن، قاضية تنقض على الصحافة وعلى المتظاهرات – شعر قصاب بالدعم له وبدأ يصرخ: "انتصر الكذب يا تسيون" – متوجها الى محاميه؛ "جعلتم التآمر ينتصر" – متوجها الى القضاة؛ "انهم مخطئون، كل ذلك كذب"، متوجها الى ابنه الذي اقترب اليه في منتصف تلاوة رأي الأقلية وحظي بمطر من قُبل أب مُجرّم، قُبلة ثم قُبلة بقوة كبيرة.

        ما كان كلام القاضية شيفح ليُخجل أي خطبة غوغائية في الميادين: "اذا لم يكن المتهم أهلا لرحمة المحكمة، فان الشعب في اسرائيل الذي كان المتهم رئيسه، أهل وأهل. يُزال العار ويأتي الخلاص صهيون"، قالت من عرّفت قصاب بأنه ضحية "محاكمة ميدانية" ولهذا طلبت التخفيف (جدا) من عقوبته. ينبغي ان نقول للقاضية شيفح: الصحافة أدت دورها، ومثلها النساء المتظاهرات ايضا. ما كان يفترض ان يؤثر ذلك في المحكمة اذا كانت محكمة. فهذا مصير رجل حياة عامة منحه المجتمع مدة سنين طائفة من الامتيازات والاحسانات ويشتد عليه اذا زلّ.

        آنذاك نهض أحد اخوة الرئيس السابق وصرخ بفظاظة بـ قرا: "كُف عن الابتسام من تحت الشارب". ليس لقرا شارب برغم انه عربي، ولم يبتسم ايضا اذا كنت قد أحسنت النظر. تجاهل قرا الملاحظة، ولو كان شخص ما آخر انقض على هذا النحو على المحكمة لأُخرج من القاعة. تبين أمس أن قرا قاض مدهش يثير الاحترام. الجملة الافتتاحية في قرار حكمه: "نفذ المتهم الافعال مثل كل الناس – وعليه ككل الناس تحمل عقوبته"، تستحق دخول تاريخ القضاء في اسرائيل.

        بعد ذلك بدأت المساومة في موعد تنفيذ قرار الحكم. بعد ثلاثين يوما أو بعد خمسة واربعين يوما بسبب عيد الفصح. فتحوا دفاتر اليوميات وسجلوا بلا أي شماتة: الثامن من أيار 2011 – سيكون قصاب في السجن.

        أمس قال الجميع، من رئيس الدولة الحالي فنازلا ان هذا "يوم محزن". كلا، لم يكن أمس يوما محزنا – اليوم المحزن حقا والايام (والليالي) المحزنة كانت تلك التي كان فيها وزير السياحة ووزير النقل العام ورئيس الدولة وتحرش ومد يديه واغتصب. ضجة أخيرة قبل الخروج: الاخوة والأبناء يُدفعون ويَدفعون رجال الأمن. وقال قصاب بصوت مختنق للمسؤول عن حراسة المحكمة: "هو يمس بأبنائي". لكنه بُيّن أمس (تقريبا) نهائيا ان الذي مس بالأبناء وبـ "الفتيات" هو الرئيس الثامن لدولة اسرائيل الذي سيدخل كما يبدو في الثامن من أيار السجن جراء جرائم جنسية خطيرة.