خبر تدخل مع مصالح- هآرتس

الساعة 09:25 ص|22 مارس 2011

تدخل مع مصالح- هآرتس

بقلم: يحزقيل درور

(المضمون: قد يكون التدخل الغربي في ليبيا في غير مصلحة الغرب نفسه وغير مصلحة اسرائيل - المصدر).

        تدخل الغرب بالقوة في ليبيا يستحق في ظاهر الامر المديح من كل باحث عن الحرية وحقوق الانسان. لكن الفحص العميق يثير تساؤلات تتعلق بقيمية هذا التدخل ونتائجه المتوقعة. ينبع التأييد الاوروبي للعملية في جزء منه من التزام القيم الانسانية. لكن عدم وجود جهد جدي لمنع اعمال ذبح واغتصاب جماعية في بلدان اخرى في افريقيا السوداء، يثير شكوكا في شأن طهارة بواعث التدخل في ليبيا. لاوروبا مصلحة أنانية في جعل ليبيا مستقرة لمنع اغراقها بلاجئين غير مرغوب فيهم. كذلك اعتبارات النفط تلعب دورا. والى ذلك فان العملية القوية "رخيصة"، لانه ليس في استعمال الطائرات والصواريخ أي تعريض لجنود الغرب للخطر.

        إن وزن مصالح السياسة الواقعية في قرار التدخل في ليبيا لا يغيب عن نظر العرب المسلمين. لا يوجد في مشاركة قوى عربية اذا وجدت ما يؤثر في الرأي السائد عند اجزاء كبيرة من العالم العربي – الاسلامي، أن الحديث بقدر كبير عن عدوان استعماري جديد. وسيقوى هذا التصور ازاء عدم وجود عملية غربية على زعماء في دول عربية اخرى يقمعون "تمردا مدنيا"، حينما يكون للغرب مصلحة في استمرار الحكم القائم أو اذا كان التدخل سيجبي ثمنا دمويا باهظا.

        فيما يتعلق بالنتائج ليس من المؤكد ان تصبح ليبيا دولة ديمقراطية هادئة. إن سابقة التدخل العنيف في ليبيا لن تردع حكاما آخرين عن قمع تمردات بالقوة اذا لم تكن الاصلاحات التي يقترحونها كافية. وبخاصة في دول لن يتدخل الغرب فيها باستثناء مواعظ غير حقيقية.

        مع ذلك قد تشجع العملية في ليبيا انتفاضات في دول اخرى عربية وغيرها، بل قد تُعجل بالاصلاحات. لا يمكن ان نتنبأ سلفا بنتائج هذه التطورات، باستثناء مسار واضح لازدياد الطاقة الاجتماعية في الدول العربية. لكن تدخل الغرب في ليبيا قد يوجه هذه الطاقة بسهولة لمواجهة الغرب. اذا أُلصق بالتدخل الغربي صورة الاستعمار الجديد ونُسب اليه طموح أن يفرض قيمه على بلدان اسلامية فان ازدياد الارهاب المعادي للغرب هو امكانية معقولة.

        وأخطر من ذلك بأضعاف مضاعفة الدرس الذي قد يستخلصه الحكام العرب وهو انهم يحتاجون الى سلاح يردع الغرب عن التدخل في شؤونهم. من المؤكد ان القذافي نادم لانه تخلى عن الخيار الذري. فلو كان يملك سلاحا يقتل الجموع أو على الأقل تصور بأنه ربما يملك مثل هذا السلاح، فمن المشكوك فيه ان يتدخل الغرب مستعملا القوة عليه، مهما تكن أفعاله في ليبيا فتاكة ما لم يهدد الغرب مباشرة.

        ولن يكرر آخرون خطأه. إن العملية على القذافي ستزيد في تصميم ايران على تطوير سلاح ذري. وسيستخلص حكام آخرون دروسا من كوريا الشمالية ايضا التي يعزز سلاحها الذري نظامها الديكتاتوري في مواجهة تدخل بالقوة من الخارج.

        كان الوضع سيكون مختلفا لو ان العملية على القذافي كانت تبشر بنظام عالمي جديد تتدخل فيه القوى الرئيسة بالقوة ايضا فيما يجري في دول اخرى لمنع قتل الجماهير وتطوير سلاح يقتل الجموع والدفع قُدما بحقوق الانسان. لاسرائيل اهتمام كبير بنظام عالمي كهذا، يلائم قيم اليهودية ويضمن أمنها ولو كان ثمن ذلك تسويات سلمية لا ترضيها رضى كاملا. لكنه لا احتمال في المرحلة الحالية لنظام عالمي جديد. لهذا فان عملية الغرب على القذافي قد تُحدث من الضرر أكثر من الفائدة.

        ستُحسن اسرائيل الصنع اذا لم تتخذ موقفا. فلا مكان لمناصرة القذافي، لكنه ليس واضحا هل سيكون من سيأتون مكانه أقل عداءً. إن اصرار ايران الزائد على تطوير سلاح ذري سيء لاسرائيل بيقين. وكذلك الطاقة الاجتماعية الطاغية في المجتمعات العربية التي هي نتاج المظاهرات و"اعمال الشارع" على اختلافها، قد تعمل في غير مصلحة اسرائيل اذا لم نُحدث تحولا حادا للسياسة باتجاه تقديم التسوية السلمية الاقليمية الشاملة.