خبر ألمانيا على الجدار- يديعوت

الساعة 09:28 ص|22 مارس 2011

ألمانيا على الجدار- يديعوت

ومن لم يأتِ الى ليبيا

بقلم: الداد باك

برلين. عشرات المنفيين الليبيين، من معارضي نظام حكم معمر القذافي، وقفوا في نهاية الاسبوع في ميدان اديناور في برلين في مظاهرة احتجاج صاخبة. الشعارات على ألسنتهم واليافطات في أياديهم هاجموا بذات الحدة نظام الطغيان الاجرامي "لملك الملوك" الليبي والحكومة الالمانية. "هل دمنا أقل أهمية من جارتكم؟"، سأل متظاهرون وهم يلوحون بيافطات لصور تقطر منها الدماء للمستشارة ووزير خارجيتها وهما يصافحان "الجزار المجنون من طرابلس".

والسبب هو قرار ألمانيا الامتناع عن التصويت في مجلس الامن في الامم المتحدة لفرض عقوبات عسكرية من الاسرة الدولية على القذافي – خلافا لموقف الحلفاء المقربين من برلين: واشنطن، باريس ولندن.  على مسافة غير بعيدة من هناك، في مركز المؤتمرات، أثارت مريم رجوي، الزعيمة المنفية لمنظمة المعارضة "العصيان الوطني في ايران" حماسة عشرات الاف مؤيديها في خطاب هاجمت فيه هي ايضا المانيا على مواصلة التجارة مع شركات ايرانية، يسيطر عليها "حراس الثورة" في ظل تجاوز العقوبات الاقتصادية الدولية على طهران، ولكن ايضا على رفض برلين تأييد قرار مجلس الامن الرامي الى "حماية الشعب الليبي".

في الداخل أيضا اضطرت انجيلا ماركيل وجويدو فاسترافلا الى التصدي لانتقاد لاذع للخطوة الغريبة في الامم المتحدة. وجاء الانتقاد من كل اطراف الطيف السياسي. نشطاء محافظون ومكافحين في سبيل حقوق الانسان من اليسار ذهلوا في ضوء الخطوة المتزلفة لحكومة اليمين – الوسط والرامية – برأي كل المحللين – الى ارضاء الرأي العام، الذي يرفض في معظمه كل تدخل عسكري، عشية سلسلة الانتخابات اللوائية المصيرية لماركيل وشركائها الائتلافيين.

مقلق جدا أن الحكومة الالمانية بالذات والتي يفترض بها أن تبدي حساسية شديدة لمسألة حماية حقوق الانسان والوقوف في رأس معسكر المكافحين من أجل القيادة الديمقراطية والحرية تجلس على الجدار حين يدور الحديث عن تدخل عسكري دولي لانهاء نظام دموي لزعيم مجنون. التفسيرات الرسمية، والتي تفيد بان ألمانيا لا يمكنها أن تشارك في أعمال عسكرية اخرى، تبدو سخيفة.

لقد كانت ألمانيا مرتبطة لزمن طويل جدا وبشكل وثيق جدا بنظام الطغيان للقذافي وابناء عائلته. ولي عهد القذافي، الابن المحبوب سيف الاسلام، كان ضيف شرف مرغوب فيه في أحداث رسمية ولقاءات سرية. الاستخبارات الالمانية أقامت معه ومع رجاله علاقات خاصة. والنيابة امتنعت عن تقديم ابن آخر للقذافي الى المحاكمة على جرائم خطيرة كان مشاركا فيها، بما فيها التجارة بالسلاح والمخدرات. وقبل بضعة ايام فقط اُعلن عنه "شخصية غير مرغوب فيها" في المانيا. المستشارة الالماني السابق، الاشتراكي جيرهارد شرودر كان مسؤولا في فترة ولايته وبعدها عن تطوير الاعمال التجارية مع ليبيا وتدريب أجهزة أمن القذافي. وهذا هو مجرد طرف الجبل الجليدي فقط.

مقلق جدا أيضا ان بالذات الحكومة الالمانية الاولى التي تسمح لنفسها بالمواجهة بشكل مفتوح وعلني، وإن لم يكن مبررا – مع حكومة اسرائيل تكتفي فقط بالتنديدات اللفظية وليس بالافعال ضد أنظمة الظلام في الشرق الاوسط. هنا أيضا يبدو أن الحكومة الالمانية تتوجه نحو التزلف للناس وتخضع للرأي العام المناهض لاسرائيل ولضغوط مجموعات مؤيدة للعرب. وبينما تهاجم المستشارة ماركيل نتنياهو في كل مناسبة، لم تجد ضرورة لشجب ذبح أبناء عائلة بوغل في بلدة ايتمار.

الوضع السياسي لماركيل وحكومتها صعب للغاية هذه الايام. الاستطلاعات وامزجة الرأي العام الهستيرية والمفعمة بالاراء المسبقة لن توفر مخرجا للورطة بل تمسكا بالمبادىء.